تتصاعد الانتقادات الموجهة للحكومة الجزائرية بقيادة أيمن بن عبد الرحمن، بسبب سوء التدبير والتسيير، وطالبت جهات سياسية بضرورة إجراء مراجعة وتقييم شامل للطاقم الحكومي، مع تنحية الوزراء الذين أخفقوا في أداء مهامهم وترقية قطاعاتهم.
انعكاسات خطيرة
ودعا رئيس حزب "صوت الشعب" لمين عصماني، الرئيس عبد المجيد تبون، إلى وضع محددات واضحة تسمح بتقييم عمل الوزراء، الذين أثبتوا محدوديتهم في التسيير، واستبدال آخرين لهم من الإمكانات بهم، ما يجعلهم يحققون نتائج في مستوى تطلعات الشعب. محذراً من أن هناك انعكاسات خطيرة على الشأن العام أمام استمرار فشل بعض الوزراء، بخاصة في القطاعات المرتبطة بيوميات الجزائريين، مطالباً بتحرّك المسؤولين قبل فوات الأوان.
وأشار عصماني، الذي يشارك حزبه في الحكومة، صراحة إلى الوزراء المعنيين بالفشل في تسيير قطاعاتهم، حسبه، وهم وزراء الصناعة أحمد زغدار، والتضامن كوثر كريكو، والثقافة وفاء شعلال، والتجارة كمال رزيق، الذي يحمّله الشارع مسؤولية الإخفاق في ضبط الأسواق والأسعار، والتسبب في ندرة بعض المواد ذات الاستهلاك الواسع.
عجز وإخفاق
من جانبه، عبر حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض، عن قلقه من عجز الحكومة عن تحقيق أي منجز على صعيد تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وأرجع الحزب الأمر إلى "ارتجالات الحكومة وتخبطها في تنفيذ خطة إنعاش الصناعة، واستمرار العجز الهائل في الميزانية، وتعثر ميزان المدفوعات، واستنزاف مصادر التمويل، وتوقعات اقتصادية غير مضمونة وصعبة". مشيراً إلى إخفاق الطاقم الوزاري لحكومة أيمن بن عبد الرحمن في تحسين القدرة الشرائية، ما من شأنه أن يهدد بشدة التماسك الاجتماعي في الجزائر.
أكثر من ضرورية
وفي السياق، يعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عبد القادر عبد العالي، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن هذه الخطوة "أكثر من ضرورية، ولها مبرراتها السياسية والواقعية، بسبب سوء التسيير والفشل الواضح لكثير من الوزراء".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يقول عبد العالي إن "الرأس المطلوب حالياً والمستهدف هو وزير التجارة، الذي أثبت فشل قطاعه في وقف تدهور الأسعار وندرة المواد الأساسية". مبرزاً أنه في ضوء تصريح الرئيس تبون الذي اعترف بفشل بعض الوزراء في تطبيق توصيات وقرارات مجلس الوزراء، وكذا مطالبة بعض الأحزاب بإعادة تمثيل الحكومة للخريطة الحزبية الناتجة عن الانتخابات، فإن "التغيير بات ضرورياً".
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أنه "من المرجح أن يستجيب الرئيس، لأن هذه الخطوة بمثابة تخلص من الأثقال لسفينة مهددة بالغرق، وبسبب أن السياسة الحكومية المنتهجة حالياً أثبتت فشلها، وستؤدي إلى مخرجات سلبية إذا لم يتم اتخاذ إجراءات في هذا الاتجاه".
الرئيس "غاضب"
وكشف الرئيس تبون، عقب إقالته عدداً من الوزراء، وإقدامه على تعديل وزاري، عن أن الخطوة جاءت بسبب سوء النتائج المرجوة، وليس على حساب أشخاص. وقال في تصريحات إعلامية "أنا لم أطلب يوماً الولاء لي، إنما للوطن والشعب، كما أن القرارات التي كانت تصدر لم تطبق في الميدان".
وأضاف تبون، أنه خلال الاجتماعات الوزارية التي أجراها مع الحكومة كانت تتخذ قرارات مهمة تفرح الشعب، لكن للأسف لم تطبق في الواقع. موضحاً أنه "منذ خمسة أشهر أو ستة تم اتخاذ قرار بإنشاء مدرسة عليا للأساتذة مخصصة لفئة الصم والبكم، ولم يتم تطبيق ذلك"، كاشفاً عن أنه بهذا الخصوص نتوجه نحو "خلق مفتشية عامة برئاسة الجمهورية لفرض رقابة على الأداء الإداري والحكومي، حيث إن أي مسؤول سيكون تحت الرقابة من دون علمه".
وأجرى تبون، في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) المنصرم، تعديلاً وزارياً هو الأول منذ تشكيل الحكومة في أعقاب الانتخابات البرلمانية التي شكلت في يونيو (حزيران) الماضي، إذ شملت إقالة وزير الاتصال عمار بلحيمر، وعين محمد بوسليماني خلفاً له، وكذا عبد الرحمن لحفاية من منصبه وزيراً للعمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، وتعيين يوسف شرفة خلفاً له، كما أُقيل وزير الزراعة عبد الحميد حمداني من منصبه، وعيّن محمد عبد الحفيظ هني خلفاً له.
تحذيرات شديدة اللهجة
كما وجه الرئيس تبون في 4 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تحذيرات شديدة اللهجة للمسؤولين الحكوميين والمحافظين ومسؤولي الإدارات الحكومية، بسبب ما وصفه بأنه "عرقلة مبيتة لسياساته".
وقال الرئيس الجزائري، خلال افتتاحه ندوة حول الإنعاش الصناعي، "هناك عرقلة مبيتة وظاهرة لبعض المشاريع، بهدف خلق أكبر مشاكل ممكنة لدفع الناس إلى الغضب والاحتجاج، ولدفعها للخروج إلى الشارع، للمطالبة بمناصب الشغل، وإن هناك تجميداً متعمّداً للسياسة الجديدة للتصنيع للدفاع عن مصالح مشبوهة".
دعوات سابقة
ودعت المعارضة الإسلامية، عقب نتائج انتخابات البرلمان، إلى حكومة وحدة وطنية تهتم بالتنمية وإنقاذ الاقتصاد من الانهيار بشكل عاجل.
وقال رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، إن حزبه يريد بناء عقد جامع وتوافق وطني كبير، وحزام سياسي واسع. موضحاً "ندعو إلى إجراءات تهدئة، تتمثل في تحرير وسائل الإعلام من الضغوط، واستقلال القضاء عن السلطة، وبعدها نبدأ في إصلاحات".