صدرت في المملكة المتحدة دعوات تطالب الحكومة البريطانية بإزالة القيود"البيروقراطية غير الضرورية" من مخططي استضافة اللاجئين الأوكرانيين، بعد أن تبين أن الأفراد الذين فروا من الحرب في بلادهم، يواجهون الآن حال عوز في بريطانيا.
وتتوالى الدعوات للحكومة بالسماح للاجئين بالتقدم إلى مخطط "منازل للأوكرانيين" Homes for Ukraine من داخل المملكة المتحدة، ومد السلطات المحلية بالتمويل اللازم لاستيعاب الذين يصلون إلى البلاد بموجب مخطط لم شمل الأسر، الذي لا تخصص الحكومة دعماً له في الوقت الراهن.
وتبين أن عدداً من الأوكرانيين الذين وصلوا في الأسابيع الأخيرة إلى المملكة المتحدة، سواء بموجب مخطط لم شمل الأسر الذي وضعته وزارة الداخلية البريطانية، أو الأفراد الذين لم يحصلوا على تأشيرات دخول – وهم بالإجمال غادروا بلادهم عبر إيرلندا للوصول إلى المملكة المتحدة – يعانون الأمرين لتأمين المسكن ويواجهون صعوبات في فتح حسابات مصرفية تتيح لهم المطالبة بمزايا الدعم الحكومي، وتسجيل أطفالهم في المدارس.
وقد انتهى المطاف ببعضهم بأن أدخلوا عن غير قصد ضمن نظام اللجوء في المملكة المتحدة، ما يعني حرمانهم من الحق في العمل، فيما يحصلون على القليل من أموال الدعم، أو لا يتلقون أياً منها على الإطلاق. وكان أوكرانيون آخرون يعتزمون الانضمام إلى أسرهم في بريطانيا، لكنهم فوجئوا بأن أقاربهم في العراء من غير مأوى، واضطروا إلى تسجيل أنفسهم على أنهم مشردون.
وعلى الرغم من أن 200 ألف شخص في بريطانيا عرضوا حتى الآن استضافة لاجئين بموجب مخطط "منازل للأوكرانيين" - الذي يتيح للأوكرانيين السكن لدى رُعاة بريطانيين - فإن قانوناً يمنع الأشخاص من التقدم إلى هذا المخطط في حال كانوا على الأراضي البريطانية يعني أن هؤلاء لا يستطيعون الاستفادة من هذه العروض. في المقابل "تتزاحم" المجالس المحلية والجمعيات الخيرية لإيوائهم وتقديم الدعم لهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واستناداً إلى الأرقام الرسمية الصادرة حتى يوم الجمعة الماضي، مُنح حتى الآن 5 آلاف و200 شخص فقط تأشيرات دخول بموجب مخطط "منازل للأوكرانيين"، من بين 32 ألف شخص تقدموا بطلباتهم، منهم 500 وصلوا حتى الآن إلى المملكة المتحدة.
يأتي ذلك في الوقت الذي كشفت فيه "اندبندنت" عن أن وزارة الداخلية البريطانية أوقفت العمل في أجزاء من النظام العادي للهجرة والتأشيرات، بهدف إعادة تكليف هيئة الموارد التعامل مع مخططها البيروقراطي المتعلق بالوافدين من أوكرانيا.
وذكر مسافرون أن التأشيرات ذات الأولوية والأولوية القصوى غير متوافرة في الوقت الراهن، وقد اعتذرت الحكومة عن "أي إزعاج تسببت به للأشخاص نتيجة ذلك". وفي المقابل، تواجه التأشيرات العادية من أماكن أخرى هي أيضاً تأخيرات.
وتطالب حملة "الترحيب باللاجئين" Refugees Welcome campaign التي أطلقتها "اندبندنت"، الحكومة البريطانية بتسريع الخطى لمساعدة الأوكرانيين الفارين من الحرب. وقد وقع أكثر من 183 ألف شخص على عريضتنا التي تدعو الحكومة إلى تأمين مزيد من إمدادات الطعام والملابس وأماكن إيواء اللاجئين الأوكرانيين، وإلى بذل مزيد من الجهد لجعل المملكة المتحدة ملاذاً آمناً لهم.
واتهمت ليزا ناندي، وزيرة الدولة لشؤون تحسين أوضاع المناطق والإسكان والدوائر المحلية في حكومة الظل "العمالية" الحكومة البريطانية "باستغلال الكرم المذهل" الذي أبداه أشخاص عرضوا فتح منازلهم للاجئين، واصفةً عدم قدرة الحكومة على اعتماد المرونة بين المخططين بأنها "بيروقراطية غير ضرورية على الإطلاق".
وقالت ناندي لـ"اندبندنت": "إذا كان الوافدون من أوكرانيا وصلوا إلى البلاد ويحتاجون إلى منزل، فيجب أن يكونوا مؤهلين للتعامل مع أفراد قاموا بعرض مسكنهم لهم بموجب مخطط الرعاية، خصوصاً أن عدداً من عروض الرعاية المقدمة يذهب هدراً في الوقت الراهن".
وأضافت أن "المجالس المحلية والجمعيات الخيرية وأشخاصاً عاديين، أبدوا استعداداهم للمساعدة في وقت يحتاج فيه الأوكرانيون للدعم. ويتعين مدهم بمزيد من المعلومات وأوجه العون التي هم في أمسّ الحاجة إليها".
من جهته، رأى تيم ناور هيلتون الرئيس التنفيذي لمنظمة "ريفوجي أكشن" Refugee Action (مؤسسة خيرية مستقلة تقدم المشورة والدعم للاجئين وطالبي اللجوء في المملكة المتحدة)، أن تعرض الأوكرانيين الذين يصلون إلى بريطانيا بموجب مخطط تأشيرة لم شمل الأسر للتشرد والعوز، "إنما يقوض تماماً الحماية التي تقول الحكومة إنها تقدمها لأولئك الأفراد الفارين من القصف الروسي".
واعتبر أن "الحل البسيط" يكون بالسماح على وجه السرعة للأوكرانيين الذين وصلوا حتى الآن إلى المملكة المتحدة، بأن يتقدموا بطلب الانضمام إلى مخطط منازل للأوكرانيين، الذي من شأنه أن "يفسح المجال على الفور للتمويل الحكومي للسلطات المحلية لمد اللاجئين الأوكرانيين بما يحتاجون إليه".
ليلى ويليامز نائبة مدير مؤسسة "ويست لندن ويلكام" West London Welcome (مركز مجتمعي يساعد اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين وغيرهم من السكان المحليين الذين يعيشون في غرب لندن)، أكدت أن نحو 10 أسر أوكرانية اتصلت بالمؤسسة الخيرية الصغيرة في الأسبوعين الأخيرين، وكان أفرادها يواجهون مصاعب في تأمين مسكن لهم أو الحصول على دعم أساسي آخر.
وتحدثت عن وضع أسرة وصلت إلى البلاد بموجب نظام تأشيرة لم شمل الأسر، لكن قريبتها [التي تعيش في المملكة المتحدة] كانت امرأة معوقة، ولا تملك إلا القليل من المال، ما يعني أنها لم تكن قادرة على استضافتها. وقد عملت المؤسسة الخيرية على إسكان تلك الأسرة مع أحد المضيفين على نحو غير رسمي.
وتضيف ويليامز" قائلة: "لدينا عدد من الأسر التي تعاني هذا الوضع، وتطلب منا أن نساعدها. وفي الواقع لن تكون لدى جميع العائلات القدرة الكافية على إعالة أقاربها. وتتدافع المجتمعات في الوقت الراهن لمساعدة هؤلاء الناس، علماً بأن أحداً لا يقوم بتمويل هذا النشاط رسمياً. فالحكومة لا تقدم العون".
وقالت المسؤولة في الجمعية الخيرية: "إننا سعداء كمؤسسة خيرية بأن ندعم الناس، لكن يجب ألا تقع على عاتق مؤسسة خيرية صغيرة مهمة مساعدة أسر أوكرانية تعاني الصدمة والضياع [نتيجة الحرب والتشرد] إضافة إلى مضيفيهم. إن دعم هؤلاء يتم بطريقة مختلفة للغاية عن أولئك الذين يتقدمون لطلب عبر مخطط منازل للأوكرانيين".
ورأت السيدة ويليامز أن "الطريقة الوحيدة" لتفادي أن يصبح الأوكرانيون بلا مأوى أو أن يقعوا في "حال عوز حقيقية"، تكون بالسماح لهم بالتقدم إلى برنامج الرعاية وهم داخل المملكة المتحدة. إن هؤلاء هم في حاجة للدعم الحكومي لضمان أن يتمكنوا من تلبية احتياجاتهم الأساسية بمجرد وصولهم إلى البلاد. فالجميع يفرون من الحرب نفسها [بغض النظر عن طريقة وصولهم إلى المملكة المتحدة]".
واستناداً إلى تقديرات صادرة هذا الأسبوع عن "جمعية الحكم المحلي" Local Government Association (LGA) (هيئة تمثل السلطات المحلية في البلاد)، فقد تم إحصاء ما لا يقل عن 144 أسرة أوكرانية وصلت إلى بريطانيا منذ بداية الحرب، في عداد المشردين في المملكة المتحدة.
أوليكسندر بوليشتشيك وهو أحد المتطوعين في جمعية "ادعموا أوكرانيا" Support Ukraine الخيرية في لندن، أكد أن مؤسسته تساعد عشرات اللاجئين الذين كانوا يواجهون صعوبات في الحصول على الخدمات الأساسية لدى وصولهم إلى بريطانيا.
وأضاف أنه "في كثير من الحالات لم يملك هؤلاء نقود، إضافة إلى أنهم لا يعرفون اللغة الإنجليزية. الوضع معقد. احتاج هؤلاء في بعض الأحيان لمسكن وملابس. وفي معظم الحالات يفرون ومعهم حقيبة، لكنها لم تكن تحتوي على الكثير".
وأشار المتطوع إلى أن "البعض في حاجة لدواء ولا يعرف من أين يحصل عليه، فيما يواجه آخرون صعوبات في إدخال أطفالهم إلى المدارس. كما أنهم لا يعرفون طرق التقدم للحصول على المنافع [المساعدات] والدعم، وشكلت اللغة العائق هي الأكبر بالنسبة إليهم.
وأكد أن "الحكومة لا تقدم الدعم في هذا الإطار، فقد وضعت سياسةً وألقت بالمسؤولية على السلطات المحلية لتنفيذها".
وطالب بوليشتشيك الحكومة البريطانية بتمكين الأفراد الذين هم الآن في المملكة المتحدة من التحول إلى نظام الرعاية قائلاً إن "هناك الكثير من الأشخاص الذين هم على استعداد لاستضافتهم. فهذه البلاد هي التي نظمت عملية "كيندر ترانسبورت" Kindertransport (جهد منظم لإنقاذ الأطفال من الأراضي التي كان يسيطر عليها النازيون خلال الأشهر التسعة التي سبقت اندلاع الحرب العالمية الثانية). إننا نعيش اليوم الوضع نفسه، وهناك الكثير من الناس الذين يريدون تقديم المساعدة".
وخلص إلى القول إن "الأوكرانيين لا يريدون أن يكونوا عبئاً على أحد. لم يأتوا إلى هنا ليحققوا مكاسب. إنهم يريدون العمل، ويبتغون كسب لقمة العيش. وسيتقدم كثيرون منهم إلى نظام الرعاية إذا أتيح لهم ذلك".
والجدير بالذكر أن الحكومة المركزية البريطانية تمنح السلطات المحلية مبلغ 10 آلاف و500 جنيه استرليني (13755 دولاراً أميركياً) على شكل تمويل، لكل لاجئ تقدم بموجب مخطط "منازل للأوكرانيين"، لكن هذه السلطات المناطقية لا تتلقى أي أموال عن اللاجئين الذين يصلون بموجب مخطط لم شمل الأسر الذي يسمح للاجئين الأوكرانيين بالانضمام إلى أقاربهم المقيمين في المملكة المتحدة.
متحدث باسم "جمعية الحكم المحلي" قال: "إننا ندعو المجالس إلى تلقي تمويل لدعم الوافدين الجدد الذين يأتون بموجب مخطط تأشيرة لم شمل الأسر، والذين سيكونون في حاجة إلى الخدمات المحلية، وذلك كي تتمكن السلطات المحلية من تقديم الدعم لهم عندما يصلون إلى البلاد، ومساعدتهم على المديين القصير والطويل".
وفي تعليق على ما تقدم، قال ناطق باسم الحكومة البريطانية إن "كل فرد وافد إلى المملكة المتحدة بموجب مخططي (منازل للأوكرانيين) أو (لم شمل الأسر الأوكرانية)، سيكون في مقدوره الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية والتعليم والمنافع ودعم الوظائف، وذلك على قدم المساواة مع مواطني المملكة المتحدة".
وختم المتحدث الرسمي قائلاً إنه "تم وضع هذين المخططين لضمان حصول الأفراد الفارين من الغزو الروسي إلى المملكة المتحدة على مسكن، إما من جانب أقارب لهم في البلاد، أو بمساعدة كفيلهم، والمجال مفتوح فقط للأشخاص الذين يتقدمون بطلباتهم من خارج المملكة المتحدة".
© The Independent