لجأت الجزائر إلى اتخاذ إجراءات احترازية من أجل مواجهة أي مفاجأة غير سارة، خلال الأسابيع المقبلة. وأعلنت منع تصدير ما تستورده من منتجات استهلاكية، كالسكر والعجائن والزيت والسميد ومشتقات القمح.
وكلّف الرئيس عبد المجيد تبون، خلال اجتماع مجلس الوزراء، وزير العدل إعداد مشروع قانون يجرّم تصدير المواد غير المنتجة محلياً، واعتبار ذلك عملاً تخريبياً للاقتصاد الوطني. ودعا تبون إلى تشجيع الفلاحين المموّنين للمخزون الاستراتيجي للدولة من القمح الصلب والليّن والحبوب الجافة، بتحفيزات متنوعة منها الدعم بالقروض والأسمدة ومزايا أخرى.
حماية الاقتصاد
تعليقاً على القرارات، يعتقد المتخصص في إدارة الأعمال أنور سكيو أن هذه "الإجراءات تندرج ضمن خطة لحماية الاقتصاد في هذه الظروف، وتشجيع القطاع الزراعي بعد توافر قاعدة بيانات إثر عملية الإحصاء التي جرت العام الماضي"، معتبراً أن "من شأن تشجيع المزارعين ومموّني المخزون الاستراتيجي للدولة، من القمح والحبوب، تعزيز الإنتاج المحلي في هذا المجال الحساس".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويضيف، "نستهلك حوالى 10 ملايين طن سنوياً من القمح الصلب واللين، ونستورد جله من الخارج". وما يشهده العالم من تأزم للأوضاع التموينية في مجالي الطاقة والغذاء كتبعات للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، خلّف مناخاً من عدم اليقين في أوساط مستوردي الطاقة والغذاء، ونتيجة ذلك مسارعة أطراف كثيرة في المشهد الدولي نحو ضمان متطلبات التوازن الداخلي لها"، لافتاً إلى أن "المشهد الجزائري ليس بمعزل عن هذا".
يُذكر أن وزير الفلاحة الجزائري أشار الأسبوع الماضي إلى أن "مخزون الحبوب يكفي لغاية نهاية العام الحالي".
الحد من الاستنزاف
من جانبه، يرى المتخصص في شؤون الاقتصاد أحمد الحيدوسي أن "العالم يشهد أوضاعاً سياسية واقتصادية تجعل الأسواق في خانة عدم اليقين واضطرابات في التموين، ما دفع عدداً من الدول إلى تكديس كميات كبيرة من السلع الغذائية ورفع مخزوناتها الاحتياطية، وقد شاهدنا ذلك خلال جائحة كورونا عندما منعت دول عدة تصدير بعض المنتجات التي تُعتبر استراتيجية في الأسواق الدولية، وحتى الصين طلبت من مواطنيها في الأشهر الماضية تخزين المواد الغذائية بما يكفي لشهر".
ويقول الحيدوسي "لذلك، جاء قرار مجلس الوزراء في هذا السياق، خصوصاً بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها السوق الداخلية والخلل في تموين مواد استهلاكية مثل السكر والزيت والعجائن". ويعتقد أن "المنع يأتي للحدّ من استنزاف هذه المواد المدعومة من الخزانة العمومية، إذ إن المواد الأولية التي تدخل في إنتاج هذه المنتجات مستوردة بالعملة الصعبة، وهي مطلوبة كثيراً في الخارج". ويختتم بالقول إن "الخطوة جاءت من أجل حماية المستهلك الجزائري وضمان استقرار السوق المحلية".
إجراءات سابقة... لكن غير كافية؟
وأعلن الرئيس تبون، في فبراير (شباط) الماضي، عن إلغاء ضرائب ورسوم وتجميد أخرى حتى إشعار أخر، وردت في قانون الموازنة العامة 2022، وتسببت في ارتفاع أسعار مواد غذائية ومنتجات إلكترونية.
وتقرر إلغاء الضريبة على الدخل المطبقة على الأجور التي تقل عن 30 ألف دينار جزائري (214 دولاراً)، في إجراء مسّ خمسة ملايين مواطن بين موظف ومتقاعد.
ويعتبر المتخصص في الشؤون الاقتصادية جمال النور الدين أن "الإعفاء هو قرار سياسي قبل أن يكون اقتصادياً، على اعتبار أن السلطات في الجزائر لا ترى في الأجر أنه سعر العمل مثله مثل سعر أي خدمة، بل تراه مُهدئاً اجتماعياً تلجأ إليه كلما أحسّت بغليان الجبهة الاجتماعية، متجاهلة عجز الخزانة العمومية الذي فاق 30 مليار دولار". ويضيف أن "رفع الأجور إن لم تقابله وتيرة تنموية وإنتاج مكثف للسلع والخدمات، سيسبّب ارتفاعاً في الأسعار، ما يترتب عليه ارتفاع مستوى التضخم، بالتالي لا أثر إيجابياً فعلياً يدفع إلى تحسين القدرة الشرائية للمواطن".