تصاعدت الضغوط الدبلوماسية في الفترة الأخيرة، ولا سيما مع زيارة الموفد الخاص الأميركي للقرن الأفريقي، ديفيد ساترفيلد، إلى إثيوبيا، هذا الأسبوع.
وأوضح خبير القرن الأفريقي في الجامعة الملكية في كندا أويت ويلدمايكل لوكالة الصحافة الفرنسية، أن "الضغوط الدولية أدّت دوراً في هذا القرار. وتواجه إثيوبيا صعوبات اقتصادية بسبب الحرب، وكانت مفاوضات تجري في الكواليس بين طرفي النزاع".
وذكرت "مجموعة أوراسيا" للدراسات، أن "شركاء إثيوبيا الدوليين يطالبون بالإجماع بحل سياسي للنزاع"، مشيرة إلى أن "القروض وتعهدات الإنفاق الخارجي في أدنى مستوياتها منذ خمس سنوات".
مسودة قانون أميركي
وتُراقب سلطات إثيوبيا عن كثب مسار مسودة قانون أميركي، يُجيز فرض عقوبات محددة الهدف في إثيوبيا، ويحد من المساعدات التي تقدمها مؤسسات مالية دولية وهيئات إنمائية أميركية.
كما لفت الباحث المستقل المتخصص في شؤون القرن الأفريقي، رينيه لوفور، إلى أن هذه الضغوط تُمارس "في وقت تواجه فيه إثيوبيا واحدة من أسوأ أزماتها الغذائية منذ عقود"، حيث "يحتاج نحو 30 في المئة من الشعب إلى مساعدة غذائية". وأكد أن "إثيوبيا لا يمكنها مواجهة أزمة غذائية دون مساعدة دولية".
في المقابل، "اضطرت جبهة تحرير شعب تيغراي إلى تليين مواقفها لأن الوضع في الإقليم كارثي"، في غياب شبه تام للمساعدة الإنسانية منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول)، لكن لوفور اعتبر أن "من أهم العوامل" خلف الهدنة أن رئيس الوزراء الإثيوبي "اضطر إلى اعتبار تيغراي خسارة. منذ بضعة أشهر ثمة تبديل أولويات بالنسبة لآبي أحمد".
وقال مصدر إنساني إنه "من غير المؤكد أن تستأنف القوافل على وجه السرعة"، إذ يرفض سكان إقليم عفر السماح للشاحنات بسلوك الطريق المؤدي من سيميرا، عاصمة عفر، إلى ميكيلي، عاصمة تيغراي، طالما أن جبهة تحرير شعب تيغراي لم تنسحب من إقليمهم.
واشترطت الحكومة الإثيوبية لإحلال الهدنة، انسحاب متمردي الجبهة من المناطق التي يسيطرون عليها في أمهرة وعفر.
من جانبها، وافقت الجبهة على وقف المعارك بشرط وصول المساعدات إلى تيغراي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مراقبون يستبعدون انسحاب المتمردين
ويعتبر المراقبون أن "جبهة تحرير شعب تيغراي" على استعداد للانسحاب من عفر. وقال رينيه لوفور، "من المفترض أن يتم الالتزام بالهدنة، ما لم تحصل عوامل محلية، ولا سيما في عفر. فحكومة عفر قلّما تسيطر على أراضي الإقليم، وستجد صعوبة في منع السكان الذين يعانون الجوع، من قطع الطريق على القوافل".
غير أن المراقبين يستبعدون انسحاب المتمردين من مناطق سيطرتهم في أمهرة، وأن يفتح مسؤولو الإقليم الطريق إلى تيغراي أمام القوافل الإنسانية. وتزيد الهدنة من احتمالات التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم برأي محللي "مجموعة أوراسيا"، غير أن السيناريو الذي يرجحونه على المدى القريب، يبقى تجدد المعارك على نطاق ضيق "حتى لو أن الطرفين الرئيسين لم يعودا يتوقعان انتصاراً عسكرياً تاماً".
وأوضحوا أن هدف الهدنة "محاولة بناء الثقة بين جبهة تحرير شعب تيغراي والحكومة الفيدرالية، غير أن وقف إطلاق نار كاملاً، ودائماً يبقى غير مرجح على المدى القريب، بسبب تصلب مواقف الطرفين حول بعض المسائل".
وستشكل إعادة الخدمات الأساسية من كهرباء واتصالات ومصارف بشكل سريع في تيغراي، وشطب متمردي الجبهة عن قائمة "المجموعات الإرهابية"، اختباراً لحسن نوايا الحكومة الإثيوبية.
معارضة متزايدة
"حسن النوايا"
ولخص أويت ويلدمايكل أن الهدنة قد "تكون منعطفاً، كل شيء يتوقف على ما إذا كانت مبنية على نوايا حسنة"، مضيفاً، "آمل أن تكون هذه نقطة انطلاق لمفاوضات، لكن الوضع ليس واعداً جداً".
حتى إذا أعلن وقف إطلاق نار دائم مع "جبهة تحرير شعب تيغراي"، فإن الجبهة ليست الطرف الوحيد في شمال إثيوبيا.
تواجه الحكومة الفيدرالية معارضة متزايدة من قسم من نخب إثنية الأمهرة، الذين يتواجهون مع متمردي الجبهة حول مناطق متنازع عليها في غرب تيغراي، تنتشر فيها قوات محلية من أمهرة غير خاضعة مباشرة للحكومة الفيدرالية.
وأوضح رينيه لوفور أنه "بالنسبة لقسم من أمهرة، يجب المضي حتى ميكيلي لسحق جبهة تحرير شعب تيغراي. إلا أن السماح بعبور قوافل إنسانية إلى تيغراي يعني التخلي عن هذه الحملة العسكرية، بالتالي ترك جبهة تحرير شعب تيغراي في موقعه"، مشيراً إلى "الخطر العسكري" الذي يمثله جيش تحرير أورومو.