Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يتصاعد العجز التجاري الأميركي وسط استمرار الواردات من الصين؟

تزايد الضغوط على إدارة بايدن رغم مؤشرات التعافي الاقتصادي

حاويات تحوي بضائع مستوردة في لوس أنجليس بولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)

 ارتفع العجز التجاري للولايات المتحدة بنسبة 27 في المئة العام الماضي إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 859.1 مليار دولار، مما يؤكد استمرار اعتماد البلاد الكبير على الواردات من الصين ودول أخرى. 

وقالت وزارة التجارة الأميركية، إن العجز التجاري في السلع والخدمات لعام 2021 تجاوز الرقم القياسي السابق البالغ 763.53 مليار دولار في عام 2006. وتعود سجلات الميزان التجاري السنوية، التي لم يتم تعديلها حسب التضخم، إلى عام 1960. 

ونما العجز التجاري مع الصين بنسبة 14.5 في المئة للعام بأكمله إلى 355.3 مليار دولار، عاكساً التراجع الذي أعقب سياسات الرئيس السابق دونالد ترمب آنذاك الهادفة إلى تقليص العجز بالتعريفات وأهداف الشراء. وكان عجز العام الماضي لا يزال أقل من العجز التجاري القياسي البالغ 418.2 مليار دولار الذي سجلته الولايات المتحدة مع الصين في عام 2018، عندما كان ترمب في منصبه. 

واشترت الصين 57 في المئة من السلع والخدمات الأميركية التي التزمت شراءها خلال عامي 2020 و2021، بموجب الاتفاقية الثنائية الموقعة مع إدارة ترمب في يناير (كانون الثاني) 2020، وفقاً لتحليل أجراه تشاد باون، الزميل الأول في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي. 

تزايد العجز يضغط على إدارة بايدن

العجز الأوسع مع الصين يزيد الضغط على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للرد على فشل بكين في الوفاء بتعهدها. وقال مسؤولو الإدارة، إنهم سيحاسبون الصين، لكنهم لم يكشفوا عن خطوات محددة. 

وقال جيف فيري، كبير الاقتصاديين في مؤسسة "كوليشين فور بروسبيروس أميركا"، (أي التحالف من أجل أميركا مزدهرة) لـ "وول ستريت جورنال"، "لقد أظهر كوفيد مدى اعتمادنا الشديد على المنتجات الأجنبية... واليوم، نحن نعتمد تماماً على الإمدادات نفسها والموردين القادمين من الصين ودول أخرى". وتمثل المؤسسة مجموعات التصنيع والزراعة والنقابات التي تدعم تخفيض التجارة مع الصين. 

وقالت سارة بيانكي، نائبة الممثل التجاري للولايات المتحدة، إن الولايات المتحدة "تشارك بنشاط مع الصين" لمعالجة قضايا التجارة الثنائية. وقالت الأسبوع الماضي خلال حلقة نقاشية، في إشارة إلى الاتفاقية الثنائية، "من الواضح حقاً أن الصينيين لم يفوا بالتزاماتهم في المرحلة الأولى". 

ورداً على سؤال حول فشل الصين في الوفاء بالتزامات الشراء، قال تشاو ليجيان، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، خلال مؤتمر صحافي يوم الاثنين، إنه يجب حل قضايا التجارة الثنائية "بروح الاحترام المتبادل والتشاور على قدم المساواة".

وأضاف: "يجب على الولايات المتحدة أن تعمل مع الصين لتعزيز التنمية السليمة والمطردة للصين والولايات المتحدة. وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين". 

تعافي الاقتصاد الأميركي بقوة 

وتأتي الزيادة الحادة في العجز التجاري مع استمرار الاقتصاد الأميركي في التعافي بقوة من الركود الناجم عن الوباء خلال عام 2020. ويقدر صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد الأميركي نما بنسبة 5.6 في المئة في عام 2021، أسرع من معظم الاقتصادات المتقدمة، التي يبلغ متوسط معدل نموها 5 في المئة. 

وأنفق المستهلكون الأميركيون مبالغ طائلة على السلع المستوردة مثل أجهزة الكمبيوتر وآلات الألعاب والأثاث، حيث يتدفقون للشراء بأموال التحفيز بينما هم أقل استعداداً للتباهي بالسفر وتناول الطعام خارج المنزل بسبب مخاوف صحية. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال جيك كولفين، رئيس المجلس الوطني للتجارة الخارجية، وهي مجموعة تمثل مختلف الولايات المتحدة الأعمال، إن الطلب القوي على السلع الرأسمالية من الشركات، فضلاً عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، أدى إلى زيادة فواتير الاستيراد الأميركية. 

وأضاف كولفين أن الولايات المتحدة يجب أن تخلق طريقاً لعلاقة تجارية جديدة مع الصين تتجاوز اتفاق ترمب، من خلال العمل بشكل أوثق مع دول آسيا والمحيط الهادئ الصديقة وتقليل أعباء الرسوم الجمركية على الشركات الأميركية من خلال صياغة عملية استبعاد واسعة النطاق. 

فجوة العجز 

ويعد العجز التجاري الواسع مصدر قلق وهو مسألة نقاش بين الاقتصاديين. في حين يتوافق التوسع الأخير مع نقاط القوة الأساسية للاقتصاد الأميركي، بما في ذلك الاستثمار التجاري القوي، وزيادة الإنفاق الاستهلاكي، وانخفاض البطالة. ومع ذلك، تظهر الفجوة أيضاً أن الولايات المتحدة تشتري مزيداً من السلع والخدمات أكثر مما تبيعه، التي يقول البعض إنها تمثل الوظائف التي يتم القيام بها في الخارج والتي يمكن القيام بها محلياً وربما تخلق مخاوف تتعلق بالأمن القومي. 

وقالت شركة "أمازون دوت كوم"، التي تبيع سلعاً مستوردة من بين عروض أخرى، الأسبوع الماضي، إن مبيعاتها نمت العام الماضي من 2020، وهو العام الذي تحول فيه عديد من المستهلكين إلى التسوق عبر الإنترنت أثناء عمليات الإغلاق الوبائي. 

وقال آندي غاسي، الرئيس التنفيذي لشركة أمازون، عند إعلانه عن أرباح الشركة، إن العاملين في قسم البيع بالتجزئة في الشركة "عملوا بفعالية في وضع الذروة لمدة عامين تقريباً". 

إضافة إلى العجز لعام 2021، كانت مستويات صادرات الخدمات منخفضة، التي تمثل ثلث إجمالي الصادرات الأميركية. كما تعكس الانخفاضات تراجعاً حاداً في الإنفاق في الولايات المتحدة من قبل السياح الأجانب والطلاب. حيث تراجع الفائض في تجارة الخدمات 5.6 بالمئة إلى 231.5 مليار دولار في 2021. ووفقاً للخبراء الاقتصاديين قد يتغير هذا الاتجاه في الأشهر المقبلة، مما يؤدي إلى انخفاض تدريجي في العجز الكلي. 

وقال ماهر رشيد الاقتصادي الأميركي في شركة "أكسفورد إيكونوميكس"، وهي شركة أبحاث مقرها المملكة المتحدة، "بافتراض أنه ليس لدينا متحورات أخرى، تستمر الأنشطة الاقتصادية في الدفء، ويبدأ الناس في السفر أكثر، بالتالي نتوقع أن تنتعش صادرات الخدمات حقاً في وقت لاحق من العام، لذلك يجب أن يكون هناك نمو تجاري أكثر توازناً بشكل عام". 

من جانبه قال أندرو هانتر، كبير الاقتصاديين الأميركيين في "كابيتال إيكونوميكس"، وهي شركة أبحاث، إن الصادرات والواردات زادت في ديسمبر (كانون الأول)، مما يشير إلى انحسار مشكلات سلسلة التوريد العالمية. 

وكتب في مذكرة بحثية يوم الثلاثاء "يبدو أن التجارة في كلا الاتجاهين قد استفادت من تخفيف الازدحام في الموانئ الأميركية قرب نهاية العام الماضي". 

المواجهة التجارية مع الصين 

في حين شجعت سياسة المواجهة التجارية ضد الصين التي تتميز برسوم جمركية أعلى وأهداف استيراد، التي بدأها ترمب، وأبقى عليها الرئيس بايدن إلى حد كبير، الشركات الأميركية على تنويع عملياتها في آسيا ومصادر الواردات، فيما شهد هذا الاتجاه تسارعاً خلال الوباء. 

وكانت الواردات الأميركية من الصين في عامي 2020 و 2021 أقل بنحو 5 في المئة من إجماليات عامي 2018 و 2019، أي بعامين قبل بدء الوباء، وفقاً لبيانات التجارة الحكومية. 

وفي الوقت نفسه، زادت الواردات من الدول الآسيوية الأخرى بشكل كبير خلال الوباء. حيث ارتفعت الواردات الأميركية من فيتنام بنسبة 57 في المئة في 2020-2021 مقارنة بفترة 2018-2019، مدفوعة بمشتريات الإلكترونيات والأثاث. وشهدت تايوان وتايلاند وماليزيا زيادات في النسبة المئوية للواردات في تلك الفترات. 

كما شهدت الولايات المتحدة ارتفاعاً في الواردات من سويسرا بنحو 61 المئة في 2020-2021 مقارنة بالعامين السابقين. وكانت هذه الزيادة مدفوعة إلى حد كبير بارتفاع واردات الذهب والمعادن النفيسة الأخرى.

اقرأ المزيد