يعتقد بعض عناصر وسائل الإعلام البريطانية في الحملة التي قادوها لتشويه سمعة دوقة ساسكس ميغان ماركل أنهم نالوا منها وحصلوا على مرادهم في فضحها. بيد أن ذلك بعيد كل البعد عن الواقع.
فالمسألة في البلبلة الزائفة التي أحاطت بميغان لا تكمن في فقدانها المصداقية لعدم إبلاغها المحكمة العليا بأن مدير العلاقات العامة السابق جايسون كناوف زود بعض المعلومات لمؤلفي السيرة الذاتية غير المأذون بها "فايندينغ فريدوم" Finding Freedom أو "معانقة الحرية" أوميد سكوبي وكارولين دوراند بعلم الدوقة. بل إن المسألة في الواقع تكمن في سواء كان هذا الأمر ليحدث فرقاً في نتيجة الدعوى القضائية المطالبة بالخصوصية التي ربحتها ضد "أسوشييتد نيوزبايبرز ليميتد" ANL ناشر صحيفة "مايل أون صنداي" Mail on Sunday. والحقيقة أن ذلك لم يحدث أي فارق، وإليكم السبب:
يتعلق الأمر برمته في النزاع للفوز في محكمة الرأي العام، ولهذا دعونا نطبق تحليلاً منطقياً على فحوى المسألة بشكل مباشر. نشرت شركة "أسوشييتد نيوزبايبرز ليميتد" أجزاء من رسالة خاصة أرسلتها ميغان لوالدها، توماس ماركل، في أغسطس (آب) 2018، وهي تسريبات اعتبرتها المحاكم الإنجليزية في فبراير (شباط) 2021
"تصرفاً مفرطاً بشكل واضح وبالتالي غير قانوني" وأشارت أيضاً إلى استبعاد التوصل إلى حكم مغاير بعد المحاكمة.
لم ترتكز دعوى السرية الناجحة التي تقدمت بها ميغان ضد الناشر على التعاون، في حال حصل، مع مؤلفي كتاب "إيجاد الحرية" بل على إذا ما قامت "أسوشيتد نيوزبايبرز ليميتد" بانتهاك حق الدوقة بالخصوصية من خلال نشر أجزاء من رسالتها إلى والدها. وخلُصت المحكمة إلى أن نشر رسالتها الخاصة كان عملاً "مفرطاً و"غير قانوني"، وهذا ما شكل النقطة الأساسية في فوزها بالدعوى. ولهذا السبب، أعتقد أن الكشف عن معلومات متعلقة بكتاب "معانقة الحرية" ليس أمراً محورياً في هذا الإطار.
ففي العادة، تتم مشاركة المعلومات المرتبطة بمحاكمة الدعوى في مرحلة الإفصاح في إجراءات الدعوى القضائية مما يمنح الجانبين الفرصة للتأكيد أو النفي. بيد أن هذه القضية لم تصل إلى مرحلة المحاكمة لأنها فازت في مرحلة الحيثيات الأولية. وبالتالي، فإن كافة المعلومات، بما فيها تزويد جايسون كناوف بمعلومات لمؤلفي كتاب السيرة الذاتية "معانقة الحرية" بعلم من ميغان كانت ستُكشف حتماً في مرحلة النزاع القضائي، مما يعني أنه ما من دليل يؤكد أن ميغان حاولت إخفاء هذا الأمر.
ولكن، بسبب قيامها هي والأمير هاري في وقت سابق بنفي أي تعاون مع مؤلفي الكتاب، من المضلل اقتراح أن هذا التنسيق لم يحصل. وبالتالي، كانت خطوتها بالاعتذار من المحكمة خطوة صائبة. بيد أنها أوضحت في شهادتها أنه على الرغم من علمها باجتماع تم التخطيط له بين جايسون كناوف ومؤلفي الكتاب، لم تعلم بمدى المعلومات التي تم تبادلها أو التزويد بها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما للذين يؤكدون أن ميغان "علمت" بأن رسالتها إلى والدها قد تُسرب، فهذا مجرد هراء. أولاً، قد يشعر أي شخص تحت الأضواء بالخوف من تسريب رسائل شخصية. ثانياً، شعورها بالخوف من التسريب والشروع في كتابة الرسالة لا يلغيان حقها في الخصوصية. وثالثاً، لا يمكن لمؤسسة "أسوشييتد نيوزبايبرز ليميتد" استخدام هذا الأمر كدليل في الدفاع لأن ذلك لا يمنحها أي حق في انتهاك حق الدوقة في الخصوصية. حتى وإن سبق لوالدها توماس ماركل أن أثبت أنه غير جدير بالثقة في تعامله مع الصحافة، فإن كتابة ميغان رسالة له لا تشمل موافقتها الضمنية على مشاركتها مع الرأي العام.
لا يمكنكم تحويل الخيال إلى واقع على الرغم مما يحاول البعض فعله من خلال هذا الاعتذار. ونظراً للخلاصة النهائية لحكم المحكمة لصالح ميغان، لا شك أن " أسوشييتد نيوزبايبرز ليميتد" لا تعتقد أنها تملك الفرصة في الحصول على حكم مغاير عبر الاستئناف. ولكنني أعتقد أنهم مصرون على القيام بذلك لأنهم يريدون إحداث بروباغندا مسرحية لهذه المحاكمة بغرض واحد وهو محاولة إلحاق الضرر بسمعة ميغان ماركل.
فمن شأن الدخول في محاكمة أن يمنح وسائل الإعلام مواد ووسائل لجر اسمها إلى وُحول الفضائح على أمل أن يعلق شيء ما وبالتالي بيع المزيد من الصحف. هم يريدون على ما يبدو الاستفادة على ظهر الشخص الذي يسعون إلى تشويه صورته. فهل كانت "أسوشييتد نيوزبايبرز ليميتد" تدرك أنه يمكن مقاضاتها لانتهاك حق ميغان في الخصوصية عندما اختارت الشركة نشر رسالتها؟ الإجابة هي نعم. لا شك أن فريق الشركة القانوني حذرهم من مغبة القيام بذلك. ولكن يبدو أن انتهاز الناشر الفرصة لتدمير سمعة ميغان يستحق هذه المجازفة باسم إحداث بلبلة وتحقيق الأرباح، حتى وإن حوكمت الشركة في نهاية المطاف وخسرت الدعوى.
وعوضاً عن اختيار "أسوشييتد نيوزبايبرز ليميتد" إغلاق هذا الملف والمضي قدماً، لا تزال تسعى جاهدة للدخول في محاكمة يبدو أنها ستخسرها مجدداً. لا شك أن بعض وسائل الإعلام البريطانية متعطشة لمحاولة النيل من ميغان ولكن قد يصل بها الأمر إلى تدمير نفسها في سعيها هذا.
د. شولا موس-شوغباميمو هي ناشطة سياسية ومدافعة عن حقوق المرأة. صدر لها حديثاً كتاب بعنوان "This is Why I Resist" (لهذا السبب أقاوم)
© The Independent