أعاد حزب "الازدهار" الحاكم في إثيوبيا انتخاب رئيس الوزراء آبي أحمد رئيساً للحزب، خلال مؤتمره الأول الذي انعقد خلال الفترة الممتدة بين 11 و13 مارس (آذار) الحالي. وأتى انعقاد المؤتمر في وقت تواجه فيه البلاد تحديات على المستويات كافة، ما يتطلب رؤية خاصة للتعامل معها، وهذا ما أشار إليه آبي أحمد عند انتخابه، إذ دعا إلى اتباع منهج التآزر. وقال، "أنا متأكد تماماً من أن إثيوبيا ستزدهر إذا اجتمعت تحت مظلة التآزر".
خلفية "الازدهار"
ويُعد حزب "الازدهار" وليد الحياة السياسية في ظل نظام رئيس الوزراء الذي تولى السلطة في 27 مارس 2018، بعد استقالة رئيس الوزراء السابق هايلي مريام ديسالين خلال ظروف سياسية استثنائية عاشتها البلاد.
معلوم أن الحزب أنشئ في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) 2019 ضاماً تحالف ثمانية أحزاب سياسية قومية كانت تشكل في السابق، إلى جانب حزب "جبهة تحرير تيغراي"، تحالف الجبهة الديمقراطية الثورية للشعوب الإثيوبية الذي حكم إثيوبيا في عهد رئيس الوزراء الأسبق ملس زيناوي، واستمر نظامه مدة 27 عاماً.
ورافق تكوين الحزب الجديد الذي حل كحاضنة سياسية بديلة، خلاف تطور مع حزب "جبهة تحرير تيغراي" الفاعل الرئيس في التحالف السابق، فإن ما تبناه حزب "الازدهار" من أفكار سياسية واقتصادية، ورؤية مستقبلية جديدة، أهلته للاستمرار في القيادة، والفوز في الانتخابات البرلمانية التي جرت في يونيو (حزيران) 2021، إلى جانب نجاحه في توحيد الساحة السياسية خلال أزمة الحرب ضد "جبهة تحرير تيغراي" المتمردة، العام الماضي.
السلام والأمن
وانعقد المؤتمر تحت شعار "من التحدي إلى الرفعة" بمشاركة 1600 عضو من أعضاء الحزب، ومشاركة 40 حزباً سياسياً لـ38 دولة صديقة، إلى جانب استجابة 400 من الشخصيات المدعوة التي مثلت شخصيات بارزة من العلماء وأساتذة الجامعات والشيوخ وبعض رجال الأعمال، ونال رئيس الوزراء أحمد، كرئيس للحزب، 1480 صوتاً، كما حصل آدم فرح على 1370 صوتاً، ودمقي مكونن على 970 صوتاً، كنائبين لرئيس الحزب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعرب الحزب في مؤتمره عن التزامه بالحفاظ على السلام والأمن. وقال رئيس العلاقات العامة والدولية بقلى هوريسا، "السلام والأمن يمثلان الأولوية الرئيسة للحزب". وأشار إلى أن "أعضاء وقادة حزب الازدهار قد اتفقوا على ضرورة العمل معاً لمواجهة التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد". وأوضح هوريسا، "أنه تمت مناقشة وإقرار برنامج الحزب، والنظام الأساسي، كما تم الاتفاق على معالجة المشاكل الأمنية في مختلف المجالات من خلال سد الثغرات القيادية ومحاربة التطرف، إلى جانب مناقشة القضايا المتعلقة بالتضخم والجفاف". وأشار رئيس العلاقات العامة والدولية لـ"الازدهار" إلى "ضرورة وضع استراتيجية فعالة لحل مشكلة الجفاف التي تحدث في المناطق المنخفضة بشكل دائم". وأكد أنه "تم التوصل إلى موقف بشأن حل المشاكل الشاملة للشعب الإثيوبي من خلال تعزيز الحزب تنظيمياً وقيادياً". وأشار إلى "أنه حتى لو كانت هناك نجاحات خلال السنوات الماضية للإصلاح، فهناك أيضاً مشاكل واجهها الحزب"، مضيفاً أن المؤتمر ناقش المشكلات بشكل مكثف، حسب ما نقلته وكالة الأنباء الإثيوبية.
تحديات ماثلة
وينتظر حزب "الازدهار" سلسلة تحديات على المستويين المحلي والإقليمي، ولا سيما الحرب التي خاضتها الحكومة ضد "جبهة تحرير تيغراي"، والجهود المبذولة لإعادة الحياة الطبيعية إلى مناطق في "أمهرا" و"عفر" و"تيغراي" شمال البلاد، وأيضاً توطين ما لا يقل عن مليوني نازح تركوا مناطقهم جراء الحرب.
ويعتبر تحقيق السلام ومشروع الحوار الوطني الشامل الذي اعتمدته القيادة الحكومية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أحد أهم أهداف الحزب الذي تواجهه أيضاً المعاناة الاقتصادية والمعيشية التي يرزح تحت عبئها المواطنون جراء الحرب، ولا سيما ارتفاع أسعار السلع والخدمات، من دون أن ننسى تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية التي طاولت غالبية دول العالم.
إنجاز
ولفت المحلل السياسي زاهد زيدان الهرري إلى أن "انعقاد مؤتمر حزب الازدهار يُعد إنجازاً في حد ذاته". وأضاف أن "ما واجهته الحكومة من ضغوط محلية ودولية خلال الحرب شكلت تحدياً حقيقياً، إلا أن نجاح الحزب الحاكم تمثل في إجراء الانتخابات العامة، وإكمال اللبنات السياسية والدستورية في قيادة الدولة".
أضاف زيدان، أن "أهم واجبات المرحلة المقبلة، توفير الأمن، وإعادة الاستقرار لأقاليم أوروميا وأمهرا وبني شنقول - جومز، وتحديات ما زالت تمثلها جماعة "أونق شني" التي تصنفها إثيوبيا بالإرهابية"، أما عن الرؤية المستقبلية فيضيف، "في وجود هذه العقول النيرة التي شاركت في المؤتمر، والجهود المبذولة، يعطي الحزب أملاً لإحلال السلام ومحاربة الفساد، ومعالجة التضخم الاقتصادي، وتوفير الحياة الكريمة للمواطنين بمختلف مشاربهم."
تراجيديات الزمن الإثيوبي
السفير عبد المحمود عبد الحليم، مندوب السودان السابق لدى الأمم المتحدة والسفير السابق في أديس أبابا، أوضح أن "عزيمة الحكومة الحالية بقيادة رئيس الوزراء آبي أحمد رسمت طريقاً واضحاً نحو بناء الدولة على الرغم من الظروف التي مرت بها إثيوبيا". وأشار إلى أن "ما شهدته البلاد خلال الأعوام الماضية كان إحدى تراجيديات الزمن الإثيوبي، حيث اندلعت الحرب في وقت كانت تحصد فيه أديس أبابا إعجاباً بمؤشراتها الاقتصادية ودورها الإقليمي".
أضاف، "يتعين على حزب (الازدهار) بقيادة رئيس الوزراء، أن يدرس ويقيم التجربة السابقة بشيء من التأنّي". وأوضح عبد الحليم أن "الحزب بعد مؤتمره وتجديد الثقة في رئاسته وإكمال فعالياته التنظيمية والسياسية، مطلوب منه مواجهة التحديات المتمثلة في إحلال السلام الشامل، واعتماد بنيات قانونية وسياسية تعالج الوضع السياسي بجوانبه كافة، وفق نهج يزيد من تقوية الوحدة القومية والوطنية، آخذاً في الاعتبار المستجدات الإقليمية والدولية". وختم، "لحزب (الازدهار) الآن فرصة تاريخية لكي يبرهن أنه يحمل نصيباً من اسمه".