دان مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء 11 يونيو (حزيران) أحداث العنف الأخيرة في السودان. ووجه الدعوة إلى المجلس العسكري الحاكم في الخرطوم وقادة حركة الاحتجاج للعمل من أجل ايجاد حل للأزمة.
وفي بيان صدر بالاجماع، طلب المجلس وقف العنف بشكل فوري ضد المدنيين، وشدد على أهمية الحفاظ على حقوق الانسان.
في الأثناء، بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها في العاصمة السودانية الخرطوم في اليوم الثالث لـ"العصيان المدني"، الذي دعت "قوى الحرية والتغيير" مساء الثلاثاء إلى تعليقه مؤقتاً، بعدما بدت منقسمة بشأن الاستمرار فيه بلا سقف زمني، بينما طرح المجلس العسكري الانتقالي شروطاً ورد على مطالب المعارضة بشأن العودة إلى طاولة المفاوضات لتسوية القضايا العالقة.
وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في تغريدة اليوم الثلاثاء إن بلاده لا تزال تتواصل مع المعارضة السودانية والمجلس العسكري. وأضاف قرقاش أن هدف الإمارات هو دعم استقرار السودان و"الانتقال السياسي المنظم والسلس".
تلاشي العصيان
وأعلن المجلس العسكري في بيان نُشر الثلاثاء أن "جماهير الشعب رفضت دعوات العصيان المدني، ورفضت أيضاً الدعوات الرامية إلى تعكير صفو الحياة العامة وتعطيل مصالح الناس والتعدي على حقوقهم الأساسية وحرمانهم من الخدمات". وتقدم المجلس العسكري "بالشكر والتقدير للشعب السوداني بفئاته المختلفة، والعاملين في الشركات والمؤسسات الحكومية والخاصة والقطاعات الأخرى، التي رفضت الدعوات الرامية إلى تعكير صفو الحياة العامة وتعطيل مصالح الناس، والتعدي على حقوقهم الأساسية وحرمانهم من الخدمات".
وفي جولة لمراسل "اندبندنت عربية"، فإن حركة السير في الطرق باتت شبه طبيعية، مع فتح عدد كبير من المحال التجارية والأسواق الرئيسية أبوابها في الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، لكن متاجر وشركات خاصة ظلت مغلقة.
وذكرت إدارة مطار الخرطوم الدولي إن المطار يشهد حركةً طبيعية، فيما أكدت الإدارة، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء السودانية الرسمية، انسياب الحركة الجوية على مدار يوم الثلاثاء من هبوط وإقلاع لطائرات الشركات الوطنية والأجنبية.
وقال مسؤولون في المصارف أن غالبية المصارف السودانية تعمل بصورة طبيعية وأن من بين 35 مصرفاً عاملاً في البلاد، توقف مصرفان عن العمل بسبب غياب موظفيهما.
احتواء الخلاف
في المقابل، وقبل إعلان "قوى الحرية والتغيير" تعليق العصيان مؤقتاً، اعتبر "تجمع المهنيين السودانيين" أن "العصيان المدني الشامل والإضراب السياسي العام مستمران بنجاح لليوم الثالث". أما وجدي صالح، القيادي في "قوى الحرية والتغيير"، فقال إن "المعارضة قررت تعليق العصيان اعتباراً من الأربعاء وجدولته على مراحل مراعاة لظروف المواطنين".
وأعلن محمد وداعة، المتحدث باسم "حزب البعث السوداني" الفاعل في "قوى الحرية والتغيير" أن "المعارضة قررت رفع العصيان لمنح المجلس العسكري فرصةً للتراجع عن مواقفه بشأن التعامل مع قوى الحرية والتغيير مع الاحتفاظ بورقة العصيان لاستخدامها في الوقت المناسب".
وعلمت "اندبندنت عربية" أن المعارضة عقدت اجتماعاً ظهر الثلاثاء لاحتواء الخلاف بين فصائلها بشأن العصيان. وقال فيصل محمد صالح، الناشط في "قوى الحرية والتغيير" إن المعارضة قررت تعليق العصيان استجابةً لطلب من الوسيط الإثيوبي محمود درير لتهيئة المناخ بغية إنجاح الوساطة، لكنهم فوجئوا ببيان من "تجمع المهنيين" يدعو إلى استمرار العصيان.
شروط العسكر
ونشط الوسيط الإثيوبي لوقف الحملات السياسية والإعلامية المتبادلة بين المعارضة والعسكر، وأجرى مشاورات مع الطرفين، وحصل على موافقة "قوى الحرية والتغيير" لتهيئة مناخ إيجابي ووقف أي تصعيد. كما تلقى وعداً من المجلس العسكري بالإفراج عن معتقلين سياسيين من المعارضة. وقال الفريق ركن شمس الدين الكباشي، رئيس اللجنة السياسية في المجلس العسكري والمتحدث باسمه، إنهم اشترطوا على الوساطة الأفريقية إقناع المعارضة بوقف التصعيد الإعلامي ورفع حالة العصيان والتوقف عن وضع المتاريس، بُغية العودة إلى التفاوض. وأشار إلى أن الوساطة الإثيوبية لم تطرح مبادرة محددة بعد، وما زالت تستمع الى الأطراف.
وكشف الكباشي عن أن الوسيط الإثيوبي نقل إليهم شروطاً من المعارضة تشمل إطلاق معتقلين سياسيين، وإزالة المظاهر العسكرية في الخرطوم، موضحاً أنهم أبلغوا الوسيط بالإفراج عن مجموعة من المعتقلين وإطلاق آخرين تباعاً. واعتبر أن المظاهر العسكرية أمر لا يخص "قوى الحرية والتغيير" ولا أي جهة غير الجهات الأمنية و"نحن لا نقبل الحديث مطلقاً حول هذا الأمر وحتى إذا اتفقنا وشكّلنا حكومة واحدة، ليس من حق المعارضة الحديث عن الجوانب الأمنية مطلقاً".
لا عودة للإنترنت
وعن مطلب المعارضة إعادة خدمة الإنترنت، قال كباشي "كان ردنا عليه أننا أعدنا خدمة الإنترنت الخاصة بالخدمات، ولكن الجزء الخاص باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي مرتبط بالأمن ونحن لا نقبل الحديث عنه ولدينا تقديرات، ونحن الجهة الوحيدة التي تتحدث في الأمن. وأعتقد أن استخدام الإنترنت بهذه الطريقة يتحول إلى تهديد للأمن وبالتالي قد لا يعود قريباً".
ورأى الكباشي أن استنئاف المفاوضات والدعوة إليها أمر يخص الوسيط الإثيوبي، و"نحن في انتظار الرد على شروطنا"، مؤكداً أن المفاوضات في حال معاودتها لن تكون مع "قوى الحرية والتغيير" وحدها لأن هناك كتلاً سياسية أخرى مؤثرة التقاها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد. وأضاف "سننتظر طرح الوساطة لنرى شركاء العملية السياسية من وجهة نظر الوسطاء".
في المقابل، كشف إسماعيل التاج الناطق باسم "تجمع المهنيين السودانيين" عن إحراز تقدم في المحادثات برعاية الوسيط الإثيوبي، للتوصل إلى حل سياسي للأزمة بين "المجلس العسكري" و"التجمّع" و"قوى الحرية والتغيير"، مضيفاً أن الاجتماعات المنفردة بين تجمع المهنيين وحلفائه في قوى الحرية والتغيير مع الوسيط الإثيوبي، تسير بصورة جيدة ويُتوقع الإعلان عن النتائج خلال الساعات المقبلة.
وأوضح أن "الاجتماعات تتم بصورة منفردة، وليس هناك أي اتصال مباشرة أو اجتماع مع المجلس العسكري الانتقالي منذ أحداث فضّ الاعتصام الأسبوع الماضي".