تثير زعيمة ميانمار السابقة أونغ سان سو تشي المحرومة من حريتها منذ الانقلاب العسكري في 1 فبراير (شباط) 2021، التي أدينت الأربعاء الماضي، بتهمة فساد، تساؤلات عدة حول أوضاعها الحالية والمكان الذي تُحتجز فيه، وهل ما تزال تحظى بشعبية.
واستعرضت وكالة الصحافة الفرنسية وضع سو تشي منذ اعتقالها صباح يوم الانقلاب العسكري، حين وضِعت الزعيمة الحائزة على جائزة نوبل للسلام والبالغة من العمر 76 سنة، قيد الإقامة الجبرية وتحت حراسة مشددة من قوات الأمن، في مكان مجهول في نايبيداو، العاصمة التي بناها الجيش في قلب الغابة.
ولم تكن تخرج إلا لحضور محاكمتها التي بدأت في يونيو (حزيران) الماضي، في جلسة مغلقة أمام محكمة خاصة.
وحضرت سو تشي جلسات محاكمتها وهي جالسة خلف حاجز حديدي إلى جانب رئيس الجمهورية السابق والمتهم معها، وين مينت، بحسب الصور التي بثتها وسائل الإعلام الرسمية، بينما يُحظر على محاميها التحدث أمام الصحافة والمنظمات الدولية.
عزلة كاملة
وتقيم أونغ سان سو تشي الى جانب نحو عشرة عاملين منزليين ولا يُسمح لها إلا بالقراءة ومشاهدة الأخبار التي تبثها وسائل الإعلام الحكومية.
ورفض الجيش باستمرار طلبات دبلوماسيين أجانب راغبين بلقائها. وسبق أن أمضت سو تشي نحو 15 سنة في الإقامة الجبرية في ظل الديكتاتوريات العسكرية السابقة. لكن كان يُسمَح لها بالإقامة في منزلها العائلي على ضفة بحيرة رانغون حيث كانت تخاطب بانتظام مناصريها الذين كانوا يتجمعون بالمئات من الجانب الآخر من سياج حديقتها. أما اليوم فعزلتها كاملة.
ويبدو أن الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 1991 ليست على تواصل مع ولديها ألكسندر وكيم، اللذين ولِدا في عامَي 1973 و1977 من زواجها من الجامعي في أوكسفورد، مايكل آريس، الذي توفي منذ ذلك الحين.
يرافقها كلبها تايشيدوو الذي قدمه لها نجلها الأصغر في عام 2010.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وضعها الصحي
من جهة أخرى، يبدو وضعها الصحي جيداً، بحسب مصدر مقرب من الملف رد على أسئلة وكالة الصحافة الفرنسية في مطلع الأسبوع. لكن الزعيمة السابقة فوتت عدة جلسات وكانت بعض الأحيان مرهقة من تكرار مثولها أمام المحكمة (أربع مرات أسبوعياً).
وتلقت اللقاح ضد فيروس كورونا ووضِعت لفترة وجيزة قيد الحجر الصحي الشهر الماضي، بعدما ثبتت إصابة أفراد من موظفيها بـ"كوفيد-19".
العقوبات التي تواجهها
من ناحية ثانية، وجهت إليها مرات عدة تهم انتهاك قانون حول أسرار الدولة يعود إلى الحقبة الاستعمارية وتزوير انتخابي خلال الانتخابات التشريعية عام 2020، التي فاز بها حزبها بشكل كبير والتحريض على الفتنة والفساد.
وحُكم عليها من قبل بالسجن لست سنوات لاستيراد وحيازة أجهزة اتصال لا سلكية بشكل غير قانوني، وانتهاك قيود مكافحة فيروس كورونا والتحريض على الفوضى العامة.
وحُكم عليها بالسجن خمس سنوات إضافية الأربعاء الماضي، بتهمة الفساد. وتواجه في المجموع عقوداً من الاعتقال.
وأعلن المجلس العسكري أنها ستقضي عقوبتها قيد الإقامة الجبرية حتى نهاية المحاكمة.
وتندد المجموعة الدولية بهذه المحاكمة على أنها "مهزلة" مدفوعة فقط باعتبارات سياسية.
ومن المستبعد الإفراج عنها قبل الانتخابات التي وعد المجلس العسكري بتنظيمها في صيف عام 2023.
ونظراً إلى تقدمها في السن، "من الممكن حتى أن تنتهي أيامها في السجن" كما قال فيل روبرتسون، نائب مدير قسم آسيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش".
مسألة الروهينغا
وعلى الرغم من أن صورتها الدولية تضررت بشدة بسبب عدم قدرتها على الدفاع عن مسلمي الروهينغا الذين فر مئات آلاف منهم بسبب تجاوزات الجيش في ميانمار عام 2017، فإن أونغ سان سو تشي لا تزال تحظى بشعبية كبرى في بلادها.
واحتفالاً بعيد ميلادها الـ76 في 19 يونيو، وجهت ناشطات مؤيدات للديمقراطية تحية إلى "الأم سو" عبر تقليد تسريحة شعرها التي تضع فيها الزهور وهو ما أصبح رمزاً لها.
لكن العديد من معارضي النظام العسكري يعتقدون أن معركتهم يجب أن تتجاوز شخص سو تشي لمحاولة إنهاء حكم الجنرالات الذين يمارسون سلطة قوة منذ عقود على السياسة والاقتصاد في ميانمار.
وحملت ميليشيات محلية السلاح ضد المجلس العسكري في مناطق عدة من البلاد، وهو ما يتناقض مع مبدأ اللا عنف الذي تدعو إليه أونغ سان سو تشي.