في السعودية، ليست مهرجانات الأفلام وحدها التي لفتت في الآونة الأخيرة أنظار نجوم الفن العربي والصحافيين الدوليين المطاردين لوهج الفن السابع، بل صناع "هوليوود" الذين بدأوا شد الرحال للتصوير في السعودية، في ظل الانفتاح الذي تشهده البلاد على صناعة السينما.
وأبرز الأفلام الأميركية التي تحتضنها السعودية بمشاركة طاقم محلي كبير، فيلم "قندهار" الذي انتهى تصويره بحسب موقع "ديدلاين" الأميركي، الشهر الماضي، وهو من أوائل الأفلام الأميركية التي جرى تصويرها بالكامل في مدينة العلا التاريخية شمال غربي السعودية.
رواية عميل سابق
والفيلم الذي تنتجه شركتا Thunder Road Films و"كابستون" بمشاركة شبكة قنوات "MBC" في الشرق الأوسط، من بطولة الممثل الأسكتلندي جيرارد بتلر الذي يلعب دور العميل السري توم هاريس، ومن إخراج ريك رومان ووه.
وكتب السيناريو الخاص بفيلم قندهار، ضابط المخابرات السابق ميتشل لافورتون، بناءً على تجاربه في وكالة الاستخبارات في أفغانستان.
ومن المقرر أن تتولى "كابستون" المبيعات الدولية الخاصة بالفيلم، وألمحت إلى أنها قد تعرض لقطات للمشترين، خلال سوق الأفلام الأوروبية هذا الأسبوع.
وتدور أحداث الفيلم حول عميل لوكالة الاستخبارات الأميركية يدعى "توم هاريس" يعمل في الشرق الأوسط، ويواجه تحدياً للبقاء مع مترجمه الأفغاني، بعدما انكشفت هويته السرية، وعلق في قلب منطقة معادية في قندهار، ليبدأ بعدها رحلة للهرب من وسط الصحراء القاحلة.
وأعلن عن فيلم قندهار للمرة الأولى في مهرجان كان السينمائي عام 2020.
وجهة جديدة للأفلام
في حين أن هذا ليس بالتأكيد أول فيلم إثارة قام ببطولته الممثل الاسكتلندي، فإن فيلم قندهار يعد من أوائل الأفلام "الهوليوودية" ذات الميزانيات الكبيرة التي يتم تصويرها في مدينة العلا السعودية، التي تعد منطقة أثرية تضم أحد المواقع المدرجة في قائمة مواقع التراث العالمي لـ"اليونسكو".
وتسعى السعودية التي سمحت بفتح صالات السينما في البلاد عام 2017 إلى جذب المنتجين المحليين والدوليين للتصوير في المدينة التاريخية التي تبلغ مساحتها حوالى 29 ألف كيلومتر مربع، وتقع في مركز اهتمام الحكومة السعودية، في إطار "رؤية العلا" التي أطلقت عام 2019 لتطويرها وتحويلها إلى وجهة عالمية للتراث، وصولاً إلى الإسهام بإضافة 120 مليار ريال (31 مليار دولار أميركي) إلى الناتج المحلي.
تسهيلات كبيرة
من جانبه، كشف، كريستيان ميركوري، الرئيس التنفيذي لشركة الإنتاج "كابستون"، بأن المرحلة الأولى قبل البدء في الإنتاج، تمثلت في زيارة السعودية ومنطقة العلا تحديداً، وأخذ جولة فيها لاستكشافها، مشيراً إلى أن الطاقم "فُتن بالموقع وأصالته"، أما المرحلة الثانية، فكانت تتعلق بـ"الدعم الذي ستقدمه الحكومة والمسائل المالية".
وأقر الرئيس التنفيذي بضخامة ميزانية الفيلم، وتأثير الجائحة في ذلك، إضافة إلى تعديل مواعيد التصوير بسبب إغلاقات الحدود، إلا أنه نوه بدعم هيئة الأفلام السعودية وتعاونها، بعد إقرارها خصماً نقدياً بنسبة 40 في المئة للمنتجين المحليين والدوليين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت هناك حاجة إلى إقناع أي من المشاركين بالقدوم إلى السعودية باعتبارها وجهة ناشئة في صناعة الأفلام، أجاب ميركوري بالنفي، مؤكداً أن "الجميع كان نشطاً ومتحمساً للعمل، ولم يكن أي شخص بحاجة إلى الإقناع". وأضاف "كانت مهمتي هي توفير التمويل، أما من خلال مشاهدتي في الواقع، فإن الجميع كان متحمساً لهذا التحدي".
وتابع، "هناك تحديات لوجستية عند الذهاب إلى منطقة جديدة ما زالت تفتقر إلى البنية التحتية، لكن الجميع كان موافقاً على ذلك، وحصلنا على دعم الحكومة وقدمت لنا كل ما نحتاجه ونطلبه".
وكشف ميركوري عن أن معظم من في الطاقم سعوديون، باستثناء عدد قليل من رؤساء الأقسام، مشيراً إلى مشاركة عدد كبير من الممثلين السعوديين في الفيلم.
واستنكر المفاهيم الخاطئة التي يُروج لها عن السعودية قائلاً، "كنا نملك فهماً خاطئاً عنهم، بمن فيهم أنا، (لكن) ما يُذكر في العالم الغربي عنهم ينم عن جهل وتضليل". وأضاف، "لقد كانت تجربة رائعة. يمكنك أن تسأل الفنانين والبقية، كلهم حظوا بالتشجيع واستمتعوا بوقتهم هناك".
وعما إذا كان سيعود لتصوير فيلم آخر هناك، قال "سأعود بالتأكيد ومن دون سابق تفكير".
وبدأ تصوير فيلم قندهار الذي لقي دعماً من هيئة الأفلام السعودية التي تأسست قبل عامين، في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بمشاركة ممثلين وطواقم فنية من جنسيات عدة لأكثر من 25 دولة بينهم سعوديون.