يبدو أن الجزائر دخلت على خط الأزمة الروسية الأوكرانية رغماً عنها، بعد أن تحولت إلى وجهة دبلوماسية دولية، ولعل زيارة مدير المصلحة الفيدرالية للتعاون العسكري والتقني لروسيا قبل وصول وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، يكشف عن تنافس شرقي غربي على أرض الجزائر.
وزارة الدفاع الجزائرية أعلنت أن رئيس أركان الجيش، السعيد شنقريحة، استقبل مدير المصلحة الفدرالية للتعاون العسكري والتقني لروسيا، ديمتري شوفاييف، بحضور ضباط ألوية وعمداء، إضافة إلى سفير روسيا في الجزائر، وكذا أعضاء الوفد الروسي، وأوضحت أن اللقاء يأتي في ختام زيارة الوفد الروسي للجزائر في الفترة من 23 إلى 25 مارس (آذار) الحالي، لحضور الاجتماع العادي للجنة الحكومية المشتركة الجزائرية الروسية المكلفة التعاون العسكري والتقني.
إيفاد موسكو مسؤولاً رفيعاً إلى الجزائر في أول زيارة من نوعها منذ بدء الحرب على أوكرانيا، وقبل وصول وزير الخارجية الأميركي الذي من المنتظر أن يحل في 30 مارس الحالي، وبعد زيارات متتالية لمسؤولين غربيين، يؤشر لوضع جديد وجدت الجزائر نفسها في مواجهته، سواء بالإيجاب أو السلب، إذ ترى جهات أن مسألة تزويد أوروبا بالغاز هي من أقحمت الجزائر في الأزمة الروسية الأوكرانية، فيما تقول أطراف أخرى إن الأمر يتعلق بحقيقة موقف الجزائر من الحرب.
إنزال دبلوماسي
الإنزال الدبلوماسي الذي تشهده الجزائر منذ الحرب الروسية على أوكرانيا، بدأ بزيارة وزير الخارجية الإيطالي، لويغي دي مايو، ثم مكالمة هاتفية أجراها رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، مع الرئيس تبون، وبعدها وصلت نائبة وزير الخارجية الأميركي، ويندي شيرمن، ثم زيارة وزير الخارجية البرتغالي، أوغاستو سانتوش سيلفا، دون تجاهل "تأجيل" زيارة الوزير الأول الفرنسي، جون كاستاكس، وكانت مقررة يومي 23 و24 مارس الحالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتعليقاً على زيارة مدير المصلحة الفدرالية للتعاون العسكري والتقني لروسيا، يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، سمير محرز، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إنها زيارة استباقية بامتياز، قبل حلول بلينكن وزير الخارجية الأميركي، مشيراً إلى أن الطرف الروسي قدم وجهة نظره خلال لقائه مع المسؤولين الجزائريين، بشأن الصراع القائم مع الجارة الغربية أوكرانيا، من منطلق العلاقات المتينة والقوية بين البلدين وعمق التعاون الاستراتيجي بين الطرفين تاريخياً.
محرز نوه إلى أن الجزائر تعد ضمن الدول القريبة لسياسات روسيا تاريخياً، وهو ما يثبته ترتيب الجزائر كثالث مستورد للسلاح الروسي في العالم، مضيفاً "موسكو لا ترغب في خلق هوة استراتيجية، بخاصة أن شخصيات عدة من الدول الأوروبية والغربية ستحل بالجزائر في مقبل الأيام.
تداعيات الحرب
من جهته، قال الباحث في الشؤون المغاربية، سعيد هادف، لـ"اندبندنت عربية"، إنه منذ بداية الأزمة بين الغرب وروسيا، وجدت الجزائر نفسها في قلب الأحداث، واستعانت بالصمت والحياد، بعدما واجهت صعوبة في العثور على اللغة المناسبة لهذا الموقف، وتجلى ذلك في عدم رفع يدها أثناء التصويت الأممي، ما دفع جهات غربية إلى التنقل إلى قصر "المرادية" الرئاسي لإقناع الجزائر بالإسهام في ضخ كمية من الغاز إلى أوروبا.
وتابع هادف قائلاً، "من الصعب التكهن بما كانت تنتظره روسيا من حلفائها، لكن يبدو أن زيارة مدير المصلحة الفدرالية للتعاون العسكري والتقني، جاءت تحت وطأة ما تعانيه روسيا بعد شهر من الحرب، وما ترتب عن ذلك من عقوبات، ثم تخوف موسكو من خسرانها لحلفائها"، مشيراً إلى أن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية حاضرة بقوة في تلك التحركات الدبلوماسية بحكم علاقة الجزائر القوية بالحليف الاستراتيجي الروسي، وامتلاكها علاقات مستقرة مع الدول الغربية، الأمر الذي جعلها تتحرك بحذر، فهي تسعى للحفاظ على مواقفها وحلفائها، وفي الوقت نفسه تتجنب "إغضاب" الغرب بقيادة واشنطن.