أشار تحذير حملته دراسة جديدة، إلى توقعات بزيادة شح المياه في أكثر من 80 في المئة من الأراضي الزراعية عالمياً مع حلول منتصف القرن. إذ أجرت الدراسة، المنشورة في مجلة "إيرثز فيوتشر" [مستقبل الأرض] Earth's Future، تقييماً للاحتياجات الحالية والمستقبلية من المياه للزراعة العالمية، وقدمت توقعات عن مدى كفاية المستويات المتاحة من مياه الأمطار أو الري، في تلبية تلك الاحتياجات بالترافق مع أزمة المناخ المتواصلة.
ولأغراض هذه الدراسة، طور البحاثة الذين ضمت صفوفهم علماء من "الأكاديمية الصينية للعلوم" في بكين، مؤشراً جديداً يشمل مصدرين رئيسين من مياه الزراعة يتمثلان في مياه التربة التي تأتي من المطر، وتسمى المياه الخضراء، والمياه الزرقاء التي تأتي من طريق الري عبر الأنهار والبحيرات والمياه الجوفية.
وباستخدام هذا المؤشر، توقع أولئك البحاثة حدوث شح المياه الزرقاء [مياه الأحواض المائية] والخضراء [مياه الأمطار المخزنة في النباتات والتربة] العالمية نتيجة تغير المناخ.
وفي بيان له، أوضح شينغ تساي ليو من "الأكاديمية الصينية للعلوم"، بصفته أحد العلماء الذين أجروا الدراسة، أن "قطاع الإنتاج الزراعي، الذي يعد أكبر مستخدم لموارد المياه الزرقاء والخضراء، يواجه تحديات غير مسبوقة".
ووفق الدكتور ليو، "يقدم هذا المؤشر تقييماً منهجياً متناسقاً عن شح المياه الزراعية في الأراضي المخصصة للمحاصيل، سواء تلك التي تعتمد على مياه الأمطار أو التي تسقى بالري".
وقد شهدت مستويات الطلب على المياه نمواً بمعدل ضعفي سرعة نمو السكان على مدى القرن الماضي، وبات شح المياه يشكل حالياً تهديداً كبيراً للأمن الغذائي.
بيد أن العلماء يشيرون إلى أن معظم النماذج الإحصائية عن شح المياه لا تنظر بشكل شامل إلى المياه الزرقاء والخضراء. ويشيرون أيضاً إلى أن كمية المياه الخضراء المتاحة للمحاصيل تعتمد على كمية الأمطار التي تهطل على المنطقة من جهة، والكمية التي تفقد من هذه المياه جراء الصرف السطحي والتبخر من جهة أخرى.
وفي ظل أزمة المناخ التي تؤثر في أنماط درجات الحرارة وهطول الأمطار في كل أصقاع العالم، وتكثيف وتيرة الممارسات الزراعية أيضاً لتلبية متطلبات النمو السكاني السريع، يرى الباحثون أن المياه الخضراء المتاحة للمحاصيل ستتغير.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتحذر الدراسة من أنه في ظل تغير المناخ، يمكن أن تتفاقم مشكلة شح المياه الزراعية العالمية في ما يصل إلى 84 في المئة من الأراضي الزراعية، وسيصاحبها فقدان في إمدادات المياه، ما يؤدي إلى تعرض نحو 60 في المائة من تلك الأراضي إلى شح مياه.
وكذلك يشير الباحثون إلى أن التغيرات في توافر المياه الخضراء بسبب ما يحدثه الاحترار العالمي من تحولات في أنماط هطول الأمطار والتبخر، يمكن أن تؤثر في نحو 16 في المئة من الأراضي الزراعية العالمية. ويرون أن هذه النتائج يمكن أن يكون لها آثار على إدارة المياه الزراعية.
واستشهدوا بأمثلة تشير إلى أن شمال شرقي الصين ومنطقة الساحل في أفريقيا يمكن أن يشهدا زيادة في الأمطار التي قد تخفف من شح المياه الزراعية، في حين أن التنبؤات بانخفاض هطول الأمطار في وسط وغرب الولايات المتحدة وشمال غربي الهند تعني أنه قد تكون هناك حاجة إلى مزيد من الري لدعم الزراعة المكثفة في تلك المناطق.
وبالتالي، أوصى الباحثون ببعض الممارسات التي تهدف إلى الحفاظ على المياه الزراعية عند الحاجة، على غرار نثر غطاء من النشارة فوق التراب بغية تقليل التبخر من التربة، والزراعة من دون حراثة لتسهيل تغلغل المياه بشكل أفضل إلى الأرض.
واقترحوا أيضاً تعديل توقيت زراعة المحاصيل لمواءمة نموها بشكل أفضل مع الأنماط المتغيرة لهطول الأمطار.
وفي تلك الدراسة، كتب العلماء "تسلط دراستنا الضوء على الدور المهم للمياه الخضراء في إدارة المياه الزراعية، ومن المتوقع أيضاً أن توفر معلومات مفيدة عن التكيف الزراعي في ظل تغير المناخ في المستقبل".
نشر في "اندبندنت" 07 مايو 2022
© The Independent