انخفض معدل البطالة في الولايات المتحدة بشكل كبير في ديسمبر (كانون الأول)، ما دفع المستثمرين إلى زيادة رهاناتهم على بنك الاحتياطي الفدرالي التحرك بسرعة لرفع أسعار الفائدة وسحب التحفيز الذي وضعه لدعم الاقتصاد في بداية الوباء.
ويتوقع الاقتصاديون والمستثمرون أن يمضي البنك المركزي قدماً في خططه لتشديد السياسة النقدية، على الرغم من تباطؤ نمو الوظائف بشكل غير متوقع في ديسمبر، عندما أضاف أرباب العمل 199 ألف وظيفة، بانخفاض من 249 ألف وظيفة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وكان الرقم الرئيس أقل بكثير من 444000 وظيفة توقعها الاقتصاديون.
ومع ذلك، انخفض معدل البطالة بنسبة 0.3 في المئة أخرى، الشهر الماضي، إلى 3.9 في المئة، ما يضعه على مسافة قريبة من المعدل الطبيعي الذي كان سائداً قبل انتشار الوباء البالغ 3.5 في المئة.
وتزامن انخفاض البطالة مع البيانات القوية الأخرى في تقرير الوظائف، بما في ذلك متوسط الدخل في الساعة الأفضل من المتوقع، ما أعطى بنك الاحتياطي الفدرالي فرصة للشروع في سحب التحفيز غير المسبوق الذي نشره في بداية الوباء لدرء الانهيار الاقتصادي.
وقال بريان روز، كبير الاقتصاديين في المصرف الاستثماري السويسري "يو بي أس"، لـ "فايننشال تايمز"، "قرر بنك الاحتياطي الفدرالي التركيز بشكل أكبر على معدل البطالة في أرقام الرواتب"، مضيفاً، "حقيقة أن معدل البطالة قد انخفض إلى 3.9 في المئة أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى مجلس الاحتياطي الفدرالي".
ارتفاع عوائد السندات الأميركية
وأضافت الأرقام الوقود إلى عمليات البيع المكثفة في سوق الخزانة، إذ أصبح التجار أكثر ثقة في وجهة نظرهم بأن الاحتياطي الفدرالي سيرفع أسعار الفائدة هذا الربع، وارتفع العائد على سندات الحكومة الأميركية القياسية لأجل 10 سنوات 0.05 نقطة مئوية إلى 1.77 في المئة، مع وصول العوائد لفترة وجيزة إلى أعلى مستوى منذ يناير (كانون الثاني) 2020، حيث ترتفع العائدات عندما تنخفض أسعار السندات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسجل عائد 10 سنوات أكبر ارتفاع أسبوعي له في 28 شهراً خلال أيام التداول الخمسة الماضية، في حين أثرت عمليات بيع السندات على سندات الخزانة عبر منحنى العائد، وارتفعت عوائد السندات ذات الخمس سنوات إلى 1.51 في المئة، وهو أعلى مستوى منذ يناير 2020.
التخلص من أسهم شركات التكنولوجيا سريعة النمو
كما بيعت الأسهم الأميركية أيضاً، وتخلص المستثمرون من شركات التكنولوجيا سريعة النمو التي يُنظر إليها على أنها الأكثر عرضة لارتفاع الأسعار، وانخفض مؤشر "ناسداك" المركب ذو التقنية العالية بنسبة واحد في المئة، في حين انخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 0.4 في المئة، وركز الرئيس جو بايدن على الانخفاض في معدل البطالة ومكاسب الأجور بدلاً من التباطؤ في وتيرة التوظيف كدليل على سياسات إدارته الناجحة، بما في ذلك تريليونات الدولارات من التحفيز والإنفاق على البنية التحتية، وقال في تصريحات من البيت الأبيض، "أود أن أزعم أن خطة بايدن الاقتصادية تعمل، وأنها تعيد أميركا إلى العمل وتقف على قدميها".
وأظهرت البيانات الصادرة عن مكتب إحصاءات العمل تحسناً هامشياً آخر في نسبة الأشخاص الذين يعملون أو يبحثون عن وظيفة، ويتم إلقاء اللوم بشكل رئيس على المخاوف بشأن "كوفيد-19" وقضايا رعاية الأطفال في كبح عودة أكثر جوهرية إلى العمل، والحفاظ على ما يسمى معدل مشاركة القوى العاملة أقل من حيث توقُع الاقتصاديين أنه سيكون في هذه المرحلة من الانتعاش، وارتفع هذا المعدل إلى 61.9 في المئة في ديسمبر، صعوداً من 61.8 في المئة في نوفمبر، لكنه لا يزال خجولاً بأكثر من نقطة مئوية واحدة من عتبة ما قبل الجائحة، وارتفع متوسط نمو الدخل في الساعة 0.6 في المئة عن الشهر السابق، لتحقيق مكاسب سنوية قدرها 4.7 في المئة.
ضغوط ترويض التضخم المرتفع
ويتعرض الاحتياطي الفدرالي لضغوط لترويض التضخم المتصاعد، الذي يحوم الآن عند أعلى مستوى منذ حوالى 40 عاماً، وقال جيروم باول، رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي، إن البنك المركزي يراقب نمو الأجور عن كثب بحثاً عن مزيد من الأدلة على أن التضخم قد يتحول إلى مشكلة أكثر إلحاحاً.
ويعد كريستوفر والر، محافظ الاحتياطي الفدرالي، وجيمس بولارد، رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي في سانت لويس، من بين أولئك الذين يدعمون رفع سعر الفائدة في مارس (آذار) المقبل، مع زيادات إضافية في وقت لاحق من العام، ويرى معظم مسؤولي الاحتياطي الفدرالي ارتفاعاً في أسعار الفائدة ثلاث مرات في عام 2022 وخمساً أخرى بحلول نهاية عام 2024.
وأشار بايدن إلى أنه يريد من بنك الاحتياطي الفدرالي القضاء على التضخم، قائلاً إنه واثق من أن البنك المركزي "سيتأكد من أن الزيادات في الأسعار لن تترسخ على المدى الطويل".