في وقت تدور فيه الأزمة بين روسيا والغرب، خصوصاً حلف شمال الأطلسي "ناتو" عقب غزو القوات الروسية أوكرانيا، إلا أن الحكومة العراقية واصلت تعزيز علاقاتها مع الحلف بشكل أوثق لتدعيم قدرات المؤسسة العسكرية العراقية.
وأظهرت الأيام القليلة الماضية سلسلة اجتماعات بين بعثة "الناتو" في العراق والمسؤولين العراقيين، فضلاً عن زيارة ضباط من الحلف لمعسكرات الجيش العراقي للاطلاع على إمكانية مساعدته في تحسين قدراته على مواجهة تنظيم "داعش".
وترفض الأحزاب والفصائل المسلحة الموالية لإيران أي تواجد دولي أو أميركي بحجة حفظ السيادة العراقية، من دون مناقشة العواقب الخطيرة لهذه التوجهات "الإيرانية" الهادفة للضغط على واشنطن وحلفائها في التفاوض بشأن الملف النووي والوضع في العراق وغيره من البلدان.
الاستفادة من "الناتو"
وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، إن العراق سيعمل على الاستفادة من خبرات حلف شمال الأطلسي كون أن "داعش" لا يزال يمثل خطراً كبيراً.
وذكر بيان صادر عن مكتب مستشار الأمن القومي العراقي، بعد لقائه قائد بعثة "الناتو" في العراق، بيار أولسن، أن الأعرجي أكد أن وجود بعثة الحلف جاء بطلب من الحكومة العراقية، وأن أي توسيع للمهمات سيكون بناءً على طلبها.
ونقل البيان عن أولسن أن "بعثة الناتو تدعم العراق لمواجهة الإرهاب والتطرف".
سلسة اجتماعات
ولم يكن هذا الاجتماع هو الأول الذي يعقده الأعرجي مع "الناتو"، إذ سبقته اجتماعات للتباحث حول تطوير قدرات الجيش العراقي، والتنسيق مع الحلف حول منع تسلل الإرهابيين من الأراضي السورية، فضلاً عن جهود الحلف لتطوير برامج خاصة بتعزيز دور المرأة ضمن المؤسسة العسكرية العراقية.
وحل حلف شمال الأطلسي كبديل عن القوات الأميركية التي تدرب القوات العراقية لزيادة قدراتها في مواجهة الإرهاب بكل أشكاله.
مهم جداً
بدوره، رأى الباحث الأمني والاستراتيجي معن الجبوري أن "تطوير علاقة العراق مع حلف شمال الأطلسي مهم جداً، لا سيما في ظل الانسحاب الأميركي من العراق". وأضاف أن "العلاقة بين العراق وحلف الناتو علاقة استراتيجية ومهمة لضبط إيقاع الوضع الأمني وتطوير إمكانات ومهارات الجيش العراقي والأجهزة الأمنية والقوات المسلحة"، لافتاً إلى أن "الإمكانات التي يتمتع بها الناتو عالية جداً من ناحية التدريب والتسليح والتجهيز".
بديل واشنطن
وشدد الجبوري على أهمية هذا التعاون "لا سيما في ظل الانسحاب الأميركي الذي أحدث فراغاً كبيراً في تقديم الدعم الجوي"، مبيناً أن "العراق في حاجة ماسة لتطوير خبراته وإمكاناته وتقنياته في هذا المجال لسد الفراغ الذي سيتركه خروج القوات الأميركية من البلاد".
ولفت إلى أن "الحلف لديه أقمار صناعية وهي مفيدة للعراق في الجانب الاستخباري، ولديه تقنيات في مجال الحرب السيبرانية".
الحلف الأطلسي صديق
وتابع الجبوري أن "العراق صديق لحلف الناتو، وهذه الصداقة ستصب لصالح القوات الأمنية العراقية والأجهزة الأمنية العراقية، وهو بدوره يحق له أن يقيم علاقات ثنائية مع دول الحلف، إضافة إلى علاقاته مع الحلف ككل"، مشيراً إلى أن "هذا الأمر سيمكّن العراق من عقد صفقات تسليح مع دول ضمن حلف شمال الأطلسي، وكذلك اتفاقات مع دول الحلف في مجال التدريب".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مناورات مع "الناتو"
وذكر الجبوري أنه "من الممكن للعراق أن يقوم بمناورات مشتركة مع الناتو، أو مع دول داخل الحلف، لتطوير قدرات قواته المسلحة في مواجهة داعش ومنع تسلل الإرهابيين عبر الأراضي السورية".
روسيا لا تمانع
وعن الموقف الروسي من التعاون مع "الناتو"، بيّن الجبوري أن "موسكو تقدر الموقف باعتبار أن العراق ليس عضواً في الحلف، وله الحرية في شراء أسلحة، كما لديه أسلحة روسية، علماً أن العقيدة العسكرية العراقية لا تؤمن بالوقوف إلى جانب طرف ضد آخر".
اتفاقات جديدة
بدوره توقع مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية، غازي فيصل، أن يعقد العراق اتفاقات جديدة مع حلف شمال الأطلسي، إضافة إلى اتفاقاته السابقة لتعزيز قدراته الدفاعية.
وقال فيصل، إن "الاتفاقات التي أُبرمت بين العراق وحلف الأطلسي في السنوات الماضية التي تتضمن التدريب والدعم اللوجيستي، والتعاون في الجانب الاستخباراتي، هي لتعزيز قدرات القوات المسلحة العراقية للعمل بكفاءة عالية"، لافتاً إلى "وجود اتفاقات مع ألمانيا وفرنسا لشراء أسلحة لتعزيز القدرات الدفاعية للقوات العراقية". وأضاف أن "هذا التعاون لن يؤثر على علاقة العراق مع روسيا، فالعراق يعمل بمسارين، الأول هو التعاون مع الجانب الروسي، والآخر أن يذهب باتجاه عقد اتفاقات مع حلف شمال الأطلسي"، مبيناً أن "الحلف شارك بدعم لوجيستي للعراق في مجال التسليح والتدريب، فضلاً عن أن التعاون مع روسيا والناتو لا يعني إلغاء العلاقة مع الولايات المتحدة".
ورجح أن "تتطور العلاقة مع حلف شمال الأطلسي، لا سيما في ظل المصلحة الوطنية التي تقرها الحكومة العراقية"، مؤكداً أن "الحلف لا يتدخل بالشؤون الاستراتيجية والأمنية للعراق، وإنما هو طرف لتطوير القدرات الدفاعية العراقية على مختلف المستويات".
وتتكون بعثة "الناتو" في العراق حالياً من 500 عنصر، وهناك توجه لزيادة أعداد البعثة بنحو 5000 عنصر، سيتم نشرهم في قواعد ومعسكرات خارج العاصمة بغداد، بهدف توسيع مهمة الحلف الخاصة بتدريب القوات العراقية، وجعلها قادرة على منع أي تهديدات إرهابية سواء من "داعش" أو من ميليشيات أخرى.