خسر الحزب المحافظ بقيادة بوريس جونسون مجالس أساسية في لندن، حسب النتائج الأولية للانتخابات المحلية التي شكلت اختباراً لرئيس الوزراء البريطاني وتبدو تاريخية في أيرلندا الشمالية.
وفي أول تعليق له على النتائج، قال جونسون إن المحافظين واجهوا "ليلة صعبة" في بعض مناطق البلاد، لكنه أضاف أن النتائج "مختلطة" بالنسبة لحزبه. واعتبر أن رسالة الناخبين هي أنهم يريدون من الحكومة أن تركز على "المسائل الكبرى المهمة بالنسبة لهم"، مثل أزمة ارتفاع الأسعار والكلفة المعيشية.
ورداً على سؤال بشأن تحمّله مسؤولية النتائج، قال جونسون، "بالتأكيد"، مضيفاً "لقد واجهنا ليلة صعبة في بعض أجزاء البلاد، ولكن من ناحية أخرى وفي مناطق أخرى، ما زلنا نرى المحافظين يتقدمون ويحققون مكاسب ملحوظة في أماكن لم تصوت لصالح المحافظين لفترة طويلة".
خسارة معاقل رئيسة
وفي لندن، فازت المعارضة العمالية للمرة الأولى بمجلس ويستمنستر، وهي منطقة تضم معظم المؤسسات الحكومية وهيمن عليها المحافظون منذ إنشائه في عام 1964. وفاز العمال بمجلس بارنيت الذي سيطر عليه المحافظون في جميع الانتخابات باستثناء مرتين منذ عام 1964، وبمجلس واندسوورث، معقل المحافظين منذ عام 1978 و"المفضل" لرئيسة الوزراء الراحلة مارغريت تاتشر.
وقال دانيال توماس، رئيس مجلس بارنيت من حزب المحافظين، "هذه إشارة تحذير من الناخبين المحافظين"، كما رحب رئيس بلدية لندن العمالي صادق خان بالنتائج، معتبراً أنها نصر "تاريخي".
كما فاز حزب العمال بساوثامبتون في جنوب العاصمة. لكن خارج العاصمة، حقق حزب المحافظين كما يبدو من النتائج حتى الآن، مكاسب محدودة بينما يبدو جيداً أداء أحزاب أصغر مثل الليبراليين الديمقراطيين ودعاة حماية البيئة (الخضر).
المحافظون يخسرون 92 مقعداً
وأظهرت النتائج الأولية أن حزب المحافظين خسر 92 مقعداً في المجالس المحلية. وحصل حزب العمال المعارض الرئيسي على 23 مقعداً وحزب الليبراليين الديمقراطيين على 42 مقعداً.
وعلى الرغم من أن هذه الانتخابات التي نظمت الخميس تطغى عليها تقليدياً قضايا محلية جداً وتشهد نسبة مشاركة ضئيلة، يفترض أن تسمح بتحديد حجم الضرر الناجم عن فضيحة الحفلات خلال فترة الحجر (بارتي غيت) التي فُرضت غرامة على جونسون بسببها.
ويواجه المحافظون وهم في السلطة منذ 12 عاماً، انتقادات بسبب دعمهم غير الكافي للأسر التي يخنقها التضخم الذي سيتجاوز هذا العام 10 في المئة حسب البنك المركزي.
جرس "إنذار"
ومع صدور النتائج الأولية، خرجت دعوات في أوساط المحافظين لاستقالة رئيس الوزراء. وقال النائب المحافظ السابق روجير غايل، إن الوقت حان لرحيل جونسون بغض النظر عن الوضع في أوكرانيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي تغريدة على "تويتر"، وصف غافين بارويل، كبير الموظفين في عهد رئيسة الوزراء المحافظة السابقة تيريزا ماي، بـ"الكارثية" خسارة واندوورث وويستمنستر، واعتبر أنها "إنذار".
وحاول رئيس حزب المحافظين أوليفر داودن التخفيف من خطورة هذه "النتائج الصعبة"، مشيراً إلى أنها جاءت كما يتوقع عادةً في انتخابات منتصف الولاية.
ويمكن أن تدفع هذه النتيجة السيئة بعض نواب الأغلبية المحافظة في البرلمان إلى سحب ثقتهم من بوريس جونسون. لكن زعيم الحزب قال لشبكة "سكاي نيوز"، إن على المحافظين إبقاءه في السلطة.
وانهارت شعبية جونسون (57 عاماً) الذي تولى قبل نحو ثلاث سنوات رئاسة الحكومة، بعد فضيحة الحفلات. وقد نجا حتى الآن من العاصفة مشدداً على دوره الرائد في تقديم دعم غربي لأوكرانيا. وهو يؤكد أنه مصمم على البقاء في السلطة وقيادة المعركة للانتخابات التشريعية المقبلة في 2024.
تحقيق بشأن مخالفة من ستارمر
ويأمل حزب العمال المعارض الاستفادة من نقاط ضعف جونسون، وإن كان زعيم الحزب المعارض نفسه كير ستارمر (59 عاماً) متهماً بمخالفة القواعد الصحية بسبب تناوله البيرة والكاري مع فريق عمله العام الماضي.
وقد أعلنت شرطة دورهام الجمعة فتح تحقيق بشأن مخالفة ستارمر للقواعد في أبريل (نيسان) 2021.
اسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية
وحتى الآن، أعلنت نتائج الاقتراع لثلث المجالس المحلية البالغ عددها 200. ويبدأ لاحقاً فرز الأصوات في اسكتلندا وويلز، فيما بدأ في إيرلندا الشمالية حيث تهدف الانتخابات إلى تجديد البرلمان المحلي (ستورمونت) الذي يضم 90 نائباً. ويتوقع أن تعلن النتائج الأولى بعد ظهر الجمعة، لكن احتساب الأصوات وفق النظام المعقد في المقاطعة يفترض أن يتواصل السبت وربما بعد ذلك.
في إيرلندا الشمالية، يلوح في الأفق زلزال سياسي إذ إن استطلاعات الرأي ترجح تقدم حزب الشين فين في البرلمان المحلي للمرة الأولى منذ 100 عام من تاريخ المقاطعة البريطانية التي تشهد توتراً منذ "بريكست" (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي).
وسيدفع انتصار الشين فين، الواجهة السياسية السابقة للمنظمة شبه العسكرية الجيش الجمهوري الإيرلندي، نائبة رئيس هذا الحزب ميشيل أونيل إلى رئاسة الحكومة المحلية التي سيشترك القوميون والنقابيون في قيادتها بموجب اتفاق السلام لعام 1998.
وقد يؤدي انتصار الشين فين الذي يدعو إلى إعادة الوحدة مع جمهورية إيرلندا، إلى إطلاق عملية إعادة تعريف للمملكة المتحدة. ويمكن أن يؤدي أيضاً إلى شلل سياسي.
وبعد التصويت في بلفاست الخميس، كرر زعيم الحزب الديمقراطي الوحدوي جيفري دونالدسون أن حزبه سيرفض المشاركة في أي منصب جديد في السلطة التنفيذية ما لم تعلق الحكومة البريطانية الوضع الخاص للمقاطعة منذ "بريكست" الذي يقول الموالون للعرش البريطاني إنه يقوض الروابط مع بقية المملكة المتحدة.
أول اختبار انتخابي
والاقتراع المحلي أول اختبار انتخابي لجونسون منذ أن أصبح أول زعيم بريطاني في الذاكرة الحية يخالف القانون أثناء توليه منصبه، وتم تغريمه، الشهر الماضي، بسبب حضوره تجمع عيد ميلاد في مكتبه في عام 2020، بما يخالف قواعد التباعد الاجتماعي المعمول بها آنذاك للحد من انتشار "كوفيد-19".
وستقدم الحصيلة الإجمالية، المقرر إعلانها في وقت لاحق الجمعة السادس من مايو (أيار)، أهم صورة للرأي العام منذ فوز جونسون بأكبر غالبية لحزب المحافظين منذ أكثر من 30 عاماً في الانتخابات العامة عام 2019.
وقال جون كيرتس، أستاذ العلوم السياسية في جامعة "ستراثكلايد"، "هذه النتائج تؤكد أن المحافظين عانوا قدراً من رفض الناخبين".
لكن أداء حزب المحافظين لم يكن بالسوء الذي توقعته بعض استطلاعات الرأي. وتوقع أحدها في الفترة التي سبقت الانتخابات أن يخسر المحافظون حوالى 800 مقعد في المجالس المحلية.
وقال كيرتس إن الاتجاهات المبكرة تشير إلى أن المحافظين في طريقهم لخسارة نحو 250 مقعداً. وأضاف أن النتائج لا تشير إلى أن حزب العمال سيكون أكبر حزب في الانتخابات المقبلة.
وستقرر الانتخابات التي أجريت، الخميس، ما يقرب من 7000 مقعد في المجالس المحلية، بما في ذلك المقاعد في لندن واسكتلندا وويلز، وثلث المقاعد في معظم بقية أنحاء إنجلترا.
ولم يتم الإعلان بالكامل عن النتائج في 32 منطقة في لندن، والتي تحظى بمتابعة كبيرة، لكن بعض الإحصاءات الأولية أظهرت أن حزب العمال يحقق مكاسب في بعض المناطق بالعاصمة، وأظهرت النتائج أن حزب جونسون فقد السيطرة على معقله الرئيس في لندن في منطقة واندسوورث، وذلك للمرة الأولى منذ عام 1978.