يتوقع المحللون في السوق والاقتصاديون والاستراتيجيون في البنوك الاستثمارية الكبرى وشركات الاستشارات المالية أن تواصل أسواق الأسهم الرئيسة حالة الاضطراب التي سادت تعاملات المتداولين في الأيام الماضية، ومع أن شهر ديسمبر (كانون الأول) تاريخياً هو شهر إيجابي لأسواق الأسهم والأوراق المالية، إلا أنه هذا العام مختلف، فهو شهر بداية تغيير في السياسات النقدية من البنوك المركزية في الاقتصادات الرئيسة، كما أن ذلك يأتي أيضاً في ظل تصاعد أعداد الإصابات بفيروس كورونا وعدم وضوح مدى الإجراءات التي يمكن أن تتخذها السلطات للحد من انتشار متحورة "أوميكرون".
وهكذا تضافر البدء في خفض ضخ السيولة واحتمالات رفع أسعار الفائدة مع التراجع في النمو الاقتصادي القوي الذي ميّز الأشهر الأولى من هذا العام في مرحلة التعافي من أزمة كورونا مع الارتفاع المستمر في معدلات التضخم، إلى جانب المخاوف من إغلاق جديد للاقتصاد ولو بشكل جزئي ليجعل هذا الشهر سلبياً لأداء السوق.
لذا يتوقع أن يكون الأسبوع المقبل مشابهاً إلى حدّ كبير للأسبوع المضطرب الذي انتهى، الجمعة، ما يصبغ الشهر الأخير من العام بتقلبات غير عادية في أسواق الأسهم والسندات والأوراق المالية. لذا سيكون التداول على الأرجح ضعيفاً، وفي نطاقات ضيقة، بخاصة أنه أسبوع قصير لإغلاق الأسواق الجمعة المقبل بسبب عطلة عيد الميلاد.
وبحسب معظم المذكرات للمستثمرين، لا يبدو أن التوجه التقليدي بالإقبال على شراء الأسهم سيكون حاسماً في الأيام المتبقية من العام حتى مطلع يناير (كانون الثاني) المقبل، بالتالي لن تكون هناك عوامل تدفع نحو ارتفاع المؤشرات، فما زالت الآراء متباينة بشأن توجه الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي لمواجهة ارتفاع التضخم من دون أن يسبب صدمة للاقتصاد تضر بالتعافي الهش.
أسبوع مضطرب
على الرغم من أن إعلان الاحتياطي الفيدرالي، الأربعاء، بشأن البدء في تشديد السياسة النقدية تدريجياً كان متوقعاً من قبل السوق، إلا أن المستثمرين ما زالوا في حال عدم يقين بشأن تأثير ذلك في الاقتصاد بشكل عام بخاصة مع عدم وضوح الإجراءات المتعلقة بمواجهة موجة جديدة من وباء كورونا وتأثير ذلك في النشاط الاقتصادي.
لذا شهدت الأسواق الرئيسة تقلباً، الجمعة، لتنهي تعاملات الأسبوع على انخفاض في المؤشرات تباينت حدته بوضوح، فتراجع مؤشر "داو جونز" لأسهم الشركات الصناعية، الجمعة، بنسبة 1.5 في المئة لينهي الأسبوع الرابع من الهبوط المستمر، وفي المتوسط الأسبوعي، خسر مؤشر "داو جونز" نسبة 1.7 في المئة.
أما مؤشر "أس أند بي" لأسهم الشركات الكبرى ففقد في تعاملات آخر أيام الأسبوع نسبة واحد في المئة، لينهي الأسبوع الثالث من التراجع بخسارة في المتوسط الأسبوعي للأسبوع المنتهي، الجمعة، بنسبة 1.9 في المئة، مع ذلك، يظل المؤشر، الأكثر أهمية في سوق "وول ستريت"، في وضع إيجابي بالنسبة لشهر ديسمبر حتى الآن مرتفعاً بنسبة 1.2 في المئة للشهر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى الرغم من أن مؤشر "ناسداك" لأسهم شركات التكنولوجيا كان الأقل خسارة في تعاملات الجمعة (بنسبة 0.1 في المئة فقط) بفضل الأداء الجيد لأسهم شركات كبرى مثل "أمازون" و"تيسلا"، إلا أنه أنهى الأسبوع الثالث من التراجع المتصل ليخسر في المتوسط الأسبوعي ما نسبته ثلاثة في المئة من قيمته.
بانتظار الصين
وعلى الرغم من قصر الأسبوع المقبل، إلا أن هناك عدداً من المؤشرات الاقتصادية المهمة التي تتطلع إليها الأسواق، في مقدمها أحد أهم مؤشرات التضخم التي يعتمد عليها الاحتياطي الفيدرالي في تقرير سياساته، وتتركز أعين المستثمرين على مؤشر الإنفاق الشخصي على الاستهلاك الذي يصدر الخميس المقبل، والذي يأتي بعدما ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين لشهر نوفمبر بمعدل سنوي عند نسبة 6.8 في المئة.
كما تصدر الأسبوع المقبل بيانات رسمية عدة ستكون دالة على حالة الاقتصاد بشكل عام، منها مؤشر ثقة المستهلكين ومبيعات البيوت، الأربعاء، وتصدر الخميس مؤشرات أخرى تعطي صورة عن توقعات معدلات التضخم مثل مؤشر ثقة المستهلكين وبيانات الدخول والإنفاق الشخصي بالإضافة إلى أرقام إعانات البطالة.
لكن الأهم، الذي ينتظره المستثمرون حول العالم، هو قرار بنك الشعب (المركزي) الصيني، الاثنين المقبل، في اجتماعه الشهري حول السياسة النقدية لثاني أكبر اقتصاد في العالم، وهناك توقعات بأن يخالف المركزي الصيني توجه البنوك المركزية في الاقتصادات الكبرى، مثل الاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا (المركزي البريطاني)، ويقرر خفض الفائدة على الاقتراض لمواجهة مشكلة المديونيات الهائلة في الاقتصاد الصيني.
المفاجأة الإيجابية للأسواق
في مقابلة مع شبكة "سي أن بي سي"، يقول جيف كلاينتوب كبير استراتيجيي الاستثمار الدولي في شركة "تشارلز شواب" إن المفاجأة الإيجابية للأسواق قد تأتي من بكين قبل فتح الأسواق أول أيام الأسبوع المقبل، الاثنين، ويضيف كلاينتوب، "يوم الاثنين، ستكون أعيننا على الصين وما ستقرره بشأن سعر الفائدة على القروض. وهناك احتمال أن يقوموا بتخفيضها، إذا قررت الصين التخفيض، فإن ذلك سيكون عاملاً محفزاً قوياً للنمو العالمي".
مع ذلك، قد لا يقلل قرار المركزي الصيني من حال التوتر وعدم اليقين التي تهيمن على الأسواق العالمية والمرجح أن تستمر الأسبوع المقبل والذي يليه.