في اليوم الرابع من بدء الحرب الروسية الأوكرانية، فبراير (شباط) الماضي، نقل الإعلام لقاء جمع الرئيس الروسي مع قادته العسكريين، وصرح خلاله قائلاً، "آمر وزارة الدفاع ورئيس هيئة الأركان بوضع قوات الردع في الجيش الروسي في حال التأهب الخاصة للقتال". وأجاب وزير الدفاع سيرغي شويغو "مفهوم". ومنذ ذلك الوقت يخيم شبح الحرب النووية، على العالم عموماً والقارة الأوروبية خصوصاً، ذلك أن "قوة الردع" في الجيش الروسي، تشمل عنصراً نووياً.
وعلى الرغم من أن عدد الأسلحة النووية الروسية انخفض بشكل حاد منذ نهاية الحرب الباردة، فإن روسيا تحتفظ بمخزون من آلاف الرؤوس الحربية، مع نشر أكثر من 1500 منها على صواريخ وقاذفات قادرة على الوصول إلى أي منطقة في الأراضي الأميركية. فهل العالم محصن من حرب نووية، وهل الدول تملك الملاجئ الخاصة للحماية من خطر حرب نووية؟
رعب "النووي"
تثير كلمة "نووي" الرعب في النفوس وتذهب المخيلة مباشرة إلى منطقتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين، التي تعرضتا ومنذ 77 عاماً، (6 أغسطس 1945) لقنبلة ذرية أميركية "ليتل بويي" و"فات مان"، خلال الحرب العالمية الثانية، ما أدى إلى مقتل نحو 140 ألفاً من إجمالي سكان مدينة هيروشيما البالغ عددهم حوالى 320 ألف نسمة بصورة فورية حينها، تلاه قصف لمدينة ناغازاكي (9 أغسطس)، بعد ثلاثة أيام من القصف الأول، وأسفر عن مقتل 39 ألف شخص على الفور. وهي أرقام ارتفعت كثيراً مع تساقط مزيد من ضحايا القصف بمرور الوقت. وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، نقلت عن القائد السابق للكيماويات في المملكة المتحدة وحلف شمال الأطلسي وقائد قوات الدفاع البيولوجي والنووي هاميش دي بريتون-غوردون قوله، "لا ملاجئ آمنة في أوروبا للحماية من الهجمات النووية"، وأكد بريتون-غوردون خلال حديثه، "أن الملاجئ في حالة سيئة والأوروبيون غير مستعدين تماماً للتعامل مع هذه الأزمة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حرب نووية... أين يختبئ العالم؟
تحدثت تقارير إعلامية عن الأماكن الأفضل للاختباء في حال اندلعت حرب نووية. ويبدو أن روسيا مجهزة لمثل هذه الحرب، لذا عمدت شركات روسية كثيرة لبناء مخابئ مليئة بكل الضروريات التي يحتاجها الإنسان في حياته اليومية، بحسب ما نشر "أنونيماس". لكن هذه المخابئ أو الملاجئ مخصصة لفاحشي الثراء. ويبدو أن صناعة الملاجئ تحت الأرض بأنواعها العادية والفاخرة، لا يقتصر على روسيا وحدها إذ صرح ماتيو سيران، مؤسس شركة Artemis Protection، التي تتخذ من فرنسا مقراً لها، أن الشركة تلقت في يوم واحد 30 طلباً، أغلبها في أوروبا وبعضها من دول خليجية.
وقال سيران، إنه "تلقى على مدى الأسبوعين الماضيين 500 استفسار عن ملجأ من القنابل"، وفقاً لما نقله موقع (Business Insider) الأميركي في 14 مارس (آذار) الحالي. مؤكداً أن نحو 85 في المئة من عملاء شركته يأتون من فرنسا، بينما يأتي العملاء الآخرون من فنلندا والسويد وبولندا، كون تلك الدول قريبة من الحدود البيلاروسية، مشيراً إلى تزايد الطلبات من قطر والسعودية. وتبدأ أسعار المخابئ الجاهزة التي تصنعها الشركة، من 300 ألف دولار، ويمكن أن يتجاوز السعر نصف المليون دولار، استناداً إلى السمات والخصائص الشخصية التي تضاف إلى المخبأ والمساحة الإجمالية له.
وقد استفسرت "اندبندنت عربية" من مؤسس الشركة ماتيو سيران عن عدد الطلبات المقدمة من دول عربية، وهل لدى الطلبات العربية نوع أو خاصية معينة تختلف عن الأوروبية؟ وكم عدد تلك الطلبات؟
فأجاب: "لقد تلقينا أكثر من 800 طلب حول عروض الأسعار، 95 في المئة منها تأتي من فرنسا (حيث يقع مقر شركتنا)، أما بقية الطلبات فمن دول مثل بولندا وفنلندا، حيث (تشترك في حدود ضخمة مع روسيا وبيلاروس).
وعن الطلبات العربية، أجاب أنهم تلقوا "ما لا يقل عن عشرة طلبات من دول عربية". وأضاف "لكن لا يمكننا حالياً توصيل منتجاتنا إلى هذه البلدان"، وذلك بسبب حاجة الشركة للتواصل مع التجار والشركات المحلية حتى تتمكن الشركة من توزيع الملاجئ الخاصة بها هناك.
وعن الطلبات العربية الخاصة، قال "نعم لديهم طلبات ذات نوعية وخاصية معينة"، وإنهم في الغالب يسألون عن الأثاث والمواد المستعملة وموعد التسليم.
ويؤكد سيران أن الزبائن العرب يهتمون بالسعر، ذلك لأن تكلفة الشحن مرتفعة جداً، على الرغم من سهولة توصيل منتجات الشركة عن طريق السفن (تبدو وكأنها حاوية شحن)، إلا أنها لا تزال بحاجة إلى عبور البحار، ما يرفع تكلفتها.
وتأتي معظم الطلبات من الإمارات العربية المتحدة والعراق وسوريا وإسرائيل ومصر والسعودية وسلطنة عمان.
مخابئ دافئة وآمنة
كان الهدف المبدئي من تصميمات شركة Artemis Protection أن "تعيد تعريف صورة" المخابئ كي تكون أكثر دفئاً ورحابة. لكن بعد زيادة أعداد الطلبات، قرر سيران أن يصنع نموذجاً أصغر يمكن إنتاجه في ثلاثة أسابيع. وتظهر بعض الصور النسخة القياسية من المخبأ الأصغر الذي تبلغ مساحته 65 قدماً، ويصل سعره إلى 162 ألف دولار، ويمكنه إيواء 4 أشخاص في حالة وقوع هجوم. يوضح سيران في حديثه مع الموقع، "علينا أن نعيد التفكير كلياً في الاستراتيجية التجارية، بسبب تنوع الطلبات، والفئة الاقتصادية الاجتماعية للمتصلين المحتملين".
بحسب بيانات الزيارات التي اطلع عليها موقع " "Business Insider، كانت غالبية زوار موقع شركة "أرتميس بروتيكشن" يدخلون إلى الموقع بعد كتابة كلمات مفتاحية مثل "مخبأ" أو "ملجأ طوارئ" عبر محرك البحث "غوغل". وبحسب سيران، "يعرض ذلك قلقاً حقيقياً. إنهم يتطلعون بأنفسهم إلى الحصول على ملجأ". وبلغت ذروة زيارات الموقع في 11 مارس، لكن سيران يتنبأ بأن سوق المخابئ ستواصل النمو وتصير أسهل في الوصول إليها، بسبب استمرار التوترات مع روسيا.
اقتراحات أخرى لأماكن آمنة
إن دراسة مسارات المخاطر ومعها بيانات التنبؤ للطقس يمكن أن ترشح "أنتاركتيكا" كواحدة من أسلم الأماكن للعيش. ويرى العديد من الخبراء أن بيرث مدينة جيدة للعيش فيها، وكذلك، كما أنها واحدة من المدن النائية في أستراليا، وعلى الأرض ككل.
الجزيرة الجنوبية من نيوزيلندا، والخيار الآخر قد يكون جزيرة "إيستر" في جنوب المحيط الهادي، على بعد أكثر من 20 ألف ميل من أميركا الجنوبية. إضافة إلى أرخبيل كيريباتي أو جزر مارشال، فهذه السلاسل الجزرية النائية والمشمسة تأتي متكاملة مع الشواطئ الاستوائية وتحيط بها 750 ألف ميل مربع من المحيط.