فجرت مباراة نهائي كأس أبطال أفريقيا لكرة القدم بين فريقي الترجي الرياضي التونسي والوداد البيضاوي المغربي، أزمة تجاوزت مساحة المستطيل الأخضر والناديين الرياضيين، لتصل إلى مستوى سياسي غير مسبوق يعكس ما وصلت إليه الأجواء من توتر بعد المباراة.
وأقر المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي لكرة القدم، في اجتماع له في باريس الأربعاء 5 يونيو (حزيران)، إعادة المباراة على أرض محايدة مع المحافظة على نتيجة مباراة الذهاب التي جرت في المغرب وانتهت بالتعادل هدف لهدف بين الفريقين.
غضب شعبي
أثار القرار غضب الجماهير الرياضية في تونس، ورأت فيه انحيازاً من رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم أحمد أحمد لصالح المغرب. ووجهت له عبر وسائل التواصل الاجتماعي اتهامات خطيرة بحكم إقامته الدائمة في المغرب وزواجه بمغربية، فيما اعتبر كثيرون أن القرار مخالف للأعراف والقوانين الرياضية ومحاولة لسحب اللقب من الترجي الذي كان يسير بخطى ثابته للفوز باللقب بعد تعادله الإيجابي في المغرب مع الوداد البيضاوي وتسجيله لهدف في مباراته بتونس قبل توقف المباراة.
كذلك احتج النادي المغربي على عدم توفر جهاز إعادة اللقطات التي يتم التشكيك بوقوع مخالفة أو خطأ فيها. وبحسب حكم VAR المباراة، باكاري غاساما (غامبيا)، فإنه أبلغ الفريقين أن الجهاز لا يعمل بسبب خطأ الشركة البريطانية التي تشغّله مع استكمال الأجهزة التي تقوم بضمان التشغيل السليم له.
وجاء تصريح رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" ليسقط حجة الفريق المغربي الذي صرح أن عدم تشغيل جهاز إعادة اللقطات ليس سبباً لوقف المباراة. وهذا ما أسقط اعتراض الفريق المغربي على إلغاء الحكم هدفاً سجله اللاعب المغربي وليد الكارتي في الدقيقة 58. وقال إن "إلغاء هدف الفريق المغربي كان بسبب خطأ على مدافع الترجي وليس بسبب التسلل"، وأنه نبه لاعبي الوداد ثلاث مرات بضرورة العودة لاستئناف اللعب ورفضوا ذلك، ما أرغمه على إعلان نهاية المباراة وفوز الترجي بنتيجة هدف لصفر.
قلب المعطيات
وتطرّق مراقب المباراة أحمد يحيى (موريتانيا)، في تقريره عن المباراة، إلى الأمور الأمنية التي كانت تحيط بالمباراة والتي اتسمت بالخلل الكلي، حسب ما أورده في التقرير. وقد استند الاتحاد المغربي لكرة القدم إلى هذه الذريعة في الطعن والمطالبة بإعادة المباراة، وهو ما اعتمده المكتب التنفيذي للاتحاد الأفريقي.
واستند قرار الاتحاد الأفريقي إلى مبررات وذرائع أمنية كانت وراء إيقاف المباراة. وأثار رفض لاعبي الوداد متابعة المباراة غضباً رسمياً في تونس، حيث غرد رئيس الحكومة يوسف الشاهد على "توتير" "قواتنا الأمنية مثال يحتذى به في العالم ومن يشكك في أمن تونس يتحمل مسؤوليته".
هذا الموقف، جاء رد فعل على محاولات التشكيك في مقدرة أجهزة الأمن التونسية على ضمان الأمن وحسن سير المباريات الدولية. وفي المستوى السياسي، اعتُبر محاولة لضرب صورة تونس في العالم. ويرد الخبير الأمني العميد المتقاعد علي الزرمديني في حديث مع "اندبندنت عربية"، على ذلك بالقول إن "تونس هي البلد الوحيد في العالم الذي هزم الجماعات الإرهابية، بفضل أجهزتها الأمنية والعسكرية، والتي يشهد لها كثر من الخبراء الأمنيين في العالم بالتميّز في أداء مهماتها الأمنية على أحسن وجه".
وأضاف الزرمديني أن "الأجهزة الأمنية التونسية نجحت في تغطية كل المؤتمرات والملتقيات والتظاهرات الرياضية العالمية التي احتضتها تونس، بدءًا بالألعاب المتوسطية وصولاً إلى كأس أفريقيا"، مذكّراً بأن "ملك المغرب محمد السادس قام بزيارة خاصة إلى تونس استمرت أسبوعين سنة 2014، جال فيها في عدد كبير من المدن وزار الأسواق وتحدث إلى عشرات المواطنين وجلس في كثير من الأماكن العامة ولو كان هنالك تهديد أمني ما، لما وافقت أجهزة الأمن الخاصة بالملك على قيامه بمثل هذه الزيارة".
القضية إلى الاتحاد الدولي
وفور صدور القرار، أعلن الفريق التونسي أن إدارته ستعقد خلال الأيام القادمة اجتماعاً طارئاً للطعن فيه لدى الجهات الدولية المختصة واتخاذ الإجراءات الضرورية للدفاع عن حق الفريق بالطرق القانونية.
وكشف بعض المراقبين عن أن النادي التونسي سيلجأ إلى محكمة التحكيم الرياضية في مدينة لوزان بسويسرا، للطعن في قرار الكونفدرالية الأفريقية لكرة القدم.
وبعد أقل من أربع وعشرين ساعة، الخميس 6 يونيو (حزيران)، أوقف الديوان الوطني الفرنسي لمكافحة الفساد والجرائم المالية والضريبية، في باريس، رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم أحمد أحمد، ما اعتبره البعض انتقاماً قدرياً ممن ظلم "الترجي"، فيما رأى البعض أنه دليل على أن هناك فساداً في الكونفدرالية الأفريقية لكرة القدم.
وفي الانتظار، فإن المباراة التي أشعلت غضب الشارع الرياضي والمستوى السياسي الرسمي، حولت رياضة كرة القدم إلى أزمة تفرّق وتصعّد التوتر بين بلدين شقيقين.