Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يرتبط مصير بيلاروس بالحرب بين اثنتين من جاراتها؟

في حين يؤيد الرئيس لوكاشينكو حرب بوتين من أجل بقائه هو نفسه، لا يفعل ذلك العديد من البيلاروسيين، وتتابع حركة المعارضة بقلق الأحداث في أوكرانيا

زعيمة المعارضة في بيلاروس سفياتلانا تسيخانوسكايا تجتمع بمبادرات لمتطوعين بيلاروسيين في بولندا في وقت سابق من هذا الشهر (غيتي)

عندما أجلت سفارة بيلاروس موظفيها من أوكرانيا، حمل رئيس جهاز حرس الحدود سيرهي دينيكو هدية وداعية لسفير مينسك إيغور سوكول وزملائه: 30 قطعة من الفضة.

منذ غزو روسيا لأوكرانيا في أواخر فبراير (شباط)، أدت بيلاروس دوراً أشبه بدور يهوذا، إذ ضحت بالسيادة الضئيلة المتبقية لها لتُستخدَم البلاد كموقع انطلاق للهجوم الروسي على كييف.

لقد سمح حرس الحدود البيلاروسيون للقوات الروسية بالتحرك عبر الحدود، وساعدت أنظمة الدفاع الجوي والتحكم في حركة الطيران في البلاد حملة موسكو، وشغل القتلى والجرحى الروس المستشفيات في المدن الواقعة في جنوب بيلاروس.

ولا يزال زعيم بيلاروس القوي ألكسندر لوكاشينكو يصر على أن قواته لن تنضم إلى الحرب على رغم ذكر معلومات استخبارية أوكرانية الاثنين أن هجوماً من جانب رجاله محتمل. كذلك أطلع مسؤولون في الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي صحافيين على أن إشارات تفيد بأن بيلاروس ربما تستعد لمهاجمة جارتها.

وبالنسبة إلى زعيمة المعارضة البيلاروسية في المنفى سفياتلانا تسيخانوسكايا، يتلخص الهدف في اختراق الدعاية التي ينفذها لوكاشينكو وتشجيع البيلاروسيين على عرقلة أي تدخل في حرب روسيا ورفضه.

وقالت لـ"اندبندنت" من عاصمة ليتوانيا فيلنيوس: "يدرك الناس في بيلاروس أن أحداً لم يسألهم عن رأيهم في هذه الحرب، ولا يريد الناس أن يكونوا أعداء لإخواننا في أوكرانيا، لكن هذه هي سياسة لوكاشينكو، إذ جر بلادنا إلى هذه الحرب".

وبالنسبة إلى تسيخانوسكايا وزملائها يرتبط القدر الأعظم من مصيرهم بكييف.

فإذا سقطت أوكرانيا في يدي روسيا، سيكون من الصعب للغاية التخلص من لوكاشينكو وأنصاره في مينسك. وإذا فاز رجال الرئيس فولوديمير زيلينسكي ستحل اللحظة المناسبة لإعادة إشعال الزخم الذي انطلق بعد الانتخابات المزورة التي أجريت عام 2020، حيث خرج مئات الآلاف من الناس إلى شوارع بيلاروس للاحتجاج على مزاعم لوكاشينكو بأنه فاز بـ80 في المئة من الأصوات.

وقالت تسيخانوسكايا: "أصبح استقلالنا مهدداً، فبسبب القوات الروسية الموجودة على أراضينا كلها، من الواضح تماماً أن لوكاشينكا [التهجئة المحلية لاسم الرئيس البيلاروسي] غير الشرعي لم يعد يسيطر على الموقف – الشيء الوحيد الذي قد يسيطر عليه هو القمع الممارس بحق الناس.

"وإذا فشلت أوكرانيا، وآمل في ألا يحدث ذلك، سيبدو الخط الذي يربط لوكاشينكا بالكرملين أقوى كثيراً وسيكون كفاحنا بالغ الصعوبة... لكن عندما تفوز أوكرانيا سيكون من الأسهل كثيراً بالنسبة للناس في بيلاروس أن يدركوا أننا قادرون على تغيير الكثير في بلادنا وستسنح لنا الفرصة هذه".

منذ الغزو في 24 فبراير، تطوع مئات البيلاروسيين للدفاع عن أوكرانيا. وإذ عُرِفوا باسم كتيبة كالينوسكي، على اسم الثائر البيلاروسي في القرن التاسع عشر كاستوس كالينوسكي، شاركوا في حملة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي لتشجيع البيلاروسيين من مختلف أنحاء العالم على الانضمام إليهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"اليوم أصبح مصير شعبنا يتشكل في معارك مع المعتدي الموسكوبي. وبدمنا نرسي الأساس للحرية ولإحياء وطننا الأم، ما يشكل اختراقاً بيلاروسياً ناجحاً في المستقبل"، وفق إعلان نشروه على وسائل الإعلام الاجتماعية.

وتطوع عدد من البيلاروسيين الآخرين في جهود الإغاثة الإنسانية الواسعة النطاق في أنحاء أوكرانيا كلها، وقالوا بأنهم لن يغادروا البلد حيث لاقوا ترحيباً عندما فروا من القمع الذي تلا الانتخابات قبل سنتين.

بعد ممارسة الحذر السياسي بين الغرب والشرق منذ وصوله إلى السلطة عام 1994، اضطر لوكاشينكو إلى تسليم طموحاته السياسية إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مقابل دعمه لقمع احتجاجات المعارضة عام 2020.

وقدمت روسيا الدعم المالي لبيلاروس حتى أنها عرضت مساعدة عسكرية على الزعيم المتعثر. وهذا دفع لوكاشينكو إلى اتخاذ إجراءات صارمة وحشية ضد المعارضة. واليوم يوجد أكثر من ألف معتقل سياسي في سجون بيلاروس.

"يعتمد بقاء لوكاشينكو السياسي على بقاء فلاديمير بوتين السياسي... لكن لوكاشينكو يحاول السير بحذر شديد وعدم المشاركة في شكل مباشر [مع روسيا]، لكن المسألة تتعلق بالفعل بتعريف [ما يفعله الرئيس البيلاروسي]. بيد أنه يعلم أن الحرب لا تحظى بشعبية في بيلاروس وأنها لا تفيده في الحصول على ثقة السكان التي خسرها بالفعل على أي حال"، بحسب الدكتورة غويندولين ساس، الخبيرة في بيلاروس والأستاذة في جامعة هومبولت ببرلين.

"لكن على رغم ذلك، أعتقد بأن الأمر يتعلق بالوقت، فإذا رأى بوتين أن من الضروري أن يستخدم قوات بيلاروسية، لا أعتقد بأن لوكاشينكو يستطيع أن يعارض ذلك بأي شكل".

والأحد، أفاد مكتب الرئيس زيلينسكي بأن هجوماً تشنه بيلاروس من المرجح أن يركز على منطقة فولين الغربية في أوكرانيا. وبعد شهر على الحرب تركز القوات الروسية على المناطق الشمالية والجنوبية والشرقية من البلاد، على رغم أن ضربة على قاعدة يافوريف العسكرية القريبة من الحدود البولندية أسفرت عن مقتل 35 جندياً أوكرانياً وإصابة 135 آخرين الأسبوع الماضي.

وفي الأيام الأخيرة، يبدو أن أجزاء من الهجوم الروسي معطلة، ويخشى محللون من أن تكون موسكو تعيد تنظيم نفسها قبل القيام باندفاع عدواني آخر في أوكرانيا.

"في الوقت الحالي يبدو هذا بمثابة توقف مؤقت للعمليات، إذ تجري الاستعدادات لهجوم آخر تشارك فيه بيلاروس. لم يتمكن الروس من تحقيق اختراق لذلك سيرغبون في إعادة النظر"، وفق قول دانيال هاملتون، الزميل غير مقيم الأقدم في "مؤسسة بروكينغز"، لـ"اندبندنت". "والفترة المقبلة هي فترة مستمرة من التقلبات التي من شأنها في الأساس أن تجعل أوروبا منطقة مضطربة".

 "يختلف الشعب البيلاروسي تماماً عن الشعب الأوكراني لجهة الذهنية؛ لقد خبرت أوكرانيا الديمقراطية، على عكسنا. لقد تعود العديد من الناس على الحياة في ظل حكم دكتاتوري، وهم يناضلون من أجل رؤية بيلاروس بديلة. ورأوا لمحة عام 2020 لكنهم لا يعرفون كيف يمكنهم تحقيقها"، على حد تعبير تسيخانوسكايا.

"لكن ما نعرفه هو أن شعب بيلاروس لا يريد هذه الحرب".

© The Independent

المزيد من تحلیل