أوقفت إيران، الثلاثاء الماضي، 12 أبريل (نيسان)، كل خدماتها القنصلية في جميع أنحاء أفغانستان، واتخذت تلك الخطوة بعد هجوم محتجين على القنصلية الإيرانية في هراة (غرب أفغانستان)، والتي جاءت كأحد توابع زلزال حادثة مدينة مشهد.
الثلاثاء الماضي، هاجم مسلح يحمل سكيناً ثلاثة ملالي (رجال دين شيعة) في مرقد الإمام الرضا، ما أسفر عن مقتل اثنين وإصابة آخر. ومنفذ الهجوم هو عبد اللطيف مرادي، مواطن أفغاني عاش في إيران لمدة عام ولديه آراء معادية للشيعة.
في خضم هذا الحادث، ازدادت التقارير عن تزايد اضطهاد الأفغان الذين يعيشون في إيران. وخلال الأسبوع الماضي جرى تداول عدد كبير من مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي بين الأفغان والإيرانيين، وجميعها عن تعذيب ومضايقات واحتجاز رهائن وإذلال للاجئين الأفغان.
المضايقات في ازدياد
وعلى الرغم من أن صحة بعض مقاطع الفيديو غير معروفة، ولم يتم تأكيدها من قبل أي مصدر موثوق، يعترف المواطنون الأفغان الذين يعيشون في إيران بأن موجة المضايقات للمهاجرين الأفغان في بعض المدن، لا سيما الحدودية، قد تزايدت أخيراً.
يقول ولي الله، الذي يعمل بمحل بقالة في وسط طهران منذ عام، لـ"اندبندنت فارسي"، بدأ الناس يضايقون اللاجئين الأفغان بشكل متزايد منذ الأسبوع الماضي، هذا بخلاف اعتقالهم وترحيلهم قسراً. وقال ولي الله: "يقع مكان عملي على بعد أربعة كيلو مترات من منزلي". وتابع: "كنت أسير في هذا الطريق قبل أسبوع، لكن مع تزايد اضطهاد المهاجرين لم أستطع السير، أتقاضى شهرياً نحو 4.5 مليون تومان (نحو 106 دولارات)، وأدفع جزءاً من هذا الراتب لسيارة أجرة لتجنب المضايقات".
ويضيف ولي الله، أن "اضطهاد الأفغان ازداد في مناطق متفرقة من المدن الإيرانية، حيث يتعرض المهاجرون للإهانة والإذلال حتى في طابور الخبز والمطاعم ومحلات البقالة والطرق. وقد ازدادت سوء معاملة اللاجئين الأفغان منذ حادثة مشهد".
وأضاف أن عديداً من المواطنين الأفغان الذين بقوا في إيران وقبلوا تلك الظروف الصعبة ليس لديهم خيار العودة إلى أفغانستان بسبب هيمنة "طالبان". وتابع: "الحمد لله، ما زلت على قيد الحياة، أنا أقبل تلك الظروف، وآمل فقط ألا يرحلونني".
غضب داخل أفغانستان
أدى الانتشار الواسع لمقاطع الفيديو والصور المتعلقة باضطهاد الأفغان في إيران إلى خلق حالة من الغضب والكراهية داخل أفغانستان، حيث انتشرت مقاطع فيديو لعدد من قادة "طالبان" يتوعدون فيها بالانتقام من المواطنين الإيرانيين.
وأظهر مقطع فيديو أحد قادة "طالبان"، وهو يحمل السلاح، ويقول، "حيثما نصادف مواطنين إيرانيين سنقتلهم". أضاف أنه مستعد للتوجه إلى حدود إيران ومحاربة حكومتها، بينما أكد قائد آخر أن أعضاء الحركة على استعداد لتنفيذ عمليات انتحارية داخل طهران.
وعقب تهديدات قادة "طالبان" وبث مقاطع فيديو عن اضطهاد اللاجئين الأفغان في إيران، احتج عدد من المواطنين الأفغان أمام السفارة والقنصلية الإيرانية في كابول وهرات يوم الاثنين الماضي.
وفي أفغانستان، التي تسيطر عليها حركة "طالبان"، حيث لا يحق لأحد التحدث عن أبسط حقوقه، حضر التظاهرة أعضاء من "طالبان" وهاجم محتجون القنصلية الإيرانية في هرات بالحجارة والعصي، وأضرمت النيران في مدخل القنصلية وهتف المتظاهرون "الموت لإيران". ومع ذلك يقول بعض المهاجرين الأفغان، إن الأوضاع لا تنعكس على الفضاء الإلكتروني.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
رواية مختلفة
سيد مشتاق موحد، صحافي وناشط اجتماعي أفغاني انتقل إلى إيران بعد سيطرة "طالبان" على أفغانستان ويعيش في طهران، لديه رواية مختلفة للوضع. ويقول إن معظم مقاطع الفيديو الخاصة باضطهاد المهاجرين في الأيام الأخيرة، إما جرى التقاطها في السنوات الأخيرة، أو تسجيلها في البلدات الحدودية.
وبحسب مشتاق، فإن الوضع داخل إيران ليس بالسوء الذي ينعكس على الفضاء الإلكتروني. ويقول إن عديداً من المواطنين الإيرانيين يدعمون اللاجئين الأفغان، ويعاملونهم معاملة حسنة. وأضاف أنه يجب متابعة الأحداث المؤسفة التي تعرض لها المهاجرون على الحدود، مطالباً الأمم المتحدة بمساءلة إيران بشكل واضح حول الأموال التي تتلقاها لاستقبال اللاجئين الأفغان.
وبحسب المسؤولين في إيران، فإن نحو 5 ملايين مهاجر أفغاني يعيشيون في إيران. وقدر الرقم بما يتراوح بين 2.5 و3 ملايين قبل سيطرة "طالبان" على الحكم. وعلى الرغم من كل التحديات يواصل الأفغان الفرار من البلاد والبحث عن ملجأ في البلدان المجاورة، بما في ذلك إيران. وخلال الأربعين عاماً الماضية كان السفر غير القانوني إلى إيران أحد سبل الهروب من أفغانستان، ومع انتشار الفقر واستمرار حكم "طالبان" العنيف، يواصل الأفغان الهروب غير القانوني إلى الأراضي الإيرانية.
عن "اندبندنت فارسي"