إذا كنتم عالقين في فوضى السفر أثناء عطلة عيد الفصح، أو بالفعل في المتاعب الإضافية التي تنتظركم خلال الصيف، لديكم الحق في أن تغضبوا. لكن لديكم أيضاً الحق في الحصول على شرح. والمعلقون الاقتصاديون لا يستطيعون أن يفعلوا الكثير لتهدئة الغضب، باستثناء الإبلاغ عما يحدث ومحاولة شرحه. هاكم الشرح.
ثمة قصتان هنا: الأولى تتعلق بأثر الجائحة في قطاعات الخدمات، أما الثانية فتتصل بالإدارة المروعة. ولطالما كان التكيف مع الجائحة صعباً، أما الإدارة المروعة فتشير إلى دروس يجب تعلمها.
تتمثل السمة الأساسية لقطاعات الخدمات، ولا سيما أعمال السفر والسياحة، في أنها لا تستطيع تخزين ناتجها. فالشركات المصنعة استطاعت أن تتكيف مع الجائحة من خلال تخزين كل من المكونات والمنتجات النهائية، ولو أن الاضطرابات التي تعانيها سلاسل الإمداد خاصتها أدت إلى عجز خطير في الناتج، لكن الطلب الكلي على البضائع لم يهبط في شكل كبير أثناء الإغلاقات. لذلك كان التحدي يتلخص في الاستمرار في العمل في ظل ظروف صعبة.
أما بالنسبة إلى السفر والسياحة فكان الأمر مختلفاً. لم ينهر الطلب فحسب، بل إن شركات الطيران والفنادق وأجزاء أخرى من القطاع لم تتمكن من الاستمرار في الإنتاج ثم بيع الناتج في وقت لاحق. فالمقعد الفارغ على متن شركة للطيران يضيع إلى الأبد. لذلك كان لزاماً على الشركات أن تغلق أبوابها، أو في الأقل تقلص نشاطها إلى حد كبير. وكانت معاودة الشركات العمل بعدما اضطرت إلى صرف معظم موظفيها أصعب بكثير منها لدى الشركات المصنعة.
ثمة تفصيل إضافي. نحن، كزبائن، لدينا أيضاً توقعات مختلفة. نحن على استعداد للانتظار لستة أشهر لتسلم سيارة كهربائية جديدة. ونحن لسنا على استعداد للانتظار لست ساعات في المطار لنستقل رحلة إلى جنيف.
كان إغلاق الأبواب ثم فتحها مرة أخرى أمراً بالغ الصعوبة في سوق العمل الحالية. لأسباب لا أعتقد بأنها مفهومة بالكامل حتى الآن، قرر العديد من الناس التوقف عن العمل، وتقاعد أغلبهم في وقت مبكر. فالأرقام الأخيرة في المملكة المتحدة تظهر أن البطالة بلغت 3.8 في المئة، وهي الأدنى منذ عام 1974. ولم يسبق للمديرين أن اختبروا ذلك من قبل في حياتهم العملية -لم يكن العديد منا يعملون في سبعينيات القرن العشرين- لذلك من غير المستغرب أن يجدوا صعوبة كبيرة في إدارة أعمالهم.
ويوظف قطاع السفر والسياحة أعداداً كبيرة من الناس. فعام 2019، قبل أن تحل الجائحة، مثل 10.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وعام 2020، انخفضت عمالته في مختلف أنحاء العالم من 334 مليون شخص إلى 272 مليوناً، وهذا عدد كبير من الناس تصعب محاولة إعادة توظيفهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لذلك لطالما كان من شأن عودة القطاع إلى العمل أن تكون صعبة، لكنني أقترح أن الإدارة الرديئة كانت سبباً في تفاقم المشكلة إلى حد كبير. هذه هي القصة الثانية. هناك أصحاب عمل جيدون وأصحاب عمل سيئون في كل مجال من مجالات الحياة، لكن يبدو أن أعمال السفر تضم نسبة أكبر من الفئة الثانية.
خذوا ثلاثة أمثلة حالية هنا في المملكة المتحدة: "بي أند أو للعبارات"، ومطار مانشستر، والخطوط الجوية البريطانية. لا يوجد كثير مما يمكن إضافته إلى الملحمة المروعة لـ"بي أند أو للعبارات". بطبيعة الحال، يتعين عليها أن تبقي تكاليفها تحت السيطرة لكن هناك طرقاً سليمة للعمل – وطرقاً خاطئة. كانت إقالة العاملين على عجل والاستعاضة عنهم بعاملين في وكالات بأقل من الأجر الوطني الطريقة الخاطئة.
لا بد من أن يتصرف مسؤول في شكل سيئ جداً حتى يدعوه رئيس الوزراء إلى الاستقالة، لكن هذا هو ما فعله المدير التنفيذي للشركة. ويتعين علينا أن ننتظر ونرى ما يحدث من الناحية القانونية، لكن المسألة ليست مجرد مسألة قانونية. هي مسألة اجتماعية، ولم تفشل "بي أند أو للعبارات" في القيام بواجبها تجاه شعبها فحسب، بل أيضاً تجاه المجتمع الأوسع نطاقاً.
أما مطار مانشستر فمثير للاهتمام، لأن لديه شبه احتكار للسفر الجوي الدولي في شمال إنجلترا. كان يحتل المرتبة الثالثة في المملكة المتحدة لجهة عدد الركاب قبل انتشار الجائحة -أقل بقليل من 30 مليون راكب- والمرتبة الأولى خارج لندن. وفي الأسابيع الأخيرة، اختل وظيفياً في شكل خاص، وكانت لمديرتها الإدارية كارين سمارت الكياسة الكافية لتستقيل. لكن الشيء الذي يزعجني هو التفاوت في الأجور.
عام 2021، تلقت كارين سمارت 2.5 مليون جنيه استرليني (3.25 مليون دولار)، لكن المجموعة يبدو أنها تعلن عن وظائف في مقابل أجر يبدأ عند 13 ألف جنيه سنوياً. وهي شركة يُعتبَر مجلس مانشستر البلدي أكبر المساهمين فيها. ولا يمكن للتفاوت أن يكون مقبولاً.
أما بالنسبة إلى الخطوط الجوية البريطانية، فالعديد من مشاكلها تنبع في ما يبدو من أعطال الكمبيوترات. فقد تخلص رئيسها التنفيذي السابق، أليكس كروز، من فريقها المعني بالكمبيوترات وأسند الوظيفة خارجياً إلى "تاتا للاستشارات". و"تاتا" شركة جيدة لكن من الواضح أنها عانت مع أنظمة الكمبيوتر القديمة لدى الخطوط الجوية البريطانية، كما أوردنا في تقرير وقتذاك. وأرى أليكس كروز مرشحاً في الصحافة الهندية ليكون الرئيس التالي لـ"إير إنديا" المملوكة من "تاتا".
تتلخص فكرتي ببساطة بما يلي: مر قطاع السفر بوقت مروع، لكن الإدارة السيئة تجعل الوضع أسوأ. نحن بحاجة إلى معاملة العاملين جميعاً على نحو لائق. وهذا ما لم يفعله عدد كبير للغاية من الشركات، ونحن، عملاؤها، ندفع الآن الثمن.
© The Independent