فتحت السلطات القضائية التونسية في محافظة قابس (جنوب شرقي) تحقيقاً، للكشف عن الملابسات وتحديد المسؤوليات بخصوص غرق سفينة المحروقات "كسيلو" التي تحمل على متنها 750 طناً من الوقود، ومعرفة أسباب جنوحها، وغرقها في سواحل قابس.
وأكدت وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي في ندوة صحافية مشتركة مع وزير النقل اليوم الأحد 17 أبريل (نيسان) 2022 في ميناء قابس، أن "الأولوية المطلقة حالياً هي للجانب البيئي"، مضيفة أن "تونس ستطالب بالتعويض في صورة تسجيل خسائر، وبخصوص عمليات التدخل".
من جهته، قال وزير النقل ربيع المجيدي إن ''التحقيق جارٍ في الحادثة من طرف الجهات القضائية والسلطات البحرية"، مشيراً إلى أن "عملية شفط كميات الغازوال من السفينة ممكنة، ونحن بصدد صياغة الشروط الفنية والتقنية الملائمة من أجل شفط الشحنة بطريقة سريعة وتحترم كل إجراءات السلامة ''.
جيش البحر يشرف على العملية
في الأثناء، أعلنت وزارة الدفاع الوطني في بلاغ أن "جيش البحر يشرف على عمليات التدخل في الحادثة بالمياه الإقليمية قبالة سواحل مدينة قابس".
وأكدت الوزارة أنه تم "تسخير كل الوسائل الوطنية المتاحة وبالتنسيق والتشاور مع الجهات المتدخلة واللجان الجهوية لمجابهة الكوارث، وبالتعاون مع الدول الصديقة، التي عبّرت عن رغبتها بتقديم المساعدة لتونس، في كل ما يتصل بالتدخل العاجل والسليم في المجال، واتخاذ كل التدابير اللازمة لتطويق مكان السفينة، والحيلولة دون تسرب الوقود إلى البحر، تجنّباً لكارثة بيئية بحرية".
وأكدت وسائل إعلام محلية أنه تم إعطاء الإذن لبارجة إيطالية متخصصة في النجدة والكوارث البحرية، للتحرك نحو خليج قابس، لمعاضدة الجهود التونسية لتفادي كارثة بحرية في منطقة بحرية حساسة بالنسبة إلى التوازن البيولوجي، وذلك إثر تنسيق ديبلوماسي وتقني بين السلطات التونسية والإيطالية.
وكانت السفينة التي ترفع راية غينيا الاستوائية، والمحملة بحوالى 750 طناً من الوقود والآتية من ميناء دمياط المصري والمتجهة إلى مالطا، تعرّضت لصعوبات حالت دون مواصلة مسارها، نظراً إلى سوء الأحوال الجوية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الوضع مطمئن والخبراء يحذرون
وبينما أكدت محافظة قابس في بيان لها أن "الوضع مطمئن، وتحت السيطرة، ولم يقع تسجيل تسرّب لمادة الغازوال (الديزل) من خزان السفينة الغارقة في البحر"، يقرّ الخبير الدولي في البيئة والتنمية المستدامة الأستاذ عادل الهنتاتي، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، "بالمخاطر البيئية التي تتهدد السواحل التونسية، في حال تسرّبت كميات من الوقود من السفينة المنكوبة".
ويضيف أن "موقع غرق السفينة التجارية، يشكّل مجرى هوائياً قويّاً، ما سيعقّد عمليات التدخل والغوص لمعرفة وضعية السفينة"، مؤكداً أن "المنطقة تعتبر فضاء حيوياً بالنسبة إلى الأحياء البحرية، حيث تعشش الأسماك وتتكاثر، علاوة على أنها منطقة سياحية مهمة، محذراً من "تسرّب كميات الغازوال التي قد تنقلها الرياح إلى مناطق أخرى بخاصة في اتجاه الشواطئ التونسية، نظراً إلى وجود تيارات مائية قوية".
تونس قادرة على تطويق الحادثة
ويردف الهنتاتي أن "السفينة المنكوبة يتجاوز عمرها 45 سنة، ما يجعلها متهالكة وقابلة للتحطّم في قاع البحر، بسبب الضغط تحت الماء، بالتالي حصول تسرب كبير للغازوال من خزاناتها"، داعياً إلى "التسريع في تشخيص الوضع، والبدء بعمليات الشفط قبل حصول الكارثة لا قدّر الله"، ومعتبراً أن التسرّب سيحدث لا محالة، لأن السفينة غرقت إلى حدود أربعين متراً، ما يجعل خزاناتها قابلة للتحطم في أي لحظة".
ويقول إن "تونس تعاطت في السابق مع حوادث مشابهة"، لافتاً إلى "وجود الإمكانات اللوجستية لدى جيش البحر والحماية المدنية"، ومعتبراً أن "إمكانية تطويق الحادثة واردة، والعمل سيكون على التقليص من المخاطر البيئية من خلال عمليات شفط الغازوال والزيوت من الباخرة، بتقنيات حديثة وبمضخات وعبر الحواجز العائمة، للتقليل من المخاطر في منطقة بحرية حيوية تمثل مورد رزق مئات العائلات في تلك المنطقة".
ويضيف الهنتاني أن "عملية شفط الزيوت والقازوال من السفينة المنكوبة، قد تتطلب أسبوعاً أو أسبوعين"، مشدّداً على "ضرورة تمسك تونس بكامل حقوقها في هذه العملية التي وصفها بالإجرامية، وتحيط بها شبهات عدة"، ومعرباً عن أمله في أن "يعمل القضاء على ضمان حقوق الدولة التونسية".