فجّر بدء السلطات الإسرائيلية جرف مئات آلاف أمتار الأراضي الزراعية في النقب بهدف تحريشها، موجة احتجاجات متواصلة منذ أيام عدة في محاولة لمنع تل أبيب من مصادرة تلك الأراضي، وهو ما وضع الائتلاف الحكومي الإسرائيلي أمام اختبار بسبب مشاركة القائمة العربية الموحدة فيها.
وتحاول السلطات "طرد" أكثر من 100 ألف فلسطيني يقيمون في قرى يعود تاريخها إلى ما قبل تأسيس إسرائيل، وتجميعهم في أقل من 3 في المئة من مساحة صحراء النقب.
حرمان من الخدمات الأساسية
وبعد طردها أكثر من 90 في المئة من فلسطينيي النقب بعد نكبة عام 1948، أجبرت إسرائيل 80 ألف فلسطيني على الإقامة في سبع مدن في النقب وهي: تل السبع ورهط وكسيفة وشقيب السلام واللقية وحورة وعرعرة.
وارتفع عدد الفلسطينيين في تلك المدن حالياً إلى 200 ألف، فيما يقيم أكثر من 100 ألف آخرين في 35 قرية ترفض إسرائيل الاعتراف بها، وتحرمهم من الخدمات الأساسية، كالماء والكهرباء والبنية التحتية، كما أن المنازل في تلك القرى معرّضة للهدم لأنها غير مرخصة.
وبدأت جرافات إسرائيلية بجرف أراضٍ زراعية للفلسطينيين تبلغ مساحتها 500 ألف متر مربع من قرية سعوة شرق بئر السبع بهدف تحريشها ومنعهم من زراعتها ضمن مخطط لحصر الفلسطينيين الذين يعيشون في ست قرى مجاورة في بقعة جغرافية صغيرة.
وبعد ثلاثة أيام من الحفريات، أنهى عمال من "الصندوق القومي اليهودي" أعمال غرس الأشجار في تلك الأرضي، التي تقول إسرائيل إنها تابعة للدولة، في حين يُصرّ الفلسطينيون على أنهم أصحابها منذ مئات السنين.
"تضييق الخناق"
ويدفع أعضاء في الكنيست الإسرائيلي من أحزب اليمين ويسار الوسط باتجاه "تضييق الخناق على البدو"، واصفين تشجير تلك الأراضي بأنه "جزء من الجهود الوطنية لترسيخ الوجود اليهودي في المنطقة".
ونفى عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب "أزرق أبيض" ألون تال، نية بترحيل الفلسطينيين من المنطقة، قائلاً إنها "أراضٍ وطنية، لدينا الحق في حمايتها لجميع المواطنين، وإحدى الطرق للقيام بذلك هي غرس الأشجار".
كما شدد زعيم المعارضة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على "ضرورة استمرار غرس الأشجار في أرض إسرائيل"، مطالباً رئيس الوزراء نفتالي بينيت بـ"إدانة تحريض القائمة الموحدة الشريكة في الائتلاف الحكومي بشكل فوري".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووصلت القائمة الموحدة إلى الكنيست الإسرائيلي بدعم واسع من فلسطينيي النقب، قبل أن توفر للثنائي بينيت ولابيد الفرصة لتشكيل الحكومة بدخولها إلى الائتلاف الحكومي.
واحتجاجاً على ذلك، أعلن زعيم القائمة منصور عباس تعليق تصويت حزبه مع الائتلاف الحكومي حتى يتم "إيقاف غرس الأشجار، وتبدأ الحكومة عملية الاعتراف الرسمي بالتجمعات البدوية في المنطقة".
وخلال الأيام الثلاثة الماضية، أصيب عشرات الفلسطينيين بجروح واعتقلت الشرطة الإسرائيلية العشرات خلال احتجاج على أعمال الجرف.
وقفة احتجاجية
وشارك الخميس 13 يناير (كانون الثاني) مئات الفلسطينيين في وقفة احتجاجية على أعمال الجرف قرب قرية سعوة، إضافة إلى تظاهرات أخرى في عدد من المدن الفلسطينية داخل إسرائيل.
وخلال الأعوام العشرة الماضية، هدمت إسرائيل نحو 10 آلاف منزل في النقب، وفق المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها.
إلى ذلك، طالب مركز "عدالة" الحقوقي بإيقاف "الانتهاكات القانونية الصارخة بحقّ أهل النقب المدافعين عن أراضيهم، والسماح لهم بإقامة خيمة الاعتصام".
وتدعم وزيرة الداخلية الإسرائيلية إيليت شاكيد "تعزيز الوجود الإسرائيلي في النقب"، واصفة إنشاء قرية جديدة لهم بأنه "تحقيق لحلم تل أبيب ولرؤية بن غوريون"، في إشارة إلى أول رئيس إسرائيلي للوزراء.
وكان نتنياهو أوقف عام 2013 تنفيذ خطة برافر القاضية بتهجير عشرات الفلسطينيين من أراضيهم في النقب، وتجميعهم في "بلديات التركيز"، وذلك على إثر احتجاجات واسعة بين الفلسطينيين في إسرائيل.
"تمييز عرقي"؟
وتهدف الخطة إلى استيلاء تل أبيب على 800 ألف دونم من أراضي النقب، وتدمير 38 قرية غير معترف بها إسرائيلياً.
وقال عضو الكنسيت الأسبق عن النقب طلب الصانع إن السلطات الإسرائيلية تتعامل "بتمييز عرقي وبشكل عدائي مع فلسطينيي النقب"، وأوضح أن تل أبيب تسمح بتوفير المياه والكهرباء لمزارع الحيوانات في النقب التابعة لها، لكنها تمنع في الوقت ذاته أكثر من 35 قرية فلسطينية من الحصول على الخدمات الأساسية.
ورفض الصانع التعويل على المحاكم الإسرائيلية لاسترداد الحقوق، واصفاً تلك المحاكم بأنها "جزء من أدوات التحكم، وأن القوانين الإسرائيلية كأملاك الغائبين ومصادرة الأراضي للمصلحة العامة فُصّلت لخدمة اليهود".