مع إطلاق الأحزاب الإسرائيلية حملتها الانتخابية، وفي مقدمها حزب الليكود والأحزاب اليمينية الأخرى، التي يبني عليها بنيامين نتنياهو سعيه إلى تشكيل حكومته في حال فوزه، عادت خطة ضم الضفة إلى أجندة الإسرائيليين. وبعدما حذر أمنيون من خطر الخطة على أمن إسرائيل، اعتبر رئيس الشاباك السابق تمير باردو تنفيذ الخطة خطراً على المشروع الصهيوني. ورأى آخرون أنها خطر على وجود اليهود وإسرائيل معاً.
تأتي هذه التحذيرات بعدما جعلت أحزاب اليمين خطة الضم أحد أبرز شروط انضمامها إلى الائتلاف الحكومي، التي وافق نتنياهو عليها، قبل إعلانه عدم القدرة على تشكيل الحكومة. ما يعني أنها ستعود إلى طاولة مفاوضات الائتلاف من جديد، بعد الانتخابات المقررة بعد أقل من ثلاثة أشهر. ما دفع باردو إلى القول إن "تنفيذ الخطة لضرورات ائتلافية، ليس لها أي صلة بأمن إسرائيل، من شأنه أن يعرض المشروع الصهيوني للخطر".
ويشكك باردو في شخصية نتنياهو، وإذا كان يمكن اعتباره زعيماً مع رؤية وشجاعة تمكناه من اتخاذ قرارات حاسمة ومحسوبة، بالنسبة إلى الحدود الشرقية لإسرائيل.
ويقول باردو "على الرغم من أن الغالبية المطلقة في إسرائيل تدرك بأننا نتدهور إلى واقع يعرض الغالبية اليهودية في إسرائيل للخطر، فإن زعماءنا يهربون من الحسم. الجميع يدرك بأن ما بين النهر والبحر يسكن حوالى 15 مليون نسمة، نصفهم من غير اليهود. عليه، فإن أحداً منهم لم يعمل على ضم الضفة، لكن هذا الوضع قد يتغير في ظل الضرورات الائتلافية، التي ستدفع إلى اتخاذ مثل هذا القرار الخطير".
والأخطر من هذا كله، يضيف باردو، "وجود إجماع في إسرائيل على أن كتل الاستيطان والأحياء اليهودية في شرق القدس ستبقى في أيدينا إلى الأبد. فضلاً عن ذلك، فإن الفلسطينيين والجهات الإقليمية والدولية ذات الصلة استوعبوا، حتى الآن، بأنه في إطار التسوية ستضم هذه إلى إسرائيل. بالتالي، ما هو التبرير لأخذ المخاطرة كخطوة من طرف واحد، وتشريع قانون من شأنه أن يُشعل النار في المناطق الفلسطينية ويعرض حياة الإسرائيليين للخطر ويبعد أي إمكانية لتسوية سلمية؟".
كابوس أمني
أعلنت الأحزاب التي وافقت، حتى حل الكنيست، على الدخول في ائتلاف حكومي، أنها لن تتنازل عن ضم مستوطنات الضفة، التي شكلت ولا تزال عقبة أمام مفاوضات السلام. وفي حال نجح نتنياهو في الانتخابات الجديدة بتشكيل ائتلاف حكومي مع هذه الأحزاب، فسيتم تنفيذ الضم، وهي خطوة اعتبرها باردو كابوساً أمنياً. ويشرح موقفه بالقول "هذا الضم يعني محاصرة حوالى 170 قطعة أرض منفصلة، يعيش فيها حوالى 2.6 مليون فلسطيني. عليه، يُطرح السؤال: هل أتخذ قرار باستبدال الرؤية الصهيونية لدولة يهودية بالرؤية العربية لدولة واحدة مع أقلية يهودية؟".
ويدعو باردو الحكومة، التي سيتم تشكيلها بعد هذه الانتخابات، إلى أن تبادر لمنع هذا الضم والعمل في المقابل على تعزيز وتطوير الكتل الاستيطانية الأخرى والانفصال عن الفلسطينيين مع ضمان السيطرة الأمنية.
خطة شيطانية
يعتبر الخبير السياسي جدعون رايخر أن ضم الضفة وجعل هذه المنطقة الفلسطينية جزءاً من إسرائيل، يعرض "دولة اليهود" للخطر. ويصف هذه الخطة بـ "الشيطانية".
يضيف رايخر "إذا نفذنا خطة الضم، فهذا يعني أن يصبح الفلسطينيون مواطنين في إسرائيل لهم حق المشاركة في الانتخابات والتصويت لمرشحي الرئاسة وسيكون من بين مرشحيهم شخصيات شبيهة بالأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وبعض زعماء العرب وقد يحصلون على أكثرية. أما نحن اليهود والصهاينة فكعادتنا، سننقسم ونوزع أصواتنا بين الأحزاب الكثيرة، من يمين ويسار ووسط، في مقابل تأسيس الفلسطينيين لحكومة الاتحاد لغزة والضفة، ثم ينتخبون مجلساً تشريعياً جديداً يصادق على اللغة العربية كلغة أم وتصبح اللغة العبرية غير الزامية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
السيناريو الذي يضعه رايخر سيعتبره كثيرون، في رأيه، هذياناً غير واقعي. لكنه يقول "لن يكون هذياناً بل واقع على الأرض. في حال أتخذ قرار ضم الضفة، فإن الكابوس الذي يلاحقنا سيتجسد على الأرض".
يذكر أن أمنيين وعسكريين إسرائيليين سبق أن حذروا، الشهر الماضي، من خطر ضم الضفة ووقعوا على عريضة تطالب باستفتاء شعبي قبل اتخاذ أي قرار يفرض تحويل السيادة على هذه المنطقة إلى إسرائيل، خصوصاً أن "ضمها، من دون اتفاق سياسي، سيجلب ردوداً كثيرة ومتسلسلة من شأنها المس بأمن إسرائيل واقتصادها وحتى مكانتها الإقليمية والدولية"، وفق ما جاء في العريضة.
وأضافت العريضة أن خطوة إسرائيلية كهذه ستدفع الجيش والشاباك إلى السيطرة على الضفة الغربية، "فيما ستدير الحكومة حياة ملايين الفلسطينيين للخروج من وضع كهذا".
كما حذر الأمنيون من أن خطوة كهذه ستقضي على أي احتمال لتسوية سياسية، بالتالي لا يمكن تفسير هذا القرار إلا بأنه "يقفل الباب أمام تسوية سياسية مستقبلية".