Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خيارات ترمب الجدلية تستنزف رصيده السياسي قبل أن يتسلم الحكم

تحليل: ربما يخاطر الرئيس الأميركي المنتخب برأسماله السياسي من خلال تعيينات حكومية قد لا يمكن حتى لحزبه أن يتحملها

اختار دونالد ترمب عدداً من الأشخاص المثيرين للجدل لتولي مناصب رفيعة في إدارته، مما قد يهدد رصيده السياسي حتى قبل توليه منصبه (أ ب)

ملخص

يواجه دونالد ترمب انتقادات واسعة لاختياره شخصيات مثيرة للجدل لمناصب حساسة في إدارته، مما قد يعرقل دعم الجمهوريين المعتدلين في مجلس الشيوخ لتعيينهم. ومن شأن هذه الاختيارات أن تخلق أزمة سياسية لترمب، بخاصة في ظل معارضة داخلية من حزبه الجمهوري.

قبل أكثر من أسبوع بقليل أصبح دونالد ترمب أول مرشح رئاسي من "الحزب الجمهوري" يفوز بغالبية أصوات "المجمع الانتخابي" Electoral College (وهو مجموعة تضم 538 عضواً منتخباً مهمتها انتخاب الرئيس الأميركي ونائبه)، وأيضاً بالتصويت الشعبي، وذلك منذ أن حقق جورج بوش الابن نصراً مماثلاً في عام 2004.

إلا أنه يبدو أن الرئيس الأميركي المنتخب هو على وشك تكرار أحد أكثر أخطاء بوش الابن شهرة.

فبوش الذي كان قد فاز بالرئاسة بصعوبة قبل أربعة أعوام بفضل تدخل "المحكمة العليا" الأميركية Supreme Court، اعتبر أن انتصاره على منافسه السيناتور جون كيري من ولاية ماساتشوستس، كان بمثابة تفويض له لإجراء تغييرات جذرية في شبكة الأمان الاجتماعي في البلاد.

في أعقاب الفوز بولاية رئاسية ثانية في انتخابات عام 2004، قال بوش في مؤتمر صحافي إن هذا النصر "ولد شعوراً بأن الشعب قد قال كلمته، وتبنى وجهة نظري ومنحها الدعم". وتعهد بنقل هذا الزخم إلى الكونغرس الذي كان قد سيطر عليه "الجمهوريون" آنذاك. وأضاف "لقد اكتسبت رصيداً سياسياً خلال الحملة، وأعتزم الآن استثماره".

كان جورج بوش يخطط لـ"استثمار" رأسماله السياسي في إطلاق مبادرة جريئة، تقضي باستبدال تدريجي لنظام الضمان الاجتماعي بنظام "حسابات تقاعدية خاصة"، وهو ما يعني تحويل المنافع المضمونة التي يتلقاها الأميركيون عند تقاعدهم، إلى استثمارات مرتبطة بسوق الأوراق المالية، بما ينطوي عليه ذلك من أخطار.

إلا أن الاقتراح لم يبصر النور ولم يلق الدعم اللازم. فقد واجه معارضة شرسة من "الديمقراطيين"، بقيادة زعيمي الأقلية آنذاك في "مجلس النواب" نانسي بيلوسي، وهاري ريد في "مجلس الشيوخ". واتخذ الحزب المعارض موقفاً حازماً منذ البداية بعدم الدخول في نقاش حول خطة الرئيس بوش، أو الدخول في مفاوضات توفيقية مع "الجمهوريين" على أي تسوية، أو اقتراح بديل "ديمقراطي"، مما أدى إلى عرقلة الخطة بشكل كامل.

أما الجانب الأكثر إثارة للحرج بالنسبة إلى الرئيس الأميركي آنذاك، فتمثل في أن جزءاً كبيراً من أعضاء الحزب "الجمهوري" أدركوا أن اقتراح زعيمهم، كان بصراحة غير شعبي على الإطلاق. وإلى جانب المقاومة الموحدة التي أبداها "الديمقراطيون"، كانت المعارضة لذلك الطرح ساحقة إلى الحد الذي جعل الكونغرس بمجلسيه "النواب" و"الشيوخ" لا يفكر حتى في النظر في تشريع يتعلق بإنشاء حسابات تقاعد خاصة كما اقترح بوش.

وبعد نحو عقدين من الزمن يبدو أن دونالد ترمب يرتكب الخطأ عينه، في تقدير مدى دعم الأميركيين لرؤيته، أو ربما يبالغ في فهم استعداد الأميركيين لتقبل إعادة تشكيل الحكومة بالكامل وفق رؤيته الخاصة.

فالأربعاء الماضي، فاجأ الرئيس المنتخب كثيرين حول العالم باختياره تولسي غابارد - النائبة السابقة في الكونغرس عن هاواي، التي كانت تنتمي إلى الحزب "الديمقراطي"، والتي لا تملك أي خبرة في السياسة الخارجية أو الاستخبارات، ولها تاريخ في الترويج لخطاب دعائي روسي - كمرشحة لتولي منصب مديرة جهاز "الاستخبارات الوطنية" National Intelligence، بدلاً من أفريل هاينز التي تحظى بالاحترام على نطاق واسع.

كذلك أثار ترمب صدمة مماثلة في أوساط المجتمع القانوني الأميركي، باختياره مات غايز عضو الكونغرس المثير للجدل عن ولاية فلوريدا الذي له تاريخ من الفضائح، كي يكون المدعي العام المقبل خلال فترة رئاسته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الواقع، يفتقر غايتز البالغ من العمر 42 سنة وخريج كلية الحقوق المرموقة "كوليدج أوف ويليام أند ماري" College of William and Mary في ولاية فرجينيا، للخبرة في مجال الادعاء العام، وليست لديه خلفية أكاديمية بارزة في الدراسات القانونية. إلا أن لديه سجلاً بارزاً في المجال العام كمدافع قوي عن دونالد ترمب، بحيث وقف إلى جانبه في مواجهة التحقيقات المتعددة التي أجراها معه الكونغرس والسلطات الجنائية، والتي طاردت الرئيس المنتخب على مدى الأعوام الماضية.

كما تعهد غايتز أيضاً بـ"إخضاع" أجهزة إنفاذ القانون لسلطته، ومنع أي تحقيقات جنائية من استهداف الرئيس المنتخب وحلفائه، مع العمل على استخدام هذه التحقيقات بشكل ضمني ضد أعداء ترمب أنفسهم.

إلى ذلك، أثار دونالد ترمب استياء منتقديه بشكل أكبر الخميس، عندما أعلن أن روبرت فرانسيس كينيدي جونيور سيتولى حقيبة "وزارة الصحة والخدمات الإنسانية" Department of Health and Human Services - وهي وزارة ضخمة تشرف على كثير من القطاعات الطبية المهمة، بدءاً بتنظيم الغذاء والدواء، وتمويل الأبحاث الطبية بمليارات الدولارات، وصولاً إلى إدارة نظامي التأمين الصحي "ميديكير" Medicare (المصمم للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 سنة أو أكثر، وبعض الأفراد ذوي الإعاقة) و"ميديك إيد" Medicaid (المخصص للأفراد ذوي الدخل المنخفض).

 

يشار إلى أن كينيدي - نجل المدعي العام والسيناتور السابق عن ولاية نيويورك الذي جرى اغتياله روبرت فرنسيس كينيدي الأب - هو متخصص في القانون البيئي ويحظى باحترام واسع في هذا المجال. إلا أن سمعته تراجعت عندما بدأ بالترويج لمزاعم تفتقر للصدقية، عن وجود صلة بين اللقاحات ومرض التوحد. وقد لمح منذ ذلك الحين، إلى خطط لطرد مئات من المتخصصين العلميين الذين يعملون في الوقت الراهن لدى "وزارة الصحة والخدمات الإنسانية"، وإصلاح عملية الموافقة على الأدوية والعلاجات الجديدة، بهدف إعادة توجيه التركيز التنظيمي للحكومة نحو سلامة الغذاء والتحقيق في الصلات - التي لم يتم إثباتها - بين السموم البيئية والأمراض المزمنة.

تسمية دونالد ترمب لكل من تولسي غابارد ومات غايتز وروبرت كينيدي في هذه المناصب الرئيسة، أثارت غضب "الديمقراطيين"، الذين دانوا هذه الاختيارات واعتبروها غير جدية، وربما ضارة.

كذلك فإن قرار الرئيس المنتخب ترشيح هذه الشخصيات المثيرة للجدل، قد يعرض للخطر أي دعم له من جانب الأعضاء "الجمهوريين" الأكثر اعتدالاً وميلاً إلى الوسطية في "مجلس الشيوخ"، والذين سيتولون مسؤولية تأكيد تعيين الأفراد الذين اختارهم ترمب للمناصب الوزارية.

وقد واجه غايتز أشد الانتقادات من أعضاء "مؤتمر الجمهوريين في مجلس الشيوخ" Senate Republican Conference (وهو مجموعة تضم أعضاء الحزب "الجمهوري" في "مجلس الشيوخ" لتنسيق أجندتهم التشريعية ومناقشة الأولويات السياسية) الذين ما زال عدد منهم منزعجين من دوره في إطاحة رئيس "مجلس النواب" كيفن ماكارثي في ​​أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقد أدت الإقالة غير المسبوقة لأكبر "جمهوري" في المجلس إلى حال من الفوضى استمرت أشهر عدة. واتهم ماكارثي غايتز بالسعي إلى وقف تحقيق أخلاقي في سلوكه.

غايتز الذي أصبح الآن عضواً سابقاً في "مجلس النواب" (استقال الخميس لتجنب نشر تقرير عن ذلك التحقيق الأخلاقي) لا يحظى بشعبية كبيرة بين زملائه السابقين. وأشار عدد من أعضاء "مجلس الشيوخ" من الحزب "الجمهوري" إلى أنه سيواجه صعوبات كبيرة قبل أن يتمكن من الوصول حتى إلى مرحلة التصويت على تعيينه في "مجلس الشيوخ".

لكن من المحتمل أن يكون كينيدي، الناشط المناهض للقاحات ومنظر المؤامرات، هو الذي سيتسبب بأكبر مقدار من الإرباك للعملية السياسية لترمب.

فبصفته سليل إحدى العائلات "الديمقراطية" الأكثر شهرة في الولايات المتحدة، ظل كينيدي متمسكاً لوقت طويل بمواقف حزبه التقليدية في مسائل مثل حرية إنجاب الأطفال وحقوق "مجتمع الميم" LGBT+ وهي قضايا تتناقض تماماً مع توجهات الحزب ("الجمهوري") الذي يفترض أن يخدمه في حال تم تعيينه في الإدارة المقبلة لترمب.

مات بومان مدير الشؤون التنظيمية في مجموعة "تحالف الدفاع عن الحرية" Alliance Defending Freedom، وهي مجموعة قانونية مناهضة للإجهاض ولحقوق "مجتمع الميم"، قال إن مجموعته "تأمل في أن يقوم الرئيس المنتخب دونالد ترمب بتعيين قادة يلتزمون القانون، ويعززون حياة وصحة الأفراد الذين هم مكلفون حمايتهم".

ورأى أنه "في ما يتعلق بوزارة الصحة والخدمات الإنسانية، فقد زادت إدارة الرئيس جو بايدن التطرف في بيروقراطيتها لتفرض الإجهاض وتعززه وكذلك الإجراءات الجنسية الخطرة، بشكل غير قانوني، لذا نأمل في أن يتمكن القادة الجدد من استعادة سيادة القانون، واحترام الواقع البيولوجي، والسماح لحكومات لولايات بحماية الأطفال في مختلف مراحل حياتهم".

وعلى رغم أن "الجمهوريين" قد أبدوا استعداداً للتساهل مع بعض البدع في القضايا الاجتماعية، إلا أن تاريخ كينيدي المؤيد للحق في الاختيار، قد يشكل له عقبة كبيرة داخل "مجلس الشيوخ" الذي يسيطر عليه "الجمهوريون"، تماماً كما كانت الحال عليه مع تاريخ غايتز المزعوم في قضايا سوء السلوك الجنسي.

وفي حين أن لترمب سجلاً طويلاً من النجاح في الضغط على "الجمهوريين" وترهيبهم للحصول على ما يريد، فإن أعضاء حزبه في "مجلس الشيوخ" قد لا يكون لديهم الاستعداد لمواجهة انتقادات الإعلام التي ستنتج من تصويتهم بـ"نعم" لتثبيت خيارات ترمب الأخيرة.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء