على الرغم من أن الأنباء الرسمية حول زيارة كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى الكويت يوم أمس الثلاثاء ولقائهما أميرها الشيخ نواف الجابر آل الصباح، لم تتطرق إلى ملف انتهاء تجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية، واكتفت بأحاديث التعاون بين الدول الثلاث في المجالات كافة، إلا أن التكهنات حول عودة دمشق بدأت تلوح في الآفاق العربية، لا سيما أن المحادثات على مستوى القادة تطرقت إلى الحديث عن القمة العربية المرتقبة هذا العام في الجزائر والتنسيق المشترك حول الملفات التي ستُطرح للنقاش على طاولتها.
وأوردت وكالة الأنباء الكويتية بياناً مقتضباً حول زيارة الرئيس المصري أشارت فيه إلى أن الجانبين استعرضا عدداً من القضايا الإقليمية والدولية التي تهم البلدين وسبل تعزيزها ودعمها وتطويرها.
ولم يفصّل البيان الملفات التي جرت المباحثات حولها، لكن تزامن زيارة الرئيس المصري مع زيارة نظيره الجزائري إلى الدولة الخليجية جعل احتمالية الحديث حول ملف دمشق وحضورها القمة المقبلة أمراً مطروحا، في تقدير مراقبين.
"كفانا تفرقة"
وكان تبون أكد صراحة في أحاديث سابقة سعيه لعودة سوريا إلى الحضن العربي منذ تولّيه مقاليد الحكم في بلاده عام 2019، إذ أشار في تصريحات صحافية أخيراً إلى أن دمشق تستحق العودة إلى جامعة الدول العربية.
وفي شهر أغسطس (آب) الماضي، عادت الحكومة الجزائرية لتؤكد موقف رئيسها، الداعم لإنهاء تجميد عضوية سوريا وعودتها إلى أشقائها العرب، ولكن هذه المرة على لسان وزير الخارجية رمطان لعمامرة الذي قال في تصريحات صحافية إن "عودة دمشق موضوع أساسي في تحضيرات القمة"، مؤكداً في الوقت ذاته أن عودتها ستكون خطوة مهمة ومتقدمة في عملية لمّ الشمل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
التوجهات الجزائرية حول إنهاء الفرقة بين الأشقاء كانت واضحة في تصريحات رئيسها، الأسبوع الماضي، تحديداً في 16 فبراير (شباط) الحالي أثناء لقائه بممثلي الصحافة المحلية في بلاده، والذي سبق زيارته إلى دولتين خليجيتين هما قطر والكويت، إذ أشار إلى عدم وجود خلاف بين القادة العرب، مستدركاً بالقول إن أولويات القمة العربية المقبلة هي "لمّ الشمل بين الدول قدر المستطاع فقد كفانا تفرقة".
من جانب مصر التي زار رئيسها الكويت ضمن القمة الثلاثية، فإن موقفها وسلطنة عمان كان أكثر وضوحاً، إذ قال سامح شكري، وزير خارجية مصر إن بلاده تتطلع إلى أن تتوافر الظروف لعودة سوريا إلى النطاق العربي، وتكون عنصراً داعماً للأمن القومي العربي.
وأضاف شكري خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العماني بدر بن حمد البوسعيدي عُقد في مقر وزارة الخارجية العمانية، "سوف نستمر بالتواصل مع الأشقاء العرب لتحقيق هذا الغرض، ونتطلع إلى أن تتخذ الحكومة السورية الإجراءات التي تسهل عودة دمشق إلى الجامعة العربية". وكان البوسعيدي قال أخيراً إن مسقط في كل الأعوام الماضية احتفظت بعلاقاتها مع دمشق ولم تسحب سفيرها منها مثل ما فعلت دول كثيرة في الجامعة.
ملف العشر سنوات
الحديث عن إنهاء تجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية واحتمالية حضورها القمة العربية المقبلة المتوقع انعقادها في الربع الأخير من العام الحالي، يشوبه الغموض بسبب الاختلاف في وجهات النظر بين الدول العربية حوله، إذ يرى البعض أن المرحلة الحالية التي تمر بها دمشق تجاوزت الظروف التي برزت عام 2011 سواء على المستوى الأمني أو الاقتصادي أو السياسي، مما دفع دولاً عربية إلى تبنّي عودتها لمقعدها الشاغر في الجامعة منذ عقد من الزمن، إلا أن تلك الدعوات تصطدم برفض البعض الآخر من أعضاء الجامعة عودة دمشق لعدم زوال السبب الرئيس الذي أدى إلى تجميد عضويتها. ويعلّق صدقة فاضل، أستاذ العلوم السياسية وعضو مجلس الشورى السعودي السابق بالقول إن "الذي يحدد العضوية في الجامعة العربية وبحسب نظامها سواء بالرفض أو القبول أو التجميد هو مؤتمر القمة للقادة العرب، الذي يُعقد بشكل سنوي، وفي الغالب تتم بلورة ما تمت مناقشته والاتفاق عليه عبر اجتماعات مجلس وزراء الخارجية العرب قبيل القمة، ولم تتم مناقشة ملف سوريا في اجتماعهم الأخير المنعقد في الكويت بشكل رسمي، بالتالي لا يتوقع عودة قريبة لدمشق على الرغم من أنها دولة مؤسسة للجامعة".
وأوضح أن النظام في جامعة الدول العربية والمنظمات الأخرى المشابهة سواء إقليمية أو عالمية، تشترط زوال الأسباب التي أدت إلى تجميد العضوية كشرط مسبق لعودة أي دولة إلى مقعدها الشاغر"، وهذا ما لا يتأتى في حالة دمشق.
دعم إماراتي
الدعوات لعودة سوريا إلى الجامعة لا تقتصر على الجزائر، إذ طلبت حكومة أبو ظبي على لسان وزير خارجيتها الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان في شهر مارس (آذار) 2021، عودتها إلى محيطها العربي، وقال في تصريحات صحافية حينها إن "التعاون الإقليمي ضروري لبدء مسار العودة"، مستدركاً بالقول إن "هذا يتطلب جهداً مضاعفاً من الجانب السوري وكذلك من الدول الأعضاء في الجامعة". ومثل أبو ظبي، جمهورية مصر التي ظلت على اتصال بالنظام السوري، كما تردد أن اتصالات سعودية غير رسمية جرت مع دمشق، وشرعت الرياض في ترميم سفارتها هناك.
مجرد تكهنات
ومع تفاوت وجهات النظر حول ملف دمشق، يظل احتمال عودتها ضئيلاً في الوقت الراهن، لا سيما أن جامعة الدول العربية لم تناقش هذا، وفق الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، في تصريحات صحافية على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب الشهر الماضي في الكويت حين قال إن "موضوع عودة دمشق لم يُطرح خلال المناقشات"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن عودة أي دولة إلى مقعدها في الجامعة تسبقه في العادة مباحثات ومشاورات لطرح مشروع قرار لإنهاء تجميد العضوية".
ومع أن الاجتماع السابق لوزراء الخارجية العرب لم يطرح مشروع قرار عودة دمشق إلى معقدها، إلا أن احتمالية التطرق إليه في الاجتماع المقبل في القاهرة لا تزال قائمة، لا سيما أن الاجتماع سيحدد الموعد الرسمي لانعقاد القمة، بحسب بيان لوزارة الخارجية الجزائرية أواخر الشهر الماضي.