تترقب الأوساط السياسية المصرية إصدار قائمة بالعفو عن عدد من السجناء بمناسبة عيد الفطر، بعد تقديم لجنة العفو الرئاسي "قائمة عاجلة" من السجناء المقترح الإفراج عنهم، خلال الاجتماع الأول للجنة بتشكيلها الجديد.
وذكر بيان للجنة أنها قررت أن يكون تلقي طلبات العفو الرئاسي عبر استمارة على موقع المؤتمر الوطني للشباب، ومن خلال رسائل بريدية إلى لجنتي حقوق الإنسان في مجلسي النواب أو الشيوخ، وإرسال الطلبات للجنة شكاوى المجلس القومي لحقوق الإنسان وأعضاء لجنة العفو الرئاسي. وأكدت اللجنة أنها سوف تستكمل أعمالها بعد العيد لبحث الطلبات كافة التي تصل إليها، سواء من الشباب أو الغارمين والغارمات، كما ستعقد لقاءات مع الأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني لبحث طلبات العفو التي لديهم.
وقوبل قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي، خلال حفل إفطار الأسرة المصرية، الثلاثاء الماضي، بأصداء إيجابية واسعة داخل الأوساط السياسية في البلاد، بخاصة مع ترحيب رموز المعارضة السياسية، الذين وصفوا القرار بخطوة على طريق الإصلاح الديمقراطي والسياسي.
ولجنة العفو الرئاسي بتشكيلها الأول كانت أحد مخرجات المؤتمر الوطني للشباب الذي عقد في مدينة شرم الشيخ عام 2017، وكُلّفت مراجعة كل ملفات وقضايا المحبوسين احتياطياً من السياسيين، إذا ما كانوا غير متورطين في أعمال عنف، ليتم الإفراج عنهم بقرار من رئيس الجمهورية، وفقاً لما كفله له الدستور المصري من حقوق في المادة 155، التي تنص على أن "لرئيس الجمهورية بعد أخذ رأي مجلس الوزراء العفو عن العقوبة، أو تخفيفها. ولا يكون العفو الشامل إلا بقانون يُقرّ بموافقة غالبية أعضاء مجلس النواب".
آليات العمل
وكشف أعضاء فى لجنة العفو الرئاسي عن اتساع نطاق عملها بعد إعادة التشكيل، وقال محمد عبد العزيز، الذي كان أيضاً عضواً في التشكيل الأول للجنة، إن نطاق عملها سيتسع ليشمل الغارمين والغارمات، إلى جانب الشباب المحبوسين في قضايا الرأي والتعبير. وأضاف في تصريحات صحافية أن ملف الغارمين من القضايا العامة المتعلقة بحقوق الإنسان، إلى جانب ملف الشباب المحبوسين في قضايا الرأي والتظاهر من الأحزاب والقوى السياسية.
بدوره، أكد طارق العوضي، عضو لجنة العفو الرئاسي، أن اللجنة بدأت فحص البيانات التي تم إرسالها من قبل أهالي المحبوسين أو المحكوم عليهم، لعرضها في أول اجتماع لها، مؤكداً أن الحالات الإنسانية ستجري مراجعتها، ووعد ببذل أقصى جهد والتعاون مع الجهات المعنية كافة "للإفراج عن أكبر عدد ممكن وفي أقرب وقت".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما وزير القوى العاملة الأسبق كمال أبوعيطة، الذي انضم إلى التشكيل الجديد للجنة، فقال في تصريحات لصحف محلية، إن اهتمامه الأول سيكون لـ"الناس الغلابة" قبل الشخصيات السياسية المعروفة، وهم من لا يجدون من يتطرق إلى قضاياهم، ولا تملك أسرهم ثمن الزيارة.
وفي حفل إفطار الأسرة المصرية، تحدث السيسي عن الحاجة إلى الإصلاح السياسي، وقال إنه كان هدفاً للدولة لكن "الأولويات" حالت دون ذلك، معتبراً أنه حان وقته بعد ما تحقق من إنجازات، وعبّر عن سعادته بالإفراج عن دفعات من أبناء مصر خلال الأيام الماضية، ومؤكداً أن "الوطن يتسع للجميع، والاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية".
وبدت بوادر توجّه الدولة لفتح ملف المعتقلين قبل يومين من كلمة الرئيس، حين أُفرج عن نحو 40 من المحبوسين احتياطياً على ذمة قضايا سياسية. وبعد يوم من حفل إفطار الأسرة المصرية، أعلنت وزارة الداخلية إطلاق سراح أكثر من 3 آلاف سجين بعفو رئاسي، بمناسبة الاحتفال بذكرى تحرير سيناء الموافق 25 أبريل (نيسان)، وكذلك "إنفاذاً لتوجيهات رئيس الجمهورية بإعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي، على أن توسع قاعدة عملها بالتعاون مع الأجهزة المختصة ومنظمات المجتمع المدني المعنية، وتنفيذاً لقرار الرئيس الصادر بشأن الإفراج بالعفو عن بقية مدة العقوبة بالنسبة إلى بعض المحكوم عليهم الذين استوفوا شروط العفو"، وفق بيان للوزارة.
معتقل "الأمل"
وخلال الحفل الذي شهد للمرة الأولى حضور معارضين في احتفالات الإفطار السنوية، كان لافتاً ترحيب الرئيس السيسي بالمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، إذ توجّه لمصافحته ودار بينهما حديث جانبي قصير. وقال صباحي لاحقاً، في تصريحات صحافية، إنه طالب بالإفراج عن المعتقلين. ولم تمضِ سوى ساعات على ذلك اللقاء حتى صدر قرار جمهوري خاص بالإفراج عن الصحافي حسام مؤنس، الذي شغل سابقاً رئاسة حملة صباحي للترشح للرئاسة عام 2014، في الانتخابات التي فاز بها السيسي.
وكان مؤنس أحد المتهمين في القضية المعروفة بـ"خلية الأمل"، ووجّهت فيها النيابة للمتهمين تهماً عدة منها نشر أخبار كاذبة وتكدير السلم والأمن العام. واستقبل عدد من رموز المعارضة مؤنس فور خروجه من محبسه، على رأسهم صباحي وعضو مجلس النواب السابق خالد يوسف.
ووجّه صباحي عبر حسابه في موقع "فيسبوك" الشكر للرئيس السيسي على مبادرته للعفو عن سجناء الرأي، قائلاً، "أقدم واجب الشكر للسيد رئيس الجمهورية لإصداره قرار العفو الرئاسي عن المناضل حسام مؤنس وبدء تنفيذ قرار الإفراج عن 42 من سجناء الرأي"، ومؤكداً تطلّعه لاستكمال البادرة لتشمل كل سجناء الرأي من دون استثناء أو تمييز، وتعيد إليهم جميعاً حريتهم المستحقة. وأضاف أن "مشاعر الفرح والامتنان التي أضاءت النفوس والبيوت بعد طول حزن لن تكتمل إلا بالإفراج عن آخر سجين رأي في مصر".
خطوة رائعة
وكانت رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان مشيرة خطاب رأت أن قرار الرئيس السيسي بإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي خطوة رائعة للإفراج عن الشباب، مضيفة، "لنضع هذه القضية خلف ظهورنا"، وفق تعبيرها في تصريحات تلفزيونية. وأوضحت أن القرار ينقل مصر إلى الأمام، ويؤكد أنها دولة مدنية ديمقراطية حديثة تتسع لكل أبنائها.
ورحّب المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر بإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسى، مشدداً على أن الأمر يبشّر بمزيد من الإفراجات، إلى جانب دعوة الرئيس السيسي لإطلاق حوار سياسي شامل، ما يتناسب مع توجهات الدولة في الإعلاء من قيمة الحوار المجتمعي وإشراك مكونات المجتمع في بناء مجتمع جديد، يقوم على أسس العدالة والمساواة والحرية والممارسة الديمقراطية السليمة.