يبدو أن البنوك الكويتية ستكون أولى ضحايا أزمة فيروس كورونا، إذ جاءت الأزمة هذه السنة لتزيد الأعباء عليها، وهي بالأساس تعاني تحديات، بسبب تراجع أرباحها التشغيلية، نتيجة انخفاض أسعار النفط والبيئة التشغيلية الصعبة.
ومنذ بداية الأزمة في مارس (آذار)، اتخذت البنوك قراراً بتأجيل أقساط القروض ستة أشهر، لكنها الآن بدأت تعاني تبعات هذا القرار، إذ أعلنت تقديراتها للأثر الإجمالي لخسائرها إلى 1.2 مليار دولار.
وفي تفاصيل قرار تأجيل القروض، اتخذت البنوك الكويتية هذا الإجراء بناءً على قرار حكومي، إذ قضى القرار في مطلع مارس الماضي بتأجيل أقساط قروض العملاء والشركات الصغيرة والمتوسطة ستة أشهر تنتهي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، مع تحمُّل البنوك التكلفة المالية المترتبة على ذلك، نظراً إلى التداعيات الاقتصادية التي نجمت عن انتشار فيروس كورونا.
وتمثل الخسائر التي أعلنتها البنوك نحو 36 في المئة من إجمالي الأرباح السنوية التي حققتها عن العام 2019، بينما تمثل نحو 3.6 في المئة من إجمالي حقوق المساهمين بنهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وحسب تعليمات بنك الكويت المركزي سوف تخصم البنوك تلك الخسائر من الأرباح المحتجزة بحقوق المساهمين، من دون أن تؤثر في حساب الأرباح والخسائر للعام الحالي. كما يمكن احتساب أثر تلك الخسائر في القاعدة الرأسمالية موزعاً على أربع سنوات ممتدة خلال الفترة 2021 - 2024.
خسائر تشغيلية
وكانت البنوك تعاني تراجع الإيرادات التشغيلية خلال عام 2020، التي تأثرت بشدة بقرار بنك الكويت المركزي خفض سعر الخصم مرتين في النصف الأول من مارس الماضي، بإجمالي 125 نقطة أساس، ليصل سعر الخصم إلى 1.5 في المئة.
وكان المدير المالي لبنك الكويت الوطني، أكبر البنوك الكويتية، قد أكد في مؤتمر للمحللين، أن كل ارتفاع في سعر الخصم بمقدار 0.25 في المائة يزيد من إيرادات فوائد البنك بنحو 30 مليون دولار، بالتالي يكون الأثر سلبياً على إيرادات الفوائد والأرباح التشغيلية إذا جرى خفض سعر الخصم بالنسبة نفسها.
مخصصات إضافية
وكان بنك الكويت المركزي قد شدد على ضرورة مراكمة المخصصات بعد الأزمة المالية في العام 2008، التي سقطت على إثرها غالبية البنوك في خسائر أو تراجع أرباح وشطب ديون.
وظلت البنوك تعاني سنوات من أثر الأزمة، بعد أن تبين أن غالبية قروضها ذهبت إلى شركات الاستثمار والعقار التجاري ولمضاربات الأسهم التي شهدت انهياراً كبيراً في الأزمة. لكن البنوك حجزت مخصصات وصلت قيمتها إلى نحو 25 مليار دولار، جرت مراكمتها منذ الأزمة المالية في 2008 حتى العام 2019.
وبدأ البنك المركزي خفض المخصصات في العام الماضي، بعد أن بدا أن تداعيات الأزمة انتهت، ولم يعد من المهم حجز مزيدٍ من المخصصات، لتأتي أزمة الفيروس هذه السنة، وتقضي على الأرباح.
مصدّات قوية
ورغم تلك الأمواج التي تضرب سفينة القطاع المصرفي الكويتي، تبقى هناك بعض المؤشرات المالية التي قد تسعف البنوك في تجاوز أزمة فيروس كورونا. فالوضع الحالي للقطاع المالي مختلف تماماً عن فترة الأزمة المالية وما بعدها، فالقروض المتعثرة في عام 2009 على سبيل المثال كانت تعادل ستة أضعاف مستوياتها الحالية البالغة 1.8 في المئة من إجمالي القروض المصرفية. ويعتبر هذا المعدل من أفضل المعدلات بين البنوك الخليجية حسب شركة "كي بي إم جي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان هامش صافي الربحية الذي يقيس نسبة صافي الربح إلى إيرادات الفوائد يتراوح عند نسبة 17.1 في المئة في الأزمة المالية العالمية في 2009، بينما وصل إلى 37 المئة في نهاية العام الماضي.
وتعتبر مستويات الرسملة لدى البنوك الكويتية قوية، إذ تصل معدلات كفاية رأس المال إلى 18 في المئة في المتوسط، وهي أعلى من متطلبات بازل 3.
وحسب تقرير لوكالة موديز للتصنيف الائتماني في أبريل (نيسان) الماضي، فإن البنوك الكويتية لديها من المرونة ما يجعلها قادرة على تخطي تداعيات أزمة كورونا بفضل إعادة هيكلة مزيج أصولها على مدار الأعوام الماضية، ليزيد الاعتماد على إيرادات الفوائد والرسوم على حساب عوائد الاستثمار.
كما تتمتع البنوك الكويتية بمستويات سيولة مرتفعة وقاعدة عملاء واسعة ومتنوعة، إذ تمثل الودائع 70 في المئة من إجمالي المطلوبات، إضافة إلى استعداد الحكومة للتدخل، ودعم البنوك المتعثرة، كما حدث في الأزمة المالية في عام 2008.