أثار اعلان رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة تطبيق تعرفة جديدة لأسعار الكهرباء في أبريل (نيسان) المقبل، مخاوف الطبقتين الوسطى والفقيرة.
وعلى الرغم من تعهد الخصاونة بعدم تأثر 90 في المئة من الأردنيين بالتعرفة الجديدة للكهرباء، إلا ان الجو العام في البلاد، بات مشحوناً بالقلق من عبء مالي كبير قد يرهق جيوب المواطنين المهترئة أساساً بعد سنتين عجاف من تداعيات جائحة كورونا.
وتأتي فاتورة الكهرباء في المرتبة الثانية من حيث النفقات الشهرية للمواطن الأردني، بعد المحروقات التي ارتفعت أسعارها للمرة السادسة خلال العام الماضي.
ويشكل قطاع الكهرباء نحو 20 في المئة من الدين العام، بسبب تراكم ديون شركة الكهرباء الوطنية التي وصلت إلى حوالى 7 مليارات دولار.
دعم حكومي
وحاولت الحكومة الأردنية التخفيف من وطأة الرفع الجديد لأسعار الكهرباء، بتخفيض رسوم جمركية عدة، والإعلان عن إطلاق منصة لتلقي طلبات دعم فاتورة الكهرباء، وسط تشكيك مراقبين بتوجيه الدعم إلى مستحقيه، بخاصة بعد إطلاق العديد من المنصات المشابهة سابقاً، التي ثبت عدم جدواها.
وقال رئيس الوزراء الأردني، إن "الأجانب وغير المواطنين المقيمين على أرض المملكة، لن يستفيدوا من دعم الكهرباء"، مقدراً نسبتهم بنحو 20 في المئة من السكان البالغ عددهم نحو 11 مليون نسمة.
لكن منتقدين وناشطين ردوا بأن الرفع سيطاول أغلب الأردنيين، بينما المقيمين، بخاصة اللاجئين السوريين الذين يشكلون النسبة الأكبر من غير الأردنيين، وبنسبة تقارب النصف، لن يتأثروا بالرفع حيث ستتكفل الدول المانحة بدعمهم وتعويضهم.
وكانت هيئة تنظيم قطاع الطاقة، أعلنت في منتصف أغسطس (آب) الماضي، عن توزيع جديد لأكلاف تعرفة الكهرباء في القطاع المنزلي وفق شرائح عدة وبحسب كمية الاستهلاك، بما ينعكس إيجاباً، بخاصة الذين يستهلكون أقلّ من 600 كيلوواط ساعة شهرياً، وقيمة فواتيرهم أقل من 70 دولاراً.
صندوق النقد متهم
ويوجه بعض الأردنيين اللوم نحو صندوق النقد الدولي، بدعوى أنه ألزم الحكومة الأردنية ببرنامج اقتصادي مدته ثلاث سنوات لتعديل تعرفة الكهرباء.
ويفيد تقرير صادر عن صندوق النقد، بأن نحو 15 في المئة من الأسر الأردنية ستفقد الوصول إلى الأسعار المدعومة، إثر تطبيق التعرفة الكهربائية الجديدة، لكنه برر ذلك بدعم تنافسية القطاع الخاص، وخفض التكلفة العالية للكهرباء على الشركات.
ووفقاً لباحثين اقتصاديين، يشجع صندوق النقد الدولي الحكومة الأردنية على رفع قيمة الإيرادات المحلية من خلال رفع الضرائب وتوسيع قاعدة الخاضعين لها، إضافة إلى رفع الدعم عن السلع والخدمات الأساسية، حتى تتمكن من الوفاء بالتزاماتها الدولية. ويرى الصندوق أن قطاع الكهرباء في الأردن يعاني خللاً كبيراً، ويُعد أحد أسباب التراجع الاقتصادي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى الرغم من تعهد الحكومة في مشروع الموازنة الجديدة، بعدم رفع الأسعار أو فرض ضرائب، إلا أن الشارع متوجس من رفع مرتقب لأسعار المياه بعد الكهرباء.
ويحاجج مختصون بأن رفع أسعار الكهرباء سيؤدي بالضرورة إلى رفع أسعار سلع وبضائع عدة، حيث استهلت الحكومة العام الجديد برفع أسعار المحروقات والمشتقات النفطية بنسب غير مسبوقة، لتبلغ أسعار بعض الأصناف مستويات قياسية غير مسبوقة، بخاصة البنزين بنوعية 90 و95 أوكتان.
بلد مصدّر للكهرباء
ومنذ انقطاع الغاز المصري عن الأردن في عام 2011، وجدت الحكومة الأردنية نفسها رهينة لخطط صندوق النقد الدولي، المانح الأكبر لقروض الشركة، فوضعت خططاً إصلاحية لقطاع الطاقة تمركزت حول تنويع خليط الطاقة، وتعديل التعرفة الكهربائية برفع أسعارها، مقدمةً ذلك كحلّ جوهري لمعالجة مديونية الشركة الوطنية. لكن الباحثين يجدون صعوبة في الإجابة على سؤال مفاده "كيف تعاني شركة تنوي تصدير الكهرباء إلى دول الجوار من ارتفاع أسعاره محلياً؟".
وانتقد الكاتب ماهر أبو طير الإجراءات الحكومية، قائلاً إن "المواطن الأردني يدفع كلف سوء التخطيط الحكومي، وكل أنواع الضرائب ولا ينال سوى القليل من الخدمات، لأن هذه الضرائب تذهب لسداد الديون وفوائد الديون، ورواتب الموظفين العاملين والمتقاعدين".
وأشار أبو طير إلى أن مبررات الحكومة التي تستند إلى عوامل غير محلية كارتفاع سعر النفط العالمي، وارتفاع أجور الشحن، وارتفاع أسعار الغذاء في العالم، باتت غير مقنعة.
وحذر أبو طير من "ارتدادات سياسة رفع الأسعار في الأردن، والتي باتت شاهدة على الوضع الاقتصادي المتردي، كتزايد ظاهرة إعلانات بيع المحلات التجارية والمطاعم، واغلاق شركات ومشاريع ومؤسسات ومصانع، أو انتقالها إلى دول أخرى".