على الرغم من البيانات والتقديرات الرسمية، التي تشير إلى أن معدل التضخم في تركيا يتجه صوب 70 في المئة، ما زال الرئيس رجب طيب أردوغان متفائلاً بشأن اقتصاد بلاده.
أردوغان قال في تصريحات حديثة، إن تركيا "انتقلت إلى صفحة جديدة في الاقتصاد، وهدفنا زيادة القوة الشرائية لشعبنا".
في المقابل، قال محافظ البنك المركزي التركي، شهاب قوجي أوغلو، إن البنك يتوقع أن يرتفع التضخم لذروة تبلغ نحو 70 في المئة قبل يونيو (حزيران) من العام الحالي. بينما تتوقع بعض التقديرات ارتفاعه قرب 75 في المئة.
وأشار قوجي أوغلو، خلال تقديمه تقرير التضخم الثاني للعام الحالي، إلى أن التضخم سيبدأ في الانخفاض بعد مايو (أيار) المقبل. وقال إن النمو المدفوع بالصادرات وميزان المعاملات الجارية مهم لاستقرار الأسعار.
وكان معدل التضخم السنوي في تركيا قد ارتفع إلى 61.14 في المئة خلال شهر مارس (آذار) الماضي، وهو أعلى مستوى في عقدين، حيث أججه الصراع الروسي الأوكراني وارتفاع أسعار السلع بعد انهيار الليرة أواخر العام الماضي.
خسائر عنيفة
في الوقت نفسه، فقد واصل سعر صرف الليرة التركية تراجعه متأثراً بارتفاع معدل التضخم. ووفقاً لبيانات وكالة "بلومبيرغ"، فقد تراجعت الليرة إلى مستوى 14.71 لكل دولار ليصل مجموع خسائرها منذ مطلع العام وحتى الآن إلى 9.5 في المئة، لتظل ثاني أسوأ العملات أداءً بين عملات الأسواق الناشئة، بعد الروبل الروسي.
الخبير الاقتصادي هالوك بورومتشيكي قال إن "الزيادة الكبيرة في عجز التجارة الخارجية في أول شهرين والمخاطر الأخرى التي تسببها الحرب الروسية الأوكرانية على ميزان الحساب الحالي قد تجعل من الصعب على البنك المركزي الإبقاء على سياسته النقدية الفضفاضة، ما يعني أن التوازن في النقد الأجنبي قد لا يكون دائماً".
وأظهرت بيانات من معهد الإحصاء التركي أن عجز التجارة الخارجية ارتفع بنسبة 75 في المئة على أساس سنوي إلى 8.17 مليار دولار في مارس الماضي، مدفوعاً بزيادة في الواردات بنسبة 30.7 في المئة. وأوضحت البيانات أن الواردات بلغت 30.88 مليار دولار خلال الشهر الماضي، بينما ارتفعت الصادرات بنسبة 19.8 في المئة إلى 22.71 مليار دولار.
وقبل أيام، كشفت وزارة التجارة التركية عن أن العجز التجاري التركي ارتفع بنسبة 76.7 في المئة على أساس سنوي في مارس إلى 8.24 مليار دولار. ويرجع ذلك في الأساس إلى ارتفاع تكاليف واردات الطاقة بنسبة 156 في المئة.
ويرى وزير التجارة محمد موش أن زيادة في واردات الطاقة بقيمة 16.3 مليار دولار، وهو ما يعادل زيادة سنوية قدرها 188 في المئة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، أدت إلى زيادة إجمالي الواردات.
وتسببت الحرب الروسية الأوكرانية في ارتفاع أسعار السلع الأولية، مما يهدد بعرقلة برنامج أنقرة الاقتصادي الجديد، الذي يهدف إلى تحقيق فائض في حساب المعاملات الجارية.
صفحة جديدة
وعلى الرغم من هذه البيانات السلبية، لكن الرئيس التركي في تصريحات حديثة، قال إن بلاده "انتقلت إلى صفحة جديدة في الاقتصاد"، وأضاف "هدفنا زيادة القوة الشرائية لشعبنا التي تراجعت بسبب ارتفاع الأسعار الباهظ والتضخم المرتفع".
وأشار أردوغان إلى أنه "لن نتراجع أبداً عن قرارنا بجعل تركيا واحدة من أكبر عشرة اقتصادات في العالم، لقد ذكرنا مراراً وتكراراً أننا لن نضيع هذه الفرصة بخطوات غير محسوبة ومن دون وعي. سنثابر ونثابر ونكافح ونصل إلى النتيجة".
وبين أن الأتراك "يواجهون أسعاراً مرتفعة لم نعتد عليها في السوق. بالطبع التضخم المرتفع والزيادات الباهظة في الأسعار ليست مشكلتنا فقط. الدول الأوروبية تكافح مع مشاكل أكبر".
وأفاد أردوغان "نحن دولة ذات اقتصاد متكامل مع العالم كله، لا سيما من حيث الوضع الإقليمي، كل التطورات العالمية تؤثر فينا أيضاً".
وأوضح الرئيس التركي أن "تحقيق الصادرات التركية كل شهر أرقاماً قياسية جديدة، دليل على أننا نسير في المسار الاقتصادي الصحيح"، مجدداً تأكيده أن "الحكومة لن تترك المواطنين فريسة للتضخم". وأضاف "كما هو معلوم، قضينا شهر رمضان في عامي 2020، و2021 في ظل قيود وباء كورونا الذي فشلت كثير من دول العالم في عبوره بنجاح، غير أن تركيا أبلت بلاءً حسناً في ذلك".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ارتفاع المعيشة
وكان "معهد الإحصاء التركي"، قد كشف قبل أيام، عن ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 5.4 في المئة خلال شهر مارس الماضي، مقارنة بشهر فبراير (شباط)، ليرتفع معدل التضخم السنوي من 45.44 في المئة، بشهر فبراير إلى أكثر من 61 في المئة في شهر أبريل (نيسان) الحالي.
وتأثرت الأسواق التركية بتبعات الأزمة الأوكرانية، إذ ارتفعت أسعار الغذاء بأنواعها، إلى جانب صعود كبير في أسعار الطاقة، التي أثرت في فاتورة الاستهلاك للأتراك.
وعلى أساس شهري، قالت هيئة الإحصاء التركية، إن التضخم في مارس بلغ 5.46 في المئة، بينما صعد مقارنة مع ديسمبر (كانون الأول) من العام السابق بنسبة 22.81 في المئة.
وكانت أدنى زيادة سنوية في معدلات التضخم بنسبة 15.08 في المئة بمجموعة الاتصالات، والتعليم بنسبة 26.73 في المئة، والملابس والأحذية بنسبة 26.95 في المئة، والصحة بنسبة 34.95 في المئة.
بينما كانت المجموعات الرئيسة الأخرى التي شهدت زيادات سنوية مرتفعة، تتمثل في قطاع النقل بنسبة 99.12 في المئة، والأغذية والمشروبات غير الكحولية بنسبة 70.33 في المئة، والمفروشات والمعدات المنزلية بنسبة 69.26 في المئة.
ومن المتوقع أن ترتفع تكلفة المعيشة أكثر في السوق التركية خلال الربع الثاني من العام الحالي، خصوصاً بعد الزيادات الأخيرة في أسعار فواتير الكهرباء والغاز بنحو 50 في المئة، و25 في المئة على التوالي.