يؤكد كثير من نساء الأردن أن مقولة "المرأة نصف المجتمع" ليست أكثر من محاولة للاختباء خلف تاريخ طويل من عدم إنصاف المرأة الأردنية في المملكة في كل القطاعات، على الرغم مما ينص عليه الدستور الأردني بأن "الأردنيين أمام القانون سواء، لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات، وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين".
وفضلاً عن عدم إنصاف المرأة في التشريعات الأردنية، ما زالت كثيرات منهن أسيرات العادات والتقاليد المجتمعية التي تعرضهن للتعسف وتعطل تمكينهن ومنحهن الحقوق الأساسية.
ويدعو مراقبون إلى زيادة مشاركة النساء الأردنيات في كل القطاعات، في وقت يعمل فيه معظم نساء الأردن في قطاع التعليم، يليه قطاع الصحة والعمل الاجتماعي، وعلى الرغم من ذلك، تتلقى النساء العاملات أجراً أقل من الذكور.
أردنيات وزيرات
وفي كثير من الأحيان تتعالى الأصوات الداخلية التي تطالب بتعيين امرأة رئيسة للحكومة الأردنية، علّها تنجح في حل كل الملفات العالقة، بخاصة الملف الاقتصادي، ومن بين هؤلاء الكاتب محمد الصبيحي الذي ينتقد طريقة الزج بعدد من الوزيرات في كل حكومة بما يشبه عملية تجميل، مطالباً بتعيين امرأة رئيسة للحكومة المقبلة، مضيفاً، "لم يجرؤ أي من رؤساء الحكومات على اختيار سيدة لمنصب وزير الداخلية، أو وزير الخارجية، وفي كل الحالات تقريباً يختار الرؤساء وزيرات في مناصب غير سيادية أو حساسة".
وترى وزيرة التنمية السابقة ريم أبو حسان أن المرأة الأردنية قادرة على تسلم منصب رئيس الوزراء، مشيرة إلى أن النص الدستوري في الأردن لا يمانع ذلك. وتقول الوزيرة أبو حسان، إن المرأة الأردنية أثبتت مكانتها ودورها القيادي في مختلف الصعد، لافتة إلى أن دورها في المجتمع لا يعكس قدرات المرأة الأردنية.
وتشير الإحصائيات إلى أن عدد السيدات الأردنيات اللواتي حملن لقب معالي هو 30 سيدة منذ تأليف أول حكومة أردنية يوم 11 فبراير (شباط) 1921، وكانت إنعام المفتي أول سيدة تحمل حقيبة وزارية، وهي حقيبة "الشؤون الاجتماعية"، في حكومة الشريف عبد الحميد شرف التي شكلت في 19 ديسمبر (كانون الأول) عام 1979، في حين كانت ليلى شرف أول وزيرة إعلام أردنية وتقلدت المنصب في حكومة أحمد عبيدات التي تشكلت يوم 10 يناير (كانون الثاني) عام 1985 .
وتعد ريما خلف أكثر سيدة أردنية تسلمت حقيبة وزارية وبواقع خمس مرات، بينما اعتبرت حكومة عمر الرزاز أكثر حكومة تضم وزيرات، إذ ضمت سبع وزيرات دفعة واحدة في تشكيلتها الأولى.
تشوهات تشريعية
وتتحدث ناشطات عن تشوهات تشريعية بالغة الأثر تعوق مسيرة المرأة الأردنية، وتكمن في قوانين الجنسية والعمل والتقاعد المدني، ما يؤثر على وضع المرأة في الوظائف القيادية والعليا، في القطاعين العام والخاص، ويؤكد مراقبون أن ثمة تمييزاً في القوانين ضد المرأة وعدم عدالة في إقرارها بين المكونات المجتمعية، الأمر الذي يعصف بالمجتمع، ويؤدي إلى شيوع تحديات اجتماعية وثقافية تواجه الأسرة الأردنية بأكملها.
في المقابل، تقول الحكومة الأردنية إنها أجرت تعديلات مهمة على الدستور، ينظر إليها على أنها ستكون خطوة إلى الأمام من أجل النهوض بحقوق المرأة الأردنية، وبخاصة المشاركة السياسية، وجرى تعديل الفصل الثاني من الدستور الأردني بإضافة كلمة الأردنيات ليصبح "حقوق الأردنيين والأردنيات وواجباتهم"، كما تمت إضافة فقرة جديدة إلى المادة السادسة من الدستور تنص على أن "تكفل الدولة تمكين المرأة ودعمها للقيام بدور فاعل في بناء المجتمع بما يكفل تكافؤ الفرص على أساس العدل والإنصاف وحمايتها من كل أشكال العنف والتمييز".
تراجع النساء في المناصب
وتظهر بيانات دائرة الإحصاءات العامة تراجعاً في تقلد النساء المناصب القيادية، وبخاصة في السلك الوزاري، وبلغت نسبتها 9.38 في المئة لعام 2020، ووفقاً لجمعية معهد تضامن النساء الأردني، فإن هذه النسبة تؤكد عدم وجود إرادة حقيقية تجاه تمكين النساء سياسياً وإدماجهن في العمل السياسي وتقلدهن المناصب القيادية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتشارك النساء الأردنيات في وزارات مختلفة في مناصب الوزير والأمين العام، مثل: التنمية الاجتماعية، والبلديات، والتخطيط، الثقافة، والصناعة والتجارة، والسياحة والآثار، والقطاع العام، وغيرها من الوزارات، ولكن لا توجد لهن مشاركة في الوزارات الحساسة مثل الداخلية، والخارجية، والعدل.
وتنوه مؤسسات حقوقية إلى تراجع الأردن 31 مركزاً على محور التمكين السياسي، بحسب التقرير العالمي لمؤشر الفجوة بين الجنسين لعام 2021، وترصد تقارير هيئة الأمم المتحدة المعنية بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، إلى تراجع الأردن بشكل ملحوظ في مجال التمثيل النسائي الوزاري، إذ احتل المركز العاشر عربياً، والمركز 127 عالمياً مع نهاية عام 2019، وتراجع بذلك ستة مراكز على المستوى العربي و32 مركزاً على المستوى العالمي.
حقوق منقوصة
تاريخياً، لم تحصل النساء في الأردن على حق التصويت حتى عام 1974، وفي عام 2003، تم تعديل نظام الحصص في البرلمان الأردني، وتم تخصيص مقاعد للمرأة "كوتا"، كما تم تعديل بعض القوانين التي كانت تقلل من قيمة المرأة، كقانون العقوبات الذي كان سابقاً يخفف من الأحكام الصادرة بحق الرجال المرتكبين لجرائم الشرف.
وتُعد نسبة التحاق الإناث في مختلف مستويات الدراسة مرتفعة، لكن البطالة والاختلافات في الأجور والتفرقة المهنية أثرت بشكل كبير على مستوى عمل المرأة، وتصل نسبة البطالة بين النساء إلى نحو 30 في المئة، في وقت تعتبر فيه قطاعات كبيرة من الاقتصاد الأردني مغلقة أمام النساء.
وفي جانب الحقوق الأسرية، رفع البرلمان الأردني السن القانونية للزواج إلى 18 سنة للفتيان والفتيات، وعلى الرغم من أن القانون والمحاكم الشرعية تنص على أحقية المرأة بالميراث والتملك، يتعرض معظم النساء لضغوط متكررة للتنازل عن حقوقهن وميراثهن، ولذلك، فإن نسبة الممتلكات للنساء في الأردن لا تزيد على أربعة في المئة فقط.