من المتوقع أن يشهد القطاع المصرفي في الكويت تحسناً هذا العام 2022، خصوصاً مع تحسن مناخ عمل البنوك نتيجة ارتفاع أسعار النفط واستمرار التعافي من أزمة وباء كورونا. لكن مع ذلك تظل هناك بعض القيود على تلك النظرة المستقبلية، كما يشير تقرير لمؤسسة التصنيف الائتماني "ستاندرد أند بورز" هذا الأسبوع.
ومن بين تلك العوامل التي ذكرها التقرير عدم وضوح الرؤية بالنسبة إلى استراتيجية التمويل الحكومية، كما أن توفر السيولة المتمثل في صندوق الاحتياط العام تراجع بقدر كبير، وذلك ربما يفسر التقارير حول تأخير المدفوعات المستحقة للكيانات العامة والموردين بداية هذا العام، كما كان الوضع قبل تبعات أزمة وباء كورونا.
ومن المؤشرات على توقع أداء أفضل هذا العام استفادة البنوك الكويتية من وضعها الجيد قبل أزمة وباء كورونا، فقد كانت نسبة الديون الرديئة (غير المتوقع تحصيلها) ضئيلة. كما أن الوضع المالي الجيد قبل الأزمة مكن البنوك من شطب تلك الديون من دون أضرار كبيرة على عائداتها وجودة أصولها.
تقديرات التصنيف
ومع تحسن المناخ الاقتصادي بشكل عام في الكويت وارتفاع أسعار النفط وقدرة الحكومة على ضبط دفاترها المالية، تتوقع "ستاندرد أند بورز" أن تستقر نسبة الديون الرديئة وكلفة الأخطار عند مستويات مقبولة، كما يتوقع تقرير المؤسسة أن يدعم ارتفاع سعر الفائدة في الكويت ربحية القطاع المصرفي. لكن مع انكشاف القطاع المصرفي الكويتي على القطاع العقاري الذي يمثل نسبة 30 في المئة من القروض المصرفية تظل هناك بعض الأخطار.
ولا يتضمن التقرير الذي أصدرته "ستاندرد أند بورز" أي تصنيف ائتماني للبنوك الكويتية، وإن أشار إلى أن هناك عدداً قليلاً منها محل مراجعة دقيقة من المؤسسة.
ويظل التصنيف الائتماني للقطاع المصرفي الكويتي كما هو عند (A+/Negative/A-1). ويظل تقييم الأخطار للبنوك الكويتية في المستوى الرابع (على معاير من 10 رجات، إذ 10 أعلى معدل أخطار). أي أن مستوى الأخطار للقطاع المصرفي الكويتي هذا العام تظل أقل من النصف.
لكن التقرير يكشف إلى حد ما عن العوامل التي اخذتها "ستاندرد أند بورز" في الاعتبار استعداداً لجولة التقييم المقبلة للقطاع المصرفي الكويتي. وتظل نقطة الإطلاق الأساس لتصنيف البنوك الكويتية لدى المؤسسة هي bbb، بحسب التقرير.
ويشير التقرير إلى أن احتمالات التصنيف الائتماني للبنوك الكويتية ستعكس التصنيف الائتماني السيادي للكويت. وترتبط تلك النظرة بمدى استعداد الحكومة الكويتية وقدرتها على التدخل وتقديم الدعم المالي للقطاع حين الحاجة. فعلى الرغم من تحسن حساب ميزان المدفوعات للحكومة الكويتية، نتيجة ارتفاع أسعار النفط، إلا أن استراتيجية التمويل في المدى المتوسط تبدو غير واضحة. فمع تراجع صندوق الاحتياطي العام ما زال قانون اقتراض الحكومة لم يوافق عليه البرلمان، وكذلك ما زالت الحكومة لم تحصل على الموافقة بإمكان اللجوء لصندوق الأجيال القادمة والاقتراض منه.
وترى "ستاندرد أند بورز" أن عودة التوتر بين الحكومة ومجلس الأمة (البرلمان) لن يجعل تلك القوانين ممكنة في المستقبل القريب، ما يغل يد الحكومة في توفير سبل التمويل. ومن شأن غياب أي ترتيبات بديلة للتمويل لدى الحكومة أن يؤثر سلباً على التصنيف الائتماني السيادي للكويت بشكل عام. مع ذلك، وعلى الرغم من الجدل المستمر بين الحكومة والبرلمان، وتأخر المدفوعات الحكومية للشركات والموردين، فإن المؤسسة تفترض أن الحكومة الكويتية ستتمكن من تجاوز القيود المؤسساتية، وتضمن الوصول إلى صندوق الأجيال القادمة إذا لم تتوفر لها خيارات أخرى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تأثير القطاع العقاري
يشير التقرير أيضاً إلى أن الأخطار من انكشاف القطاع المصرفي الكويتي على القطاع العقاري ربما لا تكون كبيرة أو يمكن "إدارتها" بشكل أو بآخر. ويظل القطاع العقاري السكني في وضع جيد مع زيادة حجم الأصول وأسعار البيوت. وبالتالي ليست هناك أخطار كبيرة على البنوك، خصوصاً أن القروض العقارية في الأغلب مدعومة بأقساط من رواتب المواطنين الكويتيين. كما أن قطاع العقار الاستثماري، أي الشقق التي تؤجر للوافدين، بدأ يتعافى ببطء من موجة التصحيح التي شهدها العام بسبب مغادرة الوافدين في ظل أزمة وباء كورونا.
وتتوقع "ستاندرد أند بورز" أن يستمر تعافي القطاع العقاري في الكويت على مدى 12 إلى 24 شهراً المقبلة، وفي حال الموافقة على قانون قروض الرهن العقاري يمكن أن يشهد الطلب على الشقق السكنية زيادة معقولة، بخاصة مع استمرار ارتفاع أسعار الفلل.
أما ما تراه المؤسسة في تقريرها مصدر أخطار أكبر للبنوك فهو القطاع العقاري التجاري، أي المكاتب والمحال التجارية ومراكز التسوق، الذي يظل تحت ضغط تراجع الطلب مع التحول للتجارة الإلكترونية، وعدم الحاجة إلى مساحات المكاتب في ظل العمل من بعد.
ويقدر التقرير أن هذا القطاع قد يمثل النسبة الأكبر من القروض الرديئة للقطاع المصرفي الكويتي، لكن في الإجمال تتوقع مؤسسة التصنيف الائتماني أن تتراجع نسبة الديون الرديئة في العام أو العامين المقبلين ولو بشكل طفيف، وكذلك تراجع كلفة الأخطار للقطاع المصرفي الكويتي في تلك الفترة. ويخلص التقرير إلى أنه مع استمرار النظرة السلبية، إلا أن تحسن المناخ الاقتصادي العام قد يعدل من الوضع في دورة التصنيف المقبلة.