قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الاثنين، إن "بإمكان أوكرانيا كسب الحرب مع روسيا إذا حصلت على المعدات المناسبة"، في أعقاب زيارة إلى كييف برفقة وزير الخارجية أنتوني بلينكن، فيما واصل الجيش الروسي ضرباته، مستهدفاً خصوصاً منشآت للسكك الحديد في وسط البلاد الغربي.
وصرّح أوستن لمجموعة من الصحافيين بعدما التقى وبلينكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "الخطوة الأولى للانتصار هي الثقة بإمكانية الفوز". وأضاف "نرى أن بإمكانهم الفوز، يمكنهم الانتصار إذا كانت لديهم المعدات المناسبة".
إنهاك الجيش الروسي
وأردف أن "الولايات المتحدة تأمل في إنهاك الجيش الروسي في أوكرانيا، لمنعه من القيام بعمليات عسكرية أخرى في المستقبل". وتابع "نريد أن نرى روسيا ضعيفة إلى حد لا تستطيع معه القيام بالأشياء التي قامت بها مثل حرب أوكرانيا". وأضاف "لقد خسرت كثيراً من القدرات العسكرية وكثيراً من الجنود ولا نريد أن تتمكن سريعاً من إعادة تكوين قدراتها".
وجاءت الزيارة بالتزامن مع دخول الحرب شهرها الثالث وبعد سقوط آلاف القتلى ونزوح ملايين الأشخاص. وترافق النزاع مع حملة دعم من دول الغرب التي أرسلت كميات كبيرة من الأسلحة إلى أوكرانيا.
وزراء الدفاع الأربعون في ألمانيا
يطالب زيلينسكي دول الغرب منذ أشهر بأسلحة ثقيلة بينها مدفعية وطائرات مقاتلة. ويؤكد أن قواته يمكنها أن تقلب مسار الحرب مع مزيد من الأسلحة.
ويبدو أن نداءاته تلقى صدى، فقد تعهد عدد من دول حلف شمال الأطلسي في الأيام القليلة الماضية إمداد أوكرانيا بأسلحة ثقيلة ومعدات، على الرغم من احتجاج موسكو.
وتتقدم الولايات المتحدة الدول المانحة للمساعدات المالية والعسكرية لهذا البلد، وهي من أهم الداعين لفرض مزيد من العقوبات على موسكو.
وسيكون تزويد أوكرانيا أسلحة في صلب اجتماع يعقد الثلاثاء في ألمانيا بين وزير الدفاع الأميركي ونظرائه في أربعين دولة حليفة.
وقال أوستن "سنبذل قصارى جهدنا بكل ما نستطيع وبأسرع ما يمكن ليحصلوا (الأوكرانيون) عليها، لإعطائهم ما يحتاجون إليه".
وشكر زيلينسكي الاثنين الأميركيين والرئيس جو بايدن "شخصياً" على دعمهم. وشدد على أن المساعدة العسكرية الأميركية "غير المسبوقة" والبالغة 3.4 مليار دولار "هي المساهمة الأكبر في تعزيز قدرات الدفاع الأوكرانية".
وأكد بايدن الاثنين أيضاً، قرب تعيين سفيرة جديدة للولايات المتحدة في كييف هي بريدجت برينك، السفيرة الحالية في سلوفاكيا، علماً أن بلاده ممثلة في أوكرانيا بقائم بالأعمال منذ 2019.
تحذير روسي
وحذرت روسيا الولايات المتحدة من إرسال مزيد من الأسلحة لأوكرانيا. وقال أناتولي أنطونوف، سفير موسكو في واشنطن للتلفزيون الرسمي الروسي، "شددنا على عدم قبول هذا الوضع الذي تُغرق فيه الولايات المتحدة أوكرانيا بالأسلحة وطالبنا بإنهاء ذلك".
وأضاف أنطونوف أن "موسكو بعثت بمذكرة دبلوماسية إلى واشنطن تعبّر عن دواعي قلق روسيا". وأشار إلى أن "من شأن مثل هذه الإمدادات من الأسلحة من الولايات المتحدة أن تفاقم الوضع وتزيد المخاطر التي ينطوي عليها الصراع".
واجتمع وزيرا الخارجية والدفاع الأميركيان مع الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي في كييف، في وقت متقدم أمس الأحد، وتعهدا بمساعدات جديدة قيمتها 713 مليون دولار لحكومة زيلينسكي ودول أخرى في المنطقة تخشى من وقوع عدوان روسي عليها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، أعلن بايدن عن مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا قيمتها 800 مليون دولار ووسع نطاق الأسلحة التي تتلقّاها كييف لتشمل المدفعية الثقيلة.
وقُتل الآلاف وتشرد الملايين في أوكرانيا منذ دخول القوات الروسية إليها في 24 فبراير (شباط)، في ما تسمّيه موسكو بـ"عملية عسكرية خاصة" لنزع سلاح جارتها. وأثار الاجتياح مخاوف من مواجهة بين الولايات المتحدة وروسيا، أكبر قوتين نوويتين في العالم.
دعوات بريطانية لدخول باريس وبرلين على خط الدعم
واعتبر أوليفر دودن، العضو في البرلمان البريطاني، أنه في وسع فرنسا وألمانيا تقديم مساعدة أكبر إلى أوكرانيا في الدفاع عن أراضيها. وفي مقابلة مع قناة "سكاي نيوز"، دعا رئيس حزب المحافظين إلى مد أوكرانيا بمزيد من الدعم، وصرح، "حبذا لو نرى مزيداً في هذا الصدد، لكن رئيس الوزراء سيتولى هذه المسألة شخصياً. وأجرى مكالمة هاتفية هذا الأسبوع ليس مع الرئيس بايدن فحسب، بل أيضاً مع الرئيس ماكرون وزعماء دول أخرى مثل ألمانيا". وأوضح دودن "نرغب جميعنا ببذل المزيد، لكن سيكون من الجيد أن نرى مزيداً من جانب فرنسا وألمانيا أيضاً".
وأتت هذه التصريحات في وقت كشف وزير الدفاع البريطاني السابق مايكل فالون (من 2014 إلى 2017) عن أنه اضطر إلى رد طلبات المساعدة العسكرية الصادرة عن أوكرانيا بعد قيام روسيا بضم القرم إلى أراضيها.
وفي مقال نُشر الأحد في أسبوعية "صنداي تايمز"، أعلن فالون أنه طُلب منه وقت تولّيه حقيبة الدفاع في حكومة ديفيد كاميرون رفض تلك الطلبات لعدم "استفزاز" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقال فالون، "أنا ووزارة الدفاع كنا نريد بذل المزيد. لكن منعتنا الحكومة من أن نرسل إلى الأوكرانيين الأسلحة التي كانوا بحاجة لها".
وفي التاسع من أبريل (نيسان) الحالي، قام رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بزيارة غير معلنة مسبقاً إلى كييف تعهد خلالها تقديم مدرعات وصواريخ مضادة للسفن إلى أوكرانيا. وكشف عن أنه ينظر في احتمال التعويض على بولندا بدبابات تحل محل تلك التي قد ترسلها السلطات البولندية إلى أوكرانيا لصدّ الهجوم الروسي. كما أعلن عن إعادة فتح السفارة البريطانية في كييف عما قريب.
من جهته، أعلن وزير الدفاع البريطاني بن والاس، الاثنين، أن بلاده ستقدم لأوكرانيا "عدداً صغيراً" من مدرعات "ستورمر" المزودة أنظمة دفاع جوي صاروخية من طراز "ستارستريك".
وقال والاس في خطاب أمام البرلمان إن صواريخ "ستارستريك" المضادة للطائرات، التي سبق للمملكة المتحدة أن وعدت بها أوكرانيا وصلت.
جاءت الزيارة البالغة الحساسية للوزيرين الأميركيين على وقع احتدام المعارك في أوكرانيا، ما أرخى بثقله على احتفالات عيد الفصح في البلد ذي الغالبية الأرثوذكسية.
مقتل 5 وسط استهداف السكك الحديدية الأوكرانية
والاثنين "قتل خمسة أشخاص على الأقل وجرح 18 آخرون في ضربات روسية طاولت منشآت للسكك الحديد في منطقة فينيتسيا في وسط غربي أوكرانيا"، على ما أعلنت النيابة العامة المحلية. وهذه المنطقة بمنأى نسبياً عن المعارك.
وفي وقت سابق، قال مدير السكك الحديد الأوكرانية ألكسندر كاميشين عبر "تلغرام" إن "القوات الروسية تواصل تدمير منشآت السكك الحديد بشكل منهجي". وأضاف "هذا الصباح وفي غضون ساعة، استهدف القصف خمس محطات للسكك الحديد في وسط أوكرانيا وغربها".
وتشكل فينيتسيا مركزاً مهماً لرحلات القطارات سواء داخل أوكرانيا أو تلك الخارجية. وتمر غالبية القطارات الدولية التي تعبر البلاد بهذه المحطة.
وأدى انفجار صاروخ صباح الاثنين إلى اندلاع حريق في محطة كراسنه قرب لفيف في غرب أوكرانيا على ما قال حاكم المنطقة، مشيراً إلى أنه "لا يملك معلومات حول ضحايا محتملين".
روسيا تتهم أوكرانيا بقصف قرية
في المقابل، اتهم حاكم منطقة بيلغورود الروسية المحاذية لأوكرانيا، مساء الاثنين، كييف بقصف قرية، مؤكداً "أن الهجوم أسفر عن إصابة اثنين من المدنيين وخلف أضراراً في منازل عديدة".
وكتب فياتشيسلاف غلادكوف على تطبيق تلغرام "تعرضت قرية لقصف. من الواضح أن مدنيين أصيبوا. حتى الآن، هناك جريحان: رجل أصيب في يده وامرأة أصيبت في عنقها".
لا ممرات إنسانية في ماريوبول
في مدينة ماريوبول الساحلية الاستراتيجية في أقصى جنوب دونباس التي يسيطر عليها الروس بشكل شبه كامل وحيث لا يزال بحسب كييف نحو 100 ألف مدني عالق، بدا الوضع في طريق مسدود.
فمع تواصل عمليات القصف طوال عطلة نهاية الأسبوع في مجمع أزوفستال لصناعات الفولاذ الذي يتحصن فيه آخر المقاتلين الأوكرانيين مع نحو ألف مدني على ما يقولون، أعلنت وزارة الدفاع الروسية وقف إطلاق نار الاثنين اعتباراً من الساعة 14:00 بالتوقيت المحلي (الساعة 11:00 ت غ) "لضمان رحيل" المدنيين "إلى الوجهة التي يختارونها". إلا أن كييف نفت أن يكون تم التوصل إلى اتفاق.
وقالت نائبة رئيس الوزراء إيرينا فيريشتوك على "تلغرام" "للأسف، لا توجد اتفاقيات بشأن الممرات الإنسانية من أزوفستال اليوم".
وفي بقية أرجاء منطقة دونباس، أكد الجيش الأوكراني، السبت، أنه صد سلسلة من الهجمات الروسية في دونيتسك ولوغانسك حيث تتعرض بلدات كثيرة مثل روبيجنه لقصف يومي.
وأعلنت روسيا نيتها الاستحواذ على كامل هذا الحوض الصناعي الكبير الذي يسيطر انفصاليون موالون لها على جزء منه منذ عام 2014، والهيمنة الكاملة على جنوب أوكرانيا الذي يشهد معارك يومية.
نيران في مخزن محروقات روسي
وفي روسيا، اندلعت النيران في مخزن كبير للمحروقات في مدينة بريانسك الواقعة على بعد 150 كيلومتراً من الحدود الأوكرانية والتي تشكل قاعدة لوجستية للقوات الروسية على ما أفادت موسكو.
وفيما يتهم الروس كييف بانتظام بشن هجمات على البلدات الأقرب إلى الحدود الأوكرانية، لم توضح السلطات الروسية على الفور أسباب الحريق.
وأكدت أجهزة الاستخبارات الروسية الاثنين أنها أوقفت "عناصر في مجموعة نازية جديدة" كانوا يخططون على ما أفادت، لاغتيال مقدم البرامج الشهير فلاديمير سولوفييف، مسؤول الدعاية في النظام الروسي بأمر من كييف، التي لم تعلّق على الفور.
تواصل المعارك في خاركيف
وتواصلت المعارك أيضاً في خاركيف، ثاني مدن أوكرانيا في شمال شرقي البلاد. ويضطر القصف اليومي المدنيين في الأحياء المستهدفة إلى النوم في الطوابق السفلية منذ أسابيع.
وقال أليكس (14 سنة) الذي ينام مع عائلته في مرأب تحت الأرض لوكالة الصحافة الفرنسية "كان الأمر مرعباً في الأسبوع الأول ومن ثم اعتدنا".
وتابع، "خلال الأسبوع، أعود في الصباح إلى منزلي لإتمام واجباتي المدرسية ومن ثم أعود إلى هنا لتناول الغداء وممارسة ألعاب عبر الهاتف".
وأضاف "أهلنا لا يطلعوننا على تفاصيل الحرب لكننا ندرك أن الحرب مستمرة".
وأكد "أتمنى أن تتوقف وأن يتمكن الرئيسان (الأوكراني والروسي) من الاتفاق لإحلال السلام".
لكن الجميع بات يتوقع حرباً طويلة، في حين تتعثر المفاوضات بين موسكو وكييف وفيما أدى الهجوم العسكري الروسي إلى تشريد نحو 13 مليون شخص، بينهم أكثر من خمسة ملايين غادروا أوكرانيا، بحسب الأمم المتحدة.
وأتى النزاع على التعاون بين موسكو والدول الغربية التي تستمر في اتخاذ إجراءات متبادلة بطرد دبلوماسيين. وأعلنت موسكو الاثنين طرد 40 دبلوماسياً ألمانياً في إجراء رداً على تدبير مماثل اتخذته برلين قبل فترة قصيرة.
وفي ظل هذا الوضع، ينتظر أن يزور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الاثنين تركيا التي تحاول لعب دور الوسيط في النزاع قبل أن يتوجه الثلاثاء إلى موسكو ومن ثم كييف.