"اعتدنا منذ الصغر على أن يخيط لنا والدنا ملابس شعبية مع ملابسه في كل عام، وبعد وفاته حافظنا في العائلة على هذا التقليد"، يقول أحمد عوادة من مدينة نابلس، عن تقليد ورثه وأشقاؤه عن والدهم منذ صغرهم، أثناء سكنهم في بيتهم القديم في حارة الياسمينة في نابلس. ويلتزم أفراد الأسرة وخصوصاً الذكور بلباس شعبي يمزج بين الشروال الفلسطيني والصدرية السورية.
يتابع أحمد، أنهم خلال رمضان يتجولون يومياً في البلدة القديمة، وتتخلل جولاتهم الصلاة في أحد مساجد نابلس، ومنها الحنبلي أو الصلاحي الكبير، ومن ثم يشترون الاحتياجات الأساسية سواء للإفطار أو للحياة اليومية، ومن أبرزها الخبز العربي والعصير الطبيعي والحلويات الرمضانية.
أما ختام الجولة، فيكون في الجلوس في منطقة باب الساحة، بالقرب من برج الساعة العثماني، وتبادل الأحاديث مع أصدقائهم ومعارفهم، وغيرهم من الناس المارة الذين يودون التعرف أكثر على زيهم أو المنطقة المحيطة. فباب الساحة هذا يعتبر من الأماكن الحيوية، ويؤمه الناس بشكل شبه يومي للتسوق والتنزه والتقاط الصور، وهو مساحة تستخدم للاحتفالات الشعبية وعروض الفرق الموسيقية خصوصاً في شهر رمضان.
فرصة رمضانية
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يقول يحيى عوادة، إن "هذه الجولات تهدف بشكل أساسي إلى الاستمتاع ومتابعة الأجواء الرمضانية عن قرب". فمدينة نابلس، وخصوصاً البلدة القديمة، من أكثر التجمعات السكانية التي تحيي هذا الشهر في الأسواق والعادات المختلفة، وخلال ساعات ما قبل الإفطار تعج الأسواق بالناس.
ومن ضمن الأماكن التي يمرون بها خلال سيرهم، خان التجار القديم الذي بُني على غرار سوق الحميدية في سوريا في فترة الحكم العثماني ليكون سوقاً للأقمشة، ثم أصبح في الوقت الحالي مكاناً مسقوفاً مملوءاً بالمحال التجارية التي تبيع كل شيء ابتداءً من الحلويات والخبز واللحوم وانتهاء بالكهربائيات والملابس. ومن ثم يخرجون إلى منطقة السوق الشرقية التي يصفها إبراهيم عوادة بأنها سوق البسطاء نظراً لانخفاض أسعار السلع المختلفة فيها، خصوصاً الغذائية.
المائدة الرمضانية تعج بالمأكولات
بعد الانتهاء من جولاتهم يتوجه آل عوادة مع أسرهم إلى منزل والدتهم الحاجة نجوى، حيث تتكون المائدة من وجبات رئيسة كالمقلوبة بالزهر أو الباذنجان، والسلطات كالفتوش والسلطة العربية، والمخللات والعصائر كالتمر الهندي. وحينها يجلس أطفال العائلة، وأحياناً الكبار، عند النافذة في انتظار قراءة الفاتحة قبل أذان المغرب.
وفي نابلس، تكثر العادات الاجتماعية الرمضانية، ومن أشهرها كما توضح الحاجة نجوى عوادة، الموائد والفُقَد الرمضانية التي تتزاور فيها العائلات، إضافة إلى توزيع المساعدات ودعوة الفقراء إلى ولائم خيرية تقيمها العائلة بشكل دوري. وعن هذا يشير أحمد إلى أنهم يستغلون الرصيف أمام المنزل لإقامة الموائد الخيرية خلال الأيام الأخيرة من الشهر.