بعد ساعات من تعهد روسيا بخفض عملياتها العسكرية حول كييف وفي شمال أوكرانيا في خطوة لبناء الثقة، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، الثلاثاء، أن روسيا أعادت تموضع "عدد قليل" من قواتها قرب كييف، لكنها لم تنسحب وربما تتحضر للقيام بـ"هجوم كبير" في مكان آخر من أوكرانيا، بينما حذّرت وزارة الخارجية الأميركية مواطنيها في روسيا من خطر تعرّضهم "للاعتقال" على أيدي السلطات الروسية، مجددة مناشدتها المواطنين الأميركيين عدم السفر إلى هذا البلد وأولئك الموجودين فيه، مغادرته في الحال. ونبهت الخارجية الأميركية، الثلاثاء، من أن هناك "إمكانية لتعرض مواطنين أميركيين للمضايقة" من قبل قوات الأمن الروسية، "بما في ذلك الاعتقال"، وذلك بسبب موقف واشنطن من الحرب الروسية على أوكرانيا.
خسائر فادحة
في سياق متصل، أعلنت المخابرات العسكرية البريطانية، اليوم الأربعاء، إن وحدات روسية تكبدت خسائر فادحة في أوكرانيا اضطرت للعودة إلى روسيا وروسيا البيضاء المجاورة في مسعى لإعادة تنظيم نفسها وإعادة التزود بإمدادات.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية "تضع مثل هذه الخطوة مزيداً من الضغط على اللوجستيات الروسية المرهَقة بالفعل وتوضح الصعوبات التي تواجهها روسيا في إعادة تنظيم وحداتها في المناطق الأمامية داخل أوكرانيا". وأضافت الوزارة أنها ترجح أن تواصل روسيا تعويض ما فقدته في قدرتها على المناورة برياً، من خلال ضربات مدفعية وصاروخية موسعة.
مراقبة تحركات الروس
من جهته، قال المتحدث باسم "البنتاغون" جون كيربي "نشهد عدداً صغيراً (من الجنود الروس) يبدو أنهم يبتعدون الآن عن كييف، في اليوم نفسه الذي قال فيه الروس إنهم ينسحبون" من هناك.
وكان كيربي يتحدث بعد إعلان نائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فورمين أن روسيا ستقلص عملياتها العسكرية باتجاه كييف ومدينة تشرنيغيف الشمالية، عقب تحقيق تقدم في محادثات السلام في إسطنبول.
وعلق كيربي، "ما بإمكاني إبلاغكم به هو أن الغالبية العظمى من القوات المحتشدة ضد كييف التي رأيناها لا تزال في مكانها"، مضيفاً لقد رأينا فقط عدداً صغيراً بدأ في التحرك بعيداً عن كييف".
وتابع كيربي، إن "روسيا فشلت في هدفها بالاستيلاء على كييف"، لكن "هذا لا يعني أن التهديد المحيط بكييف قد انتهى". وقال "لسنا مستعدين لتسمية هذا تراجعاً أو حتى انسحاباً"، موضحاً "نعتقد أن ما يدور في أذهانهم على الأرجح هو إعادة التموضع لتعزيز موقع آخر".
وأضاف، "كان هناك تزايد في النشاط الهجومي" من قبل القوات الروسية في منطقة دونيتسك الانفصالية. وإلى جانب البنتاغون، قوبل الإعلان الروسي بالتشكيك أيضاً من قبل البيت الأبيض.
وقالت كيت بادينغفيلد مديرة اتصالات البيت الأبيض للصحافيين، "يجب أن تكون لدينا رؤية واضحة بشأن حقيقة ما يحدث على الأرض، ولا ينبغي أن ينخدع أحد بالتصريحات الروسية".
ورداً على سؤال حول ما إذا كان هناك جدول زمني يتم وضعه لرفع العقوبات مقابل إحراز تقدم، قال بادينغفيلد، "لا أعلم إن كان النشاط الروسي حالياً يستحق الجزرة. لقد كان تركيزنا بشكل كبير على العصا".
أميركا "على اتصال" مع القوات الأوكرانية
وقال البنتاغون إن القوات الأميركية في بولندا "على اتصال" بالقوات الأوكرانية أثناء تسليمها أسلحة لها، لكنها لا تدربها "بالمعنى التقليدي".
ولم يقدم كيربي تفاصيل بشأن ما ينطوي عليه هذا التواصل بالضبط.
وأضاف أن طائرات إضافية، ومنها عشر "إف-18"، وأكثر من 200 فرد، ستتجه إلى شرق أوروبا، بما في ذلك ليتوانيا.
إشارات "إيجابية"
أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، أنه لا يمكن الحديث عن رفع العقوبات المفروضة على روسيا قبل أن تنتهي الحرب، مؤكداً في الوقت نفسه رصد إشارات "إيجابية" من مفاوضات السلام التي استضافتها تركيا بين الطرفين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال زيلينسكي في تسجيل فيديو بث، في وقت متأخر من مساء الثلاثاء، على تطبيق "تليغرام" إن "مسألة العقوبات لا يمكن حتى إثارتها حتى تنتهي هذه الحرب، وحتى نستعيد ما هو لنا".
وأضاف، "يمكننا القول إن الإشارات التي نسمعها في المفاوضات إيجابية، لكنها لا تنسينا الانفجارات أو القذائف الروسية".
وتابع الرئيس الأوكراني، "لا نرى سبباً يدعونا لتصديق التصريحات التي أدلى بها مختلف ممثلي دولة (روسيا) تواصل القتال بنية تدميرنا".
وحذر زيلينسكي من أن "الوضع لم يصبح أسهل، وحجم التحديات لم يتضاءل، والجيش الروسي لا تزال لديه إمكانات كبيرة لمواصلة الهجمات ضد دولتنا".
وبعد ثلاث ساعات من المفاوضات في إسطنبول، وصف رئيس الوفد الروسي وممثل الكرملين فلاديمير ميدينسكي ما دار بين الطرفين بـ"محادثات جوهرية" مؤكداً أن المقترحات "الواضحة" التي قدمتها كييف للتوصل إلى اتفاق "ستتم دراستها في القريب العاجل وتقديمها إلى الرئيس" فلاديمير بوتين.
لكن هذه المؤشرات الإيجابية قوبلت بحذر من جانب القادة الغربيين الذين قالوا، إنهم يريدون الحكم على موسكو بناءً على أفعالها وليس على أقوالها هذه.
قتلى في غارة روسية على مبنى حكومي في ميكولاييف
ميدانياً، قُتل 12 شخصاً على الأقل وأصيب 33 آخرون بجروح الثلاثاء، في غارة روسية دمرت جزئياً مبنى الإدارة الإقليمية في ميكولاييف، المدينة القريبة من أوديسا والتي شهدت فترة هدوء في الأيام الأخيرة، بحسب السلطات الأوكرانية.
وأصاب صاروخ روسي المبنى المكون من تسعة طوابق قبيل الساعة 9 صباحاً بالتوقيت المحلي ودمر بالكامل الجزء الأوسط من المبنى. وقالت وكالة الطوارئ الأوكرانية في بيان على "تليغرام"، "تم انتشال جثث 12 شخصاً من تحت الأنقاض، وأصيب 33 شخصاً بجروح".
وأظهرت صور نشرتها الوكالة عناصر الإنقاذ وهم يزيلون الركام ومسعفة ترتدي زياً أحمر اللون تساعد رجلاً مصاباً موضوعاً على نقالة ووجهه ملطخ بالدماء.
وكانت حصيلة سابقة أفادت بمقتل تسعة أشخاص وإصابة 28 آخرين. ودان الرئيس الأوكراني الهجوم خلال إلقائه كلمة عبر الفيديو أمام البرلمان الدنماركي، الثلاثاء.
وقال زيلينسكي، إن "سكان ميكولايف لم يشكلوا أي تهديد لروسيا. وعلى الرغم من كل هذا، ومثل جميع الأوكرانيين، أصبحوا أهدافاً للقوات الروسية".
وكتب حاكم المدينة فيتالي كيم "تضرر مبنى الإدارة الإقليمية" مؤكداً أن غالبية الأشخاص الذين كانوا فيه لم يصابوا بأذى. وأضاف، "نبحث عن ثمانية مدنيين وثلاثة جنود".
ولفت إلى أن الروس "أدركوا أنهم لن يتمكنوا من السيطرة على ميكولاييف وقرروا إلقاء التحية علي وعلينا جميعاً" عبر قصف المبنى.
مؤتمر للتبرع بأسلحة لأوكرانيا
تنظم المملكة المتحدة مؤتمراً للمانحين، الخميس، من أجل التبرع لأوكرانيا بالمزيد من الأسلحة الفتاكة لمواجهة الهجوم الروسي، وفق ما ذكرت وزارة الدفاع البريطانية، الثلاثاء.
وقالت الوزارة لوكالة الصحافة الفرنسية، إن "المؤتمر سيعقد الخميس وبدعوة من وزير الدفاع" بن والاس.
وأوضح والاس خلال زيارة للنرويج، الثلاثاء، أن المؤتمر "سيرى ما يمكننا حشده من جميع أنحاء العالم لضمان عدم نجاح روسيا في احتلالها وهجومها غير الشرعيين لدولة ذات سيادة".
وأعلنت المملكة المتحدة، مؤخراً، أنها سترسل إلى أوكرانيا ستة آلاف صاروخ إضافي مضاد للدبابات، وبذلك يرتفع إلى أكثر من 10 آلاف عدد الصواريخ التي حصلت أو ستحصل عليها كييف من لندن منذ بدأ الجيش الروسي هجومه في 24 فبراير (شباط).
وقبل الهجوم، أرسلت المملكة المتحدة مجموعة من المدربين لتدريب القوات الأوكرانية على استخدام هذه الأسلحة.
لكن، على غرار دول أخرى في حلف شمال الأطلسي، رفضت المملكة المتحدة مطالب أوكرانيا بفرض منطقة حظر جوي فوق أراضيها، بسبب خطر التصعيد الذي قد يترتب على مثل هذا الإجراء.