تتزايد الشروط التي تضعها إيران من أجل المضي قدماً لإتمام إحياء الاتفاق النووي، وقد كان آخر هذه الشروط طلب طهران رفع الحرس الثوري من قائمة الإرهاب، وحتى هذه اللحظة لم توافق إدارة بايدن على الطلب الإيراني، كما أن الحزب الجمهوري يضغط من أجل عدم الاستجابة للأمر.
وأخيراً حذرت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الرئيس جو بايدن من رفع تصنيف الحرس الثوري ليظل النقطة الشائكة الرئيسة في المحادثات المتوقفة الآن في فيينا، فقد كتب 14 عضواً جمهورياً في مجلس الشيوخ أن إسقاط التصنيف سيكون مضللاً، بالنظر إلى أن الحرس الثوري لم يظهر أي تغيير في سلوكه، ومن ثم فإن إزالة المنظمة من التصنيف الإرهابي سيظهر للعالم أن تصنيفات الولايات المتحدة للإرهاب أدوات سياسية تستخدمها في المقايضة بها متى كانت تناسب أهدافها السياسية.
تاريخ من العقوبات
وجرى تصنيف الحرس الثوري، أهم مؤسسات صنع القرار في إيران، في الثامن من مايو (أيار) 2018، عندما أنهى الرئيس ترمب المشاركة الأميركية في خطة العمل الشاملة المشتركة وأعاد فرض جميع العقوبات الأميركية.
وفي إطار سياسة الضغط الأقصى أعاد ترمب فرض بعض العقوبات وأقر عقوبات جديدة بهدف إجبار إيران على التفاوض في شأن خطة العمل الشاملة المشتركة التي تأخذ في الاعتبار مخاوف أميركية تتجاوز برنامج إيران النووي. وتسببت هذه السياسة في إضعاف الاقتصاد الإيراني بسبب ركود مبيعاته من النفط، الأمر الذي أخرج إيران من النظام المالي العالمي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتتمتع وزارة الخارجية بموجب المادة (219) من قانون الهجرة والجنسية FTO) ) بسلطة تصنيف أي كيان على أنه منظمة إرهابية أجنبية، مما يعني فرض قيود ومنع دخول الأراضي الأميركية، كما أنه يخضع أي شخص أميركي للعقوبات حال تقديم دعم مادي أو موارد لمنظمة إرهابية أجنبية أو التآمر للقيام بذلك، إذ يتعرض للغرامة أو السجن مدة تصل إلى 20 عاماً، كما يتعرض أي بنك يتهم بارتكاب هذه المخالفة للغرامات.
وبموجب القانون حدد ترمب كيانات عدة كمنظمات إرهابية، منها الحرس الثوري الإسلامي، إذ تم تعيينه في الثامن من أبريل (نيسان)، وفي الـ 22 من أبريل 2019 أصدرت وزارة الخارجية مبادئ توجيهية لتطبيق القرار، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة لن تعاقب أياً من شركاء الولايات المتحدة على التعامل الدبلوماسي الروتيني أو الإنساني مع الحرس الثوري.
كما ضم ترمب إلى القائمة "حزب الله" اللبناني والميليشيات العراقية، بما في ذلك "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق" و"حماس" و"الجهاد الإسلامي" في فلسطين، والجماعات الفلسطينية غير الإسلامية مثل "كتائب شهداء الأقصى" و"جبهة التحرير الفلسطينية" و"سرايا العشتار" البحرينية المدعومة من إيران.
تأثيرات محدودة
وفي جانب آخر، فإنه إذا جرى رفع الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية فسيظل يخضع لعقوبات من قبل بعض التصنيفات الأميركية التي تضعه في قائمة الإرهاب العالمي، بعد أحداث الـ 11 من سبتمبر (أيلول)، فضلاً عن قوائم أخرى مرتبطة بحقوق الإنسان والانتشار النووي وإطلاق الصواريخ الباليستية، ومن ثم فإن إزالة الحرس من قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية له تأثير محدود، وبالتالي فالطلب الإيراني له مغزى سياسي قد يكون مرتبطاً برسائل للداخل، لتأكيد أن إدارة إبراهيم رئيسي أتت بشروط جديدة ومختلفة عن الإدارة السابقة، وليس لمجرد إحياء الاتفاق النووي. كما تريد إيران استغلال إزالة الحرس من قائمة الإرهاب للإيحاء بأن تحركات الحرس الخارجية مشروعة، وأن الولايات المتحدة تستخدم التصنيف لأغراض سياسية.
إن التصنيف والعقوبات كانتا تستهدفان برنامج إيران الصاروخي والحرس الثوري بفعل الهجمات الأخيرة التي شنتها إيران ووكلاؤها على أهداف في العراق والسعودية، وبالتالي فإن إزالة الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية له تداعيات سياسية أكبر من التأثير الاقتصادي، باعتباره الفاعل الرئيس في الاقتصاد الإيراني، إذ رفضت إيران أن يشمل التفاوض معها ملفي النشاط الإقليمي والصواريخ الباليستية، ومن ثم فإن إزالة اسم الحرس من القائمة المشار إليها يعني تراخياً وتجاهلاً لنشاط إيران في هذين الملفين، والنتيجة مضاعفة وهي مخاوف شركاء الولايات المتحدة في المنطقة وعدم الثقة في التعامل الأميركي مع الملف الإيراني من جهة، ومن جهة أخرى دعم استعراض القوة الذي يمارسه الحرس الثوري في المنطقة وتشجيعه على المزيد من الاستفزازات من دون تقديم جهود حقيقية تعكس تغييراً في النيات والأهداف.