بينما تقدم شركة "سبوتيفاي" التنازلات للمقدم الأميركي جو روغان، رغم عواصف الحملة المنددة بسلوكه وتصريحاته العنصرية التي أثّرت في سعر سهمها، دخلت شركة "رامبل" التي تتخذ من كندا مقراً لها على خط الأزمة المتصاعدة، بعرض قيمته 100 مليون دولار ووعود بسقف حرية أعلى، لضم روغان إلى منصتها في محاولة لجذب مضيف البودكاست الشهير باستضافاته المثيرة للجدل.
ووجّه كريس بافلوفسكي، الرئيس التنفيذي لـ "رامبل"، رسالة إلى روغان، أعرب فيها عن مساندته للمحتوى الذي يقدمه وضيوفه وجماهيره، وقال "نود أن نقدم لك 100 مليون سبب لجعل العالم مكاناً أفضل".
وتابعت الرسالة التي نشرها الحساب الرسمي للشركة على "تويتر"، "ما رأيك في بث جميع برامجك، القديمة والجديدة من دون رقابة، مقابل 100 مليون دولار على مدى أربع سنوات؟ هذه فرصتنا لإنقاذ العالم. ونعم، هذا قانوني بالكامل".
ويمكن أن يتعارض هذا العرض مع صفقة الـ 100 مليون دولار التي وقعها روغان مع "سبوتيفاي" في عام 2020 لبث محتواه معها حصرياً.
ولم يرد ممثلو "رامبل" ولا روغان أو "سبوتيفاي" على طلبات "فوكس نيوز" للتعليق حول القضية.
"كم الأفواه ليس الحل"
بغضون ذلك، أثار دانيال إك، رئيس شركة "سبوتيفاي"، مزيداً من الجدل حول موقف شركته من حلقات جو روغان، وذلك بعد دفاعه عن استمرار بث مدونات المقدم الأميركي، على رغم رفضه وإدانته للألفاظ العنصرية التي استخدمها أكثر من مرة، وفق ما ورد في رسالة إلكترونية وجهها لموظفي الشركة.
وأكد مؤسس المجموعة السويدية الرائدة عالمياً في مجال خدمات الموسيقى، في الرسالة أيضاً أن حلقات عدة من برنامج روغان سُحبت من المنصة خلال اليومين الماضيين، وهي تتضمن تصريحات غير ملائمة ذات طابع عرقي.
وعلى الرغم من "إدانته الشديدة" لما قاله روغان، و"تأييده" قرار سحب الحلقات من المنصة، قال إك، "أدرك أن البعض يريدون إجراءات أكثر تشدداً (لكن) دعوني أكون واضحاً، لا أعتقد أن إسكات جو هو الحل"، مشدداً على "ضرورة إيجاد قواعد واضحة بشأن المحتوى والتحرك عند انتهاكها"، ومحذّراً من أن "كم الأفواه مسار محفوف بالعقبات".
ونُشرت تعليقات الملياردير السويدي أخيراً في ظل انخفاض مستمر لأسهم الشركة في بورصة "وول ستريت"، نتيجة التوقعات المخيبة للآمال من جهة، والجدل الذي أثارته التدوينات الصوتية لجو روغان، المُتّهم بنشر معلومات مضللة حول جائحة كورونا من جهة أخرى.
سحب الحلقات
وإثر "محادثات" مع "سبوتيفاي" و"تفكير ذاتي"، اختار جو روغان المرتبط مع المنصة السويدية بعقد حصري قُدّرت قيمته بمئة مليون دولار، "سحب عدد من الحلقات من سبوتيفاي"، وفق إك.
يأتي ذلك بعد أن أعرب روغان صاحب بودكاست "ذي جو روغان إكسبيرينس"، السبت الماضي، عن اعتذاره عن تصريحات عنصرية، وقال أتقدم بـ "اعتذار صادق ومتواضع" عن "أكثر أمر جعلني أندم وأشعر بالخزي لأنني تحدثت به علنا".
وتابع "لا يمكنني العودة بالزمن وتغيير ما قلته... لكنني آمل بأن يكون هذا الأمر علّم كثرا مدى الإساءة التي تحملها هذه الكلمة عندما يقولها شخص أبيض".
تنديد واسع
وأقر روغان الذي تعرض أخيراً لحملة انتقادات واسعة، بأن استخدامه كلمة "زنجي" في برامجه خلال السنوات الـ 12 الماضية، والتي جمعت بمقطع فيديو حديث، يبدو الآن "فظيعاً"، حتى بالنسبة إليه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جانبه، أعرب المغني الأميركي الكندي نيل يونغ عن احتجاجه على محتوى مدوّنات روغان الصوتية، مطالباً "سبوتيفاي" بحذف أعماله الموسيقية، وسرعان ما انضم إليه زملاؤه السابقون كروسبي وستيلز وناش، وكذلك المغنية جوني ميتشل، ما تسبب بموجة اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي ودعت المشتركين في "سبوتيفاي" إلى إلغاء اشتراكهم.
جدل الرقابة
وجددت الحملة الساعية إلى وقف حلقات جو روغان على رغم وجود متعاطفين معه الجدل حول حق شركات المحتوى ومواقع التواصل في "مراقبة المحتوى التحريري"، بخاصة بعد انتقادات تعرض لها المقدم الأميركي بأنه يترك المجال مفتوحاً لنشر معلومات مضللة حول جائحة كورونا.
حتى البيت الأبيض تدخل وحثّ "سبوتيفاي" على لسان متحدثته جين ساكي على "بذل المزيد" لمحاربة المعلومات المضللة حول الوباء، مشيدة في الوقت نفسه بقرار المنصة بإضافة بيان إخلاء المسؤولية إلى حلقات البودكاست المتعلقة بالجائحة.
لكن بالنسبة إلى آخرين، فإن الحملة على روغان غير معنية فقط بالألفاظ التي استخدمها واعتذر عنها، ولكنها تدخل ضمن إطار توجه متصاعد للدفع بأجندة اليسار وتكميم الأصوات التي تختلف معها، ومن ضمنهم المقدم المثير للجدل.
واعتبرت الكاتبة في "واشنطن إكزامنير" كايلي وايت، كلمتي "معلومات مضللة"، المتداولة في الحملة على المقدم مجرد شفرة لـ "الآراء التي تتحدى الرواية المفضلة"، مشيرةً إلى أن اليساريين المستائين من روغان جنّوا لمجرد "تفكيره" في استضافة أشخاص يشككون في الحاجة إلى حملة تطعيم واسعة النطاق ضد فيروس كورونا، مثل الدكتور روبرت مالون أو الدكتور بيتر ماكولوغ. وأضافت، "لا يمكنهم تحمل حقيقة أن روغان جلس وتحدث مع "مناهضي التطعيم" و"مناهضي الأقنعة" بدلاً من رفضهم باعتبارهم خطراً على الصحة العامة".
وترى وايت أنه من الجيد تماماً الاختلاف مع مالون وماكولوغ والطعن في وجهات نظرهما، لكنه من المؤكد على حد قولها أن روغان لم يقل أبداً أنه يتفق معهم، بل إنه دعا ضيوفاً آخرين لديهم آراء مختلفة تماماً عن آرائهما، مثل الدكتور سانجاي غوبتا من قناة "سي أن أن"، الأمر الذي يظهر أن "الغاية الأساسية من برنامجه هو إفساح المجال للآراء المتعارضة والسماح للمستمعين باستخلاص استنتاجاتهم الخاصة".
وهاجمت الكاتبة الحملة ضد المقدم قائلة، "هذا هو بالضبط ما لا يستطيع اليسار تحمله. إنهم يكرهون أن يستمع الناس إلى بودكاست روغان ويتوصلون إلى استنتاج مختلف عن استنتاجهم".
وتابعت، "إنهم يرفضون التسامح مع آراء الناس حول الفيروس حين تتعارض مع (تصريحات) مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها لدرجة أنهم سيكونون مستعدين لحظرهم من المجتمع وسجنهم وحتى أخذ أطفالهم منهم. إنهم متطرفون ثقافيون، ويصادف أن يكون روغان أحد الرجال الذين يقفون في طريقهم".
وأشارت الكاتبة إلى أن ما يزعجهم هو أن روغان ليس على استعداد للتحدث والاختلاف فقط، بل يشجع الآخرين على فعل الشيء نفسه.
وختمت مقالتها بالقول "لهذا السبب يريد اليساريون إلغاء روغان للمنصات. هذا ليست له علاقة بـ "كوفيد -19" أو "المعلومات الخاطئة"، هذا مجرد عذر. إنهم يعلمون تماماً مثل روغان، أن العديد مما يسمى بنظريات المؤامرة التي تم تصنيفها على أنها "معلومات مضللة" في بداية الوباء، مثل نظرية التسرب من المختبر، قد ثبتت صدقيتها. إنهم يعرفون أيضاً أن مسؤولي الصحة العامة لدينا قد كذبوا بشأن سياسات معينة، مثل لبس الكمامة، لدفع أجندة سياسية".
تضليل حول الجائحة
ودق أخيراً أكثر من مئتي متخصص أميركي في المجال الطبي ناقوس الخطر، بعدما استضاف روغان الطبيب المعروف بمناهضته اللقاح المضاد لفيروس كورونا روبرت مالون.
ويُتّهم روغان الذي يضم حسابه 11 مليون متابع، ما يجعله الأكثر استماعاً في المنصة، بثني الشباب عن تلقي لقاح كورونا ودفعهم إلى استخدام علاج الإيفرمكتين غير المرخص.
وفي محاولة لتهدئة الوضع، أعلنت "سبوتيفاي" عن سلسلة تدابير تعتزم اتخاذها، من بينها إدخال روابط إلى كل مدوناتها الصوتية التي تتناول وباء "كوفيد-19"، من شأنها أن تقدّم للمستمعين معلومات حقيقية ومن مصادر علمية.