تخلت شركة "ميتا" المالكة لـ"فيسبوك"، نهائياً عن إصدار عملة رقمية للتعامل الإلكتروني من خلال موقع التواصل الاجتماعي بعد ثلاثة أعوام على إطلاق المشروع. وبحسب تقرير حصري لصحيفة "وول ستريت جورنال" باعت شركة "ميتا" "تحالف ديم" الذي كان منوطاً به إصدار العملة الرقمية إلى بنك صغير في ولاية كاليفورينا يوفر خدماته لشركات تداول "بيتكوين" والعملات المشفرة وشبكة "بلوك تشين".
كانت وكالة "بلومبيرغ" أول من نشر خبر عزم "فيسبوك" بيع المجموعة المخصصة لإصدار عملة مشفرة. ومع تقرير "وول ستريت جورنال" يتأكد أن مارك زوكربيرغ تخلى تماماً عن فكرة إصدار عملة مشفرة يتداولها المشتركون على "فيسبوك" كما لو كانوا يكتبون تدوينة.
وكان بنك "سيلفرغيت كابيتال كورب" عقد صفقة من قبل مع ذراع "فيسبوك" لإصدار "ديم" يتولى من خلالها إصدار عملات مشفرة مدعومة بالدولار، أي مختلفة عن المشفرات الأخرى لأنه يمكن تحويلها لعملات عادية. وبحسب الصحيفة، فقد باعت "فيسبوك" الأصول التكنولوجية الخاصة بعملتها المقترحة للبنك مقابل 200 مليون دولار.
كانت شركة "فيسبوك" طرحت مشروع إصدار عملة مشفرة، مقومة بالدولار، في عام 2019 وأطلق عليها اسم "ليبرا". وفي محاولة لجعل المشروع بعيداً من ناحية الأعمال عن "فيسبوك"، أسست تحالفاً يضم شركة المدفوعات والتحويلات الإلكترونية "باي بال" وشركة بطاقات الائتمان "فيزا" وشركة "سترايب إنك".
وتكونت المجموعة ومقرها في سويسرا في محاولة من "فيسبوك" وزوكربيرغ لجعلها مشروعاً مالياً بعيداً عن نشاط "فيسبوك" الأصلي بخاصة مع ما يتعرض له الموقع من مشاكل بسبب خصوصية المشتركين والمطالب المتكررة من سلطات دول عدة، بما فيها الولايات المتحدة بأن يبذل "فيسبوك" جهداً أكبر لتنظيم نشاطه لصالح مستخدميه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مع ذلك، وما إن طرح "فيسبوك" مشروع عملته المشفرة حتى استدعت السلطات مارك زوكربيرغ للشهادة أمام الكونغرس حيث دافع عن المشروع باعتباره طريقة لتوفير خدمات مصرفية لمن لا يتعاملون مع المصارف. إلا أن رئيس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي جيروم باول أعرب وقتها عن قلق البنك العميق من إصدار "فيسبوك" لعملة مشفرة، حتى لو كانت أقل مخاطر من حيث المضاربة لربطها بالدولار. وأعربت هيئة البورصة والأوراق المالية الأميركية عن مخاوفها من تأثير إصدار العملة المشفرة، "ليبرا" أو "ديم"، على الاستقرار المالي وخصوصية المعلومات والبيانات. وحذرت الهيئة وقتها من أن عملة "فيسبوك" يمكن بسهولة استخدامها في عمليات تمويل إرهاب أو غسيل أموال أو غير ذلك من النشاطات المماثلة.
وفي عام 2020، عينت "فيسبوك" المسؤول السابق في وزارة الخزانة الأميركية وكبير المحامين في مجموعة "أتش أس بي سي هولدنغ" ستيورات ليفي ليرأس تحالف "ديم" بعدما غيرت اسم العملة من "ليبرا" إلى "ديم". وتولى الإشراف على إطلاق تحالف "ديم" المدير النفيذي في "ميتا" ديفيد ماركوس. لكنه استقال من الشركة الأم لـ"فيسبوك" العام الماضي. وبعد ذلك عقدت الصفقة مع بنك "سيلفرغيت" لتولي عملية إصدار العملة.
وكانت الصفقة جزءاً من عملية إعادة هيكلة واسعة في "فيسبوك" تستهدف إرضاء السلطات المالية والتنظيمية الأميركية وبهدف تخفيف الضغط على الشركة العملاقة بشأن جوانب عدة من نشاطها. ورغم أن هيئة البورصة والأوراق المالية لم تتخذ إجراءات صارمة تجاه شركات تداول العملات المشفرة حتى الآن، فإنها أعلنت أكثر من مرة أنها لن تسمح بالتصريح لأن تكون المشفرات عملات إقراض في السوق.
وتخشى الهيئة بشدة من تضرر سوق الائتمان عموماً وأسواق السندات باستخدام أصول رقمية عالية المخاطر وخاضعة للمضاربات العنيفة كأدوات إقراض ودين، فمن شأن ذلك أن يهدد استقرار السوق.
ويعد تخلي "فيسبوك" عن إصدار عملته المشفرة، رغم أنها مرتبطة بالدولار وبالتالي أقل عرضة للمخاطر عن "بيتكوين" وأمثالها من العملات المشفرة، ضربة موجعة لتوجه إدخال العملات المشفرة في النظام النقدي والمالي الرسمي. حتى توقعات تنظيم الهيئات المعنية في السوق والحكومة الأميركية لتداول العملات المشفرة يمكن أن يقتصر فقط على إخضاع شركات تداولها لمعايير وقيود السوق من دون أن يعني بالضرورة "تقنين" تلك المشفرات كعملات. بل في الأغلب سيكون ذلك مثل تنظيم تداول أي أصول رقمية في السوق.