تمثل الأزمة الأوكرانية أكبر عملية تنقل قسرية للأشخاص في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. أصبح ما يزيد على 3 ملايين مسكين لاجئين، ويقدر البعض أن نصفهم من الأطفال.
لا أحد يعرف عدد الصغار الذين سيحطون رحالهم في الأراضي البريطانية، لكن من شبه المؤكد أن عددهم سيصل إلى مئات الآلاف. حينها، كيف ستتعامل مدارسنا الابتدائية والثانوية مع الوضع؟
من السهل أن ننسى أن المدارس أماكن جيدة [مرافق ترتجى منها فائدة]. إنها مؤسسات أخلاقية وُجدت لتأدية مهمة أخلاقية في صميمها. وهذه أيضاً، إلى حد كبير، غاية الأشخاص الذين يعملون فيها. قد يقول لكم بعض المعلمين ومساعديهم إنها "مجرد وظيفة"، ولكن إذا بحثتم بعمق، دائماً ما ستجدون أشخاصاً يمارسون هذه المهنة لأنهم يهتمون بشأن الأطفال.
ليست رواتب أو ظروف مهنة التعليم فظيعة، لكن حتماً، لا يمتهن هؤلاء الوظيفة من أجل المال. كما أن هدفهم بالتأكيد ليس ساعات الدوام القصيرة. قد يبدو الأمر مبالغاً فيه، لكن جميع المدارس تقريباً هي مؤسسات أخلاقية إلى حد كبير. ولم يتبقَ لدينا الكثير من هذا النوع من المؤسسات.
بالنسبة للأطفال، وحتى مُعظم المراهقين، فإنهم يظلون أطفالاً. تختلف معايير السلوك، وقد يبدو البعض صلباً، لكن إذا تحدثت إلى أكبر عدد ممكن من التلاميذ في العديد من المدارس، فإن أكثر ما يلفت الانتباه هو غياب التشاؤم. بالطبع هناك مشاكل اجتماعية في العديد من المدارس، لكن هناك أيضاً درجة عالية من الأمل والتفاؤل.
عليكم فقط مشاهدة مقطع الفيديو المؤثر هذا الذي صُوّر في مدرسة إيطالية عندما كان الطلاب يرحبون بأول دفعة من زملائهم الأوكرانيين الجدد، كي تتذكروا هذه الحقيقة المهمة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أعلن وزير التعليم نديم زهاوي عن تمويل يكفي ما لا يقل عن 100 ألف طالب، وخطط لترجمة مخزون من الدروس المسجلة مسبقاً إلى اللغتين الروسية والأوكرانية. كما ستصدر إرشادات جديدة للمعلمين.
على كل حال، فإن إحدى المشكلات الكبيرة التي يواجهها ناظم زهاوي [وزير التعليم البريطاني] - وهي ليست من صنعه - هي أن نظام التعليم يعمل بأقصى طاقته بشكل دائم تقريباً. لقد صمم، على أحسن وجه، للاستفادة من أموال دافعي الضرائب إلى أقصى حد. قبل أيام، أخبرني رئيس تنفيذي لمجموعة من المدارس (وهي صندوق ائتماني يشمل أكاديميات متعددة) عن مدى الترحيب الذي يتوقع أن تُبديه مدارسه. وأضاف "المشكلة الوحيدة... هي ببساطة أنه ليست لدينا أية أماكن للمزيد من الطلاب".
هذا، ولم نفكر بعد حقاً في العدد الضخم للطلبات الجديدة على تدريس "اللغة الإنجليزية كلغة ثانية" والدعم النفسي لما بعد الصدمة الذي سيحتاج إليه العديد من الطلاب.
كل ما سلف يطرح السؤال التالي: ماذا سيفعل نظامنا المدرسي الذي يعمل بأقصى طاقته؟ أولاً وقبل كل شيء، سيقوم المديرون والمعلمون بعمليات الرتق والترقيع. وسيقحم العاملون في المدراس المزيد من الطلاب حيثما أمكنهم ذلك. وسيحاولون أيضاً عصر آخر قطرة من الموارد التي لديهم والمستنفدة بالفعل.
الأهم من ذلك، سيقومون بأشياء رائعة مع طلابهم الجدد بمجرد إيجاد مكان لهم. سيعتنون بهم ويغذونهم. سيقدمون أيضاً الدعم والتوجيه لآبائهم. سيكون هذا تحدياً كبيراً في بعض المدارس، لكنها سترقى إلى مستوى التحدي.
لو تعلمنا أي شيء من تجربة الجائحة عن مدرسي بريطانيا، فهو أن خطوتهم الأولى، في حالة حدوث أزمة، ستكون إعطاء الأولوية لأبناء المدرسة جميعاً، بخاصة الأطفال الأكثر احتياجاً. هذه هي الروح التي ستستقبل بها المدارس ضيوف بلادنا الجدد.
لا يمكن إحصاء المقالات التي كتبت حتى الآن عن التغيير الأبدي الذي حدث في أوروبا نتيجة قرار روسيا غير العقلاني بغزو أوكرانيا. هناك احتمال كبير بأن ينطبق الأمر كذلك على المدارس البريطانية أيضاً.
© The Independent