تباينت ردود الفعل إزاء إيقاف قوات الأمن التونسية، أمس الجمعة، القيادي في حركة النهضة، ونائب رئيسها، ووزير العدل السابق نور الدين البحيري. فبينما استنكر البعض زج قوات الأمن في الصراعات السياسية، بالاستناد إلى قانون الطوارئ، الذي يعود إلى عام 1978، فإنّ آخرين يرون أن البحيري مطلوب للعدالة، وقوات الأمن تعاملت معه وفق القانون، لوضعه تحت الإقامة الجبرية، مع ضمان كامل حقوقه في محاكمة عادلة.
انتهاك الحقوق والحريات
وفي هذا الشأن، يقول الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، "اعتقال نائب في البرلمان (المجمَّدة أشغاله)، ونائب رئيس حركة النهضة، بطريقة خارجة عن الإطار القانوني، وبعيدة من رقابة القضاء، وبالاستناد إلى ترسانة قانونية تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، يدل على أن الوضع في تونس يسير نحو نفق مظلم". واصفاً ما حدث بـ"انتهاك ما تبقّى من حقوق وحريات".
ويعتبر الشابي أن إيقاف البحيري "تصعيد خطير في الصراع السياسي، وينذر بخطر الانزلاق نحو الصدام الدموي". مستنكراً "الطريقة التي جرى التعامل بها مع نور الدين".
ويضيف الأمين العام للحزب الجمهوري، "وزارة الداخلية تأخّرت كثيراً في إصدار البيان التوضيحي حول عملية الإيقاف". مؤكداً أنها "لا تحترم دولة القانون والمؤسسات". ومستنكراً "إقحام الأجهزة الأمنية في الصراعات السياسية التي قد تعود بالمؤسسة الأمنية إلى المربع القديم"، داعياً إلى "إرساء عقيدة الأمن الجمهوري".
ويرى الشابي أن "البحيري لا يمثل خطراً على الأمن الوطني، حتى يجري إيقافه بتلك الطريقة". لافتاً إلى أن "القوى الديمقراطية في تونس لن تتخلى عن المطالبة بإرساء دولة القانون والمؤسسات، وأن الحكم الفردي لن يستمر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
القضاء يتعافى
وفي المقابل، يقول سرحان الناصري، رئيس حزب التحالف من أجل تونس، في تصريح خاص، "البحيري تتعلق به شبهات إجرامية خطيرة، وهو متورط في عديد من القضايا حينما كان وزيراً للعدل".
ويضيف، "بعد إيقاف البحيري فإن المؤسّسة القضائية في تونس بدأت تتعافى". مشيراً إلى أن القوّات الأمنية "نفّذت ما صدر في شأنه من بطاقة جلب قضائية، وأدّت عملها في إطار القانون".
وشدّد رئيس حزب التحالف من أجل تونس على أن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته، والبحيري سيقف أمام القضاء، من أجل ما نُسب إليه من تُهم، مع ضرورة توفير شروط المحاكمة العادلة".
ويدعو الناصري إلى "محاسبة البحيري لما تسبب فيه من تهديد لمنظومة العدالة عندما كان وزيراً للعدل"، معتبراً أن "الأمن في تونس جمهوري، وأن حركة النهضة تروّج الأكاذيب من أجل شحن الشارع التونسي ودفعه نحو العنف".
النهضة إلى التصعيد
في الأثناء، أكدت رئيسة المكتب القانوني لحركة النهضة، زينب إبراهيم، خلال ندوة صحافية أمس الجمعة، أنه "جرى رفع شكوى ضد كل من تسبب ونفذ جريمة الاعتداء الشنيع الذي مورس على القيادي بالحركة نور الدين البحيري ومحاولة قتله"، وفق تعبيرها. وطالبت بـ "الإفراج الفوري عنه".
وقالت إبراهيم، "لا يوجد أي تتبع قضائي ضد البحيري، وما حدث هو اختطاف واعتداء بالعنف الشديد من خلال ضربه في أماكن قاتلة، والاعتداء كذلك على زوجته المحامية سعيدة العكرمي".
وتقدمت المحامية سعيدة العكرمي، زوجة البحيري، بشكوى ضد جرائم الاعتداء بالعنف والاختطاف واحتجاز شخص من دون إذن قضائي، أحالتها النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس على أنظار الإدارة الفرعية للبحث.
ومن جهته، حمّل محمد القوماني، القيادي في النهضة، وزير الداخلية، توفيق شرف الدين والرئيس التونسي قيس سعيد، "المسؤولية الكاملة لحادثة الاعتداء والاختطاف الذي طال البحيري". مؤكداً أن "الحركة ستتصدّى لقيس بكل الوسائل المدنية والسلمية المتاحة، وأنها لن تسكت عن هذه الممارسات".
اعتصام عدد من المحامين
وطالب فرع تونس لهيئة المحامين بتحديد مكان نور الدين البحيري. مستنكراً طريقة إيقافه من خلال "قطع الطريق عليه" من قبل سيارة مدنية، والاعتداء عليه.
وأضاف الفرع أن سعيدة العكرمي وعدداً من المحامين قرّروا الاعتصام في مكتب رئيس الفرع إلى حين الإفراج عن البحيري.
في المقابل، أعلنت وزارة الداخلية أنه عملاً بالقانون المنظم لحالة الطوارئ، بخاصة الفصل الخامس، من الأمر عدد 50 لعام 1978، الذي يخوّل وضع أي شخص تحت الإقامة الجبرية، حفاظاً على الأمن والنظام العامين، جرى اتخاذ قرارين في الإقامة الجبرية، وهو إجراء ذو صبغة تحفظية أملته الضرورة في إطار حماية الأمن العام.
وأكدت في بيان حرصها على التقيد بالضمانات المكفولة بمقتضى الدستور والتشريع النافذ، بخاصة من حيث توافر ظروف الإقامة الملائمة والإحاطة الصحية اللازمة.
ومثّل إيقاف القيادي في حركة النهضة، نور الدين البحيري، حدثاً بارزاً في الساحة السياسية التونسية، في الساعات الأخيرة من 2021، وقد أثارت فترة إدارته وزارة العدل (2011 - 2013)، جدلاً واسعاً حول سيطرته على القضاء.