ضجت وسائل التواصل الاجتماعي في الأردن بقصة المواطنة الأربعينية حمدة التي كانت تعمل في مصنع للخياطة بمنطقة الأزرق، وتعرّضت لضغوط نفسية وإهانة وإساءة من قبل رئيسها في العمل، ففارقت الحياة بعدها بدقائق نتيجة انفجار شريان دماغي.
وتصدّر وسم "حمدة الخيّاطة" قائمة الأكثر تداولاً في البلاد وسط مطالبات بمحاسبة المتسببين بالحادثة، وفتح ملف العاملات في المصانع، وكشف ما يتعرضن له من استغلال وإساءة وظروف عمل غير إنسانية وضغوط نفسية.
وتقول منظمة الصحة العالمية في تقييم أجرته عام 2019 إن الاقتصاد العالمي يخسر نحو تريليون دولار سنوياً جراء نوبات الاكتئاب التي تصيب العاملين والعاملات في ظل بيئات عمل غير صحية نفسياً.
الصحة النفسية منتهكة
ويعمل في قطاع الألبسة بالأردن 65 ألف عامل وعاملة، 72 في المئة منهم نساء. ويقول مراقبون إن غالبية العاملات الأردنيات يتعرضن لتحرشات جسدية وإساءات لفظية وتنمر من قبل المسؤولين الذكور، ما يسلّط الضوء على الصحة النفسية في بيئات العمل غير اللائقة، والتي يمكن وصف بعضها بأنه عمل بالسخرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويتصدى برنامج "عمل أفضل" لما يتردد عن انتهاك الصحة النفسية للعمال، بخاصة في قطاع الألبسة حيث يعمل عدد كبير من موظفي هذه المهنة برواتب تقل عن الحد الأدنى للأجور.
ويتحدث "المرصد العمالي الأردني" عن خلو بيئات العمل في سوق العمل بالمملكة من الفحوص النفسية الدورية للعاملين، مع عدم وجود إجراءات داخل بيئة العمل تخفف الضغط النفسي عليهم، فضلاً عن عدم اهتمام أصحاب العمل باحتمال إصابتهم باضطرابات نفسية.
ويشير مراقبون إلى تعرض 30 في المئة من العاملات في الأردن إلى الإصابة باضطراب ثنائي القطب النفسي، ويُعرف هذا المرض بأنه موجات من الهوس بتقلبات مزاجية خفيفة أو عالية، إضافة إلى موجات من الاكتئاب تصاحبها انخفاضات عاطفية، ويُصاب به الأشخاص جراء الضغوط النفسية الناجمة عن العمل والمجتمع الذي لا يلبي مراده، بخاصة في مكان العمل.
كورونا يفاقم المشكلة
ويحتفل الأردن باليوم العالمي للصحة النفسية في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام، لكن على أرض الواقع، سجلّ البلاد حافل بالانتهاكات والمخالفات الجسيمة، فالتشريعات الأردنية، بخاصة تلك المتعلقة بقطاع العمل، منقوصة في ما يتعلق بمراعاة الناحية النفسية، كما أن مشروع دمج خدمات الصحة النفسية بالصحة الأولية لم يلقَ تجاوباً إلى الآن.
وأظهرت دراسة استقصائية أن نحو 54 في المئة من الأردنيين تأثرت صحتهم النفسية سلباً بسبب جائحة كورونا. ويرى متخصصون أن ارتفاع تكاليف العلاج والأدوية على المرضى النفسيين أو المصابين باضطرابات نفسية، إضافة إلى عدم تغطية شركات التأمين لهذه الحالات، يجعلهم يعزفون عن التوجه إلى الأطباء.
في المقابل، صرح الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل الأردنية محمد الزيود أن "قانون العمل يحكم العلاقة بين العامل وصاحب العمل، وتتلقى الوزارة شكاوى عدة وتتحقق من التزام أرباب العمل أحكام القانون"، مشيراً إلى وجود "منصة إلكترونية تتعلق بالشكاوى العمالية، بحيث يتم التعامل معها وفقاً لأحكام القانون".
ويقدّر "المرصد العمالي الأردني" حالات الاضطرابات النفسية المشخصة في البلاد بنحو 25 في المئة من إجمالي عدد السكان، في حين أن نحو 30 في المئة من الحالات سببها بيئة عمل غير لائقة أو غير مهيّأة لإراحة العامل نفسياً.