على الرغم من الوعود المتكررة منذ عام ونصف العام لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس، فإن ذلك يبدو بعيداً من التنفيذ بسبب ربط المسؤولين الأميركيين بموافقة الحكومة الإسرائيلية التي ترفض ذلك بشدة.
وتعهد بايدن حتى قبل دخوله البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) من عام 2021 بالتراجع عن إغلاق سلفه دونالد ترمب القنصلية الأميركية في القدس بعد 175 على افتتاحها، وإلحاقها بالسفارة الأميركية لدى إسرائيل بعد نقلها إلى القدس. واعتبر الفلسطينيون تلك الخطوة "المسمار الأخير في نعش دور الإدارة الأميركية في صناعة السلام، وجاءت بسبب أيديولوجية متعصبة ترفض أن يكون للشعب الفلسطيني الحق في تقرير مصيره".
وقامت القنصلية الأميركية بمهمات السفارة لدى السلطة الفلسطينية منذ اتفاق أوسلو قبل أن تغلقها إدارة ترمب في مارس (آذار) من عام 2019 لتحل مكانها "وحدة تسيير خدمات الفلسطينيين" ضمن السفارة الأميركية لدى إسرائيل.
ولا يترك المسؤولون الفلسطينيون لقاء مع نظرائهم الأميركيين إلا ويطالبونهم بتنفيذ وعد الرئيس بايدن بإعادة فتح القنصلية الأميركية ومكتب منظمة التحرير في واشنطن، وإلغاء قوانين الكونغرس التي تعوق بناء علاقة فلسطينية - أميركية طبيعية.
وكانت المرة الأخيرة لذلك خلال اللقاء الثاني للرئيس الفلسطيني محمود عباس مع وزير الخارجية الأميركي أنتونى بلينكن في رام الله الشهر الماضي.
وأكد الرئيس عباس "أهمية تطبيق ما تؤمن به إدارة الرئيس بايدن بالتزامها بحل الدولتين ووقف الاستيطان والحفاظ على الوضع التاريخي في الأقصى، ومنع الأعمال أحادية الجانب، وكذلك إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس وإلغاء القوانين الأميركية التي تعتبر منظمة التحرير الفلسطينية إرهابية وتشجع التحريض".
ويأتي الرد الأميركي على ذلك باستمرار الجهود لإعادة افتتاح القنصلية لكن من دون موعد ملزم بذلك. وألمح السفير الأميركي لدى إسرائيل توماس نايدز إلى أن إعادة فتح القنصلية مرتبط بموافقة الحكومة الإسرائيلية، قائلاً إن "الأمور ليست بهذه البساطة. هذه حكومة لديها أغلبية بمقعد واحد وأفضل عدم إسقاطها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف نايدز "أن الفلسطينيين والإسرائيليين ضخموا المسألة، فأنا لا أريد أن يصرفني ذلك عن العمل على أمور للإبقاء على حل الدولتين حياً. نحن نريد افتتاح القنصلية ولكن لا أريد أن أبذل كل طاقتي في كل يوم في محاولة افتتاحها، وجعل كل شيء آخر يذهب إلى الجحيم".
ومع أن الفلسطينيين يعتبرون وجود القنصلية الأميركية في القدس اعترافاً أميركياً رمزياً بها كعاصمة لدولة فلسطين، فإن الإسرائيليين يصرون على أن "القدس ستبقى عاصمة موحدة" لإسرائيل.
ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت بشدة إعادة فتح القنصلية الأميركية، مضيفاً أنه "لا مكان لقنصلية أميركية تخدم الفلسطينيين في القدس. نحن نعبر عن موقفنا بوضوح، القدس هي عاصمة دولة إسرائيل".
ونفى مسؤولون فلسطينيون لـ "اندبندنت عربية" ربط واشنطن إعادة فتح القنصلية بوقف السلطة الفلسطينية دفع رواتب الأسرى والشهداء، مشيرين إلى "أن إثارة بلينكن لذلك الموضوع خلال لقائه الرئيس عباس فهم على أنه ربط لموضوع القنصلية مع الرواتب". وأوضح مسؤول فلسطيني أن "واشنطن لن تقوم بإعادة فتح قنصليتها حالياً، وأنها غير معنية بذلك بسبب الرفض الإسرائيلي، وعدم وجود مصلحة لها بذلك".
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف "إن واشنطن أبلغت الفلسطينيين بضرورة موافقة إسرائيلية على إعادة فتح القنصلية"، مشيراً إلى "أن ذلك مستحيل ولن يحصل". وتسعى إدارة بايدن إلى تقليص الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين وتحسين الأوضاع المعيشية في ظل عدم جديتها بإطلاق عملية سياسية جادة تؤدي إلى تسوية النزاع.