يجوب الصغار في المنطقة الشرقية من السعودية ودول الخليج العربي بدءاً من ليلة 15 من شهر رمضان الشوارع في بلداتهم ويقفون على أبواب البيوت، ويرددون أهزوجة "قرقيعان قرقيعان... عطونا الله يعطيكم، وبيت مكة يوديكم".
العادة الفلكلورية المسماة "القرقيعان" أو "القرقعان" في بعض اللهجات، عرفها سكان الساحل الشرقي للسعودية ودول الخليج العربي منذ عقود من الزمن، وهذا الموروث الشعبي ظلت تتناقله الأجيال على رغم التطور التقني، فيتزين لها الصغار بلباس شعبي مزركش، والبنات بلباسهن الملون المعروف.
ثقافة أصيلة
وأكد المؤرخ علي الدرورة، رئيس منتدى النورس الثقافي الدولي الناشط في مجال الثقافة، أن الموروث الشعبي "القرقيعان" ليس دخيلاً على المجتمع الخليجي بل هو من عمق التراث وغير موجود خارج دول الخليج، ويرمز إلى "التواصل الاجتماعي والتقارب بين الجيران والأحياء الأخرى ونشر المحبة داخل المجتمع وإشاعة الفرح والبهجة في نفوس الأطفال، وبث قيم الكرم في نفوس الأطفال وتكاتف الأطفال في الاحتفال الجماعي وترك الأبواب مفتوحة لدخول الأطفال والنساء، فتدخل البركة معهم لكل البيوت، وغير ذلك من الأمور التي يحث عليها الإسلام من المبادئ ونشر المحبة والتسامح داخل المجتمعات".
وتحدّث الدرورة عن الاحتفال بمناسبة القرقيعان قديماً قائلاً "في تلك الفترة الزمنية لم يكن لدينا أكياس كالتي يستعملها أبناء اليوم أو الجيل المعاصر في جمع العطايا، وكنا نستعمل كيس الطحين الذي نحصل عليه من الخبّاز الشعبي صاحب التنور، نأخذه منه مجاناً وتغسله الأمهات جيداً ثم يقسم إلى نصفين ثم تتم خياطته ليكون خريطتين، وبهذا يكون جاهزاً قبل أيام من مناسبة القرقيعان".
10 أسماء
وأضاف يحتفل أبناء الخليج بمناسبة القرقيعان والتي تعد من المناسبات التراثية السنوية، وتوجد له عشرة أسماء وهي "القرقيعان، القرنقشوه، القرقاعون، الناصفة، حل وعاد، الكريكشون، حق الليلة، ليلة المولد، ليلة الطلبة، ليلة النافلة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعن الحلويات التي كانت تقدم في الماضي قال الدرورة "أغلب الحلويات التي كانت تقدم للأطفال اختفت الآن، منها النقل (النقال)، البرميت، النخي، القناطي، حلاوة أبو الدهن، حلاوة أبو العسل، حلاوة بهلوان، حلاوة أبو الرهش، البيدان (البيدام)، حب شمسي، حب يح (بطيخ أحمر)، سلوق، بيض الصعو ويسمّى أيضاً بيض الحمام"، مضيفاً "اختلف الوضع الآن لما تقدمه البيوت للضيوف الصغار وهم يجوبون الأحياء والحلويات التي تقدم لهم تصنع في دول عديدة، وهي مغلفة في علب زاهية يتفاخر بها الصغار حين الحصول عليها، وهناك الكثير من البيوت يغلّفون عدة أنواع من الحلويات والبسكويت والشوكولا والعصائر، ويشعر الأطفال بسعادة غامرة تعتبر في نظرهم هدايا ثمينة".
غياب الأهازيج
وعن الأهازيج قال علي الدرورة إن الجميل في الأمر أنّ "أغلب الأطفال يلبسون ملابس فلكلورية بحيث تجدهم في اندماج مع المناسبة. كانوا يستعدون لها كما كان أطفال الماضي، ولكن للأسف الشديد الأطفال الآن لا يهزجون بأغانيهم القديمة، بل تراهم يمشون جماعات ووحداناً والصمت مطبق عليهم"، متسائلاً: "هل فقد الجيل الحالي هذه الأغاني وذهبت في طي النسيان؟"
وعلق على ذلك قائلاً "يبدو لي جلياً أن الزمان تغير تماماً، وأن الجيل المعاصر من الأطفال يعرفون عادة القرقاعون، ولكنهم لا يعرفون الأهازيج الشعبية التي تركها لنا الأجداد".
وأصبح "القرقعان" تجارة رابحة للمحلات التجارية، حيث تستعد لتوفير كميات كبيرة من الحلويات والمكسرات، لأن إقبال الزبائن في هذا اليوم كبير جداً، إضافة إلى الحقائب التي يضعون فيها الحلوى بصور تراثية جميلة، وبعض الثياب الفلكلورية وأدوات الزينة.