وصل معدل حالات الإجهاض التي شهدتها كل من إنجلترا و ويلز إلى مستوى قياسي بلغ أكثر من 200 ألف حالة في السنة، وذلك بسبب النساء والأمهات الأكبر سناً.
وتفيد بيانات نشرتها "وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية" في المملكة المتحدة بأن مقيمات في انجلترا و ويلز قد خضعن لـ 200،608 عملية إجهاض في العام الفائت 2018، أي بزيادة 4% مقارنة بـ 192،900 عملية سُجلت في عام 2017. وتشير إلى أن 4668 عملية إنهاء حمل أخرى قد أجريت لنساء من غير المقيمات هناك خلال عام 2018، ما يدلّ على زيادة طفيفة عن عام 2017.
كذلك تُظهر البيانات أن 1053 امرأة سافرن من أيرلندا الشمالية إلى إنجلترا أو ويلز في العام الماضي بغرض الخضوع لعملية إجهاض، ما يمثل زيادة قدرها 192 امرأة عنهن في عام 2017.
معلوم أن أيرلندا الشمالية تحظّر الإجهاض أياً كان سببه تقريباً، وحتى عند تعرّض المرأة لاغتصاب أو سفاح القربى. فلا تسمح بإجرائه إلا عند وجود خطر يهدِّد حياة الأم، أو مشكلة خطيرة تطاول صحتها الجسدية أو العقلية.
في هذا السياق، أشارت إيموجين ستيفنس، من "عيادة ماري ستوبس" التي تقدِّم خدمة الإجهاض في المملكة المتحدة، إلى أن الأرقام الآنفة الذكر تأتي في وقت "نسمع قصصاً من نساء أصبحن حوامل خلال محاولتهن الوصول إلى وسائل فعّالة لمنع حمل".
وزادت أن "أكثر من ثمانية ملايين امرأة في سن الإنجاب يعشن حالياً في منطقة خفَّض المجلس البلدي فيها تمويل الخدمات المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية، ما أدى إلى إغلاق عيادات عدة وارتفاع عدد النساء اللواتي ينتظرن الحصول على موعد لدى الطبيب. حتى إنهن إذا نجحن في تلقي خدمة صحية، فقد لا يقدّم لهن الطبيب مجموعة وسائل منع الحمل كاملةً، بما في ذلك بعض أكثر الطرائق فاعلية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفتت المديرة الطبية إلى الارتفاع المتواصل في معدل الإجهاض الإجمالي لدى النساء الأكبر سناً، في حين أن المعدل لدى النساء الأصغر سناً ينخفض. وأضافت أن ذلك يوضح وجوب توفير خدمات منع الحمل الجيدة للنساء على امتداد سنوات حياتهن الإنجابية كلها، منذ أن ينشطن جنسياً حتى سن اليأس.
وأردفت ستيفنس، وقد ارتسم الأسف على وجهها، إن "من العار أنه في عام 2018 ما زال هناك أكثر من ألف امرأة من أيرلندا الشمالية يجدن أنفسن مجبرات على التوجه إلى إنجلترا من أجل إنهاء الحمل، و بينهن اللائي أصبحن حوامل نتيجة الاغتصاب أو سفاح القربى، أو اللواتي لا فرصة لأجنتهن في البقاء على قيد الحياة خارج الرحم".
وفي هذا الإطار، قالت غرين تيغارت، وهي مديرة حملة منظمة العفو الدولية في إيرلندا الشمالية، إنه ليس من المستغرب أن يرتفع عدد النساء اللواتي سافرن من أيرلندا الشمالية إلى إنجلترا أو ويلز من أجل الإجهاض".
وأضافت أن "الحظر المستمر شبه التام للإجهاض لا يمنع النساء اللواتي يحتجن إلى إنهاء الحمل أو يسعيّن إليه، من نيل مرادّهن، بل إنه يجبرهنّ على ركوب الطائرات للوصول إلى الرعاية الصحية. بيد أن المرأة يجب أن تُعامل باحترام وكرامة وتُمنح الحق في اتخاذ ذلك القرار المتعلق بجسدها، في بلدها وليس في أي مكان آخر".
وتابعت "يغيب عن تلك الإحصاءات كثير من النساء العاجزات لأسباب مختلفة عن السفر لإنهاء الحمل، من ضمنهنّ اللواتي يتعرّض للتعنيف من الشريك أو المهاجرات ممن لايتمتعن بوضع قانوني مستقر يسمح لهن بمغادرة البلاد. كذلك لا ترد في الإحصاءات أعداد نساء اضطررن إلى شراء حبوب الإجهاض عبر الإنترنت، علماً أنهنّ يجازفن بالتعرض للملاحقة القضائية جرّاء ذلك".
كذلك شهد العقد الماضي ارتفاعاً حاداً في معدل الإجهاض لدى الأمهات. في عام 2018، أُجريت 56 % من عمليات الإجهاض (111،633) لنساء مررن بحالات حمل تمخضت عن جنين حي أو ميت، ما يعني زيادة 5% عن 106.550 عملية في 2017.,ويُشار إلى أن أقل من نصف حالات الإجهاض في عام 2008 تعود لنساء سبق أن أنجبن طفلاً أو أكثر.
ارتفعت معدلات الإجهاض عموماً في العقد الماضي بين النساء ممن تجاوزن سن الـ 25 عاماً. كما تزايدت هذه المعدلات لدى أولئك اللواتي تتراوح أعمارهن بين 30 و34 عاماً من 15.6 إجهاض لكل ألف امرأة في عام 2008 إلى 19.9 إجهاض في عام 2018. و قفز معدل الإجهاض أيضاً بين النساء اللواتي يبلغن 35 عاماً وما فوق، من 6.7 عمليات لكل ألف امرأة في عام 2008 إلى 9.2 عمليات لكل ألف امرأة في عام 2018.
وكشفت الإحصاءات أيضاً عن إجراء 1،267 عملية إجهاض لدى فتيات لم يبلغن 16 عاماً (0.6 % من المعدل الإجمالي) في عام 2018. وبين هؤلاء، 363 فتاة لم يصلن سن الـ 15 عاماَ (0.2 % من المجموع).
وعموماً، انخفض معدل الإجهاض بين الفتيات دون سن الـ 18 عاماً خلال عقد من الزمن. ونُفذت تسع من كل 10 عمليات إجهاض لحمل عمره أقل من 13 أسبوعاً، 80 % منها حالات حمل لم يُكمل أسبوعه العاشر، وهو رقم ظلّ ثابتاً خلال العقد الماضي. وجاء نحو 2 % من حالات إنهاء الحمل جراء إعاقة خطيرة.
إن أسباب زيادة معدل إنهاء الحمل لدى النساء الأكبر سناً في إنجلترا و ويلز معقدة، حسبما قالت كلير ميرفي، وهي تشتغل في الخدمة الاستشارية البريطانية للحمل التي تعتبر أكبر مُزود لخدمات الإجهاض في المملكة المتحدة. واضافت أن "خدمات منع الحمل المتاحة تركِّز على حاجات النساء الأصغر سناً، من ثم تجد النساء اللواتي تخطين الـ 25 عاماً أنفسهن مُستثنيات من البرامج التي تسمح بالحصول على موانع الحمل مجاناً من الصيدليات في الظروف الطارئة."
وتابعت ميرفي موضحة "ونظراً إلى أن كثيراً من النساء في المملكة المتحدة يعتمدن على حبوب منع الحمل والواقي الذكري كطريقتين رئيستين لمنع الحمل، فمن الأهمية بمكان توفر إمكانية الوصول بسرعة إلى سبُبل معالجة الحالات الطارئة، عندما تفشل الوسيلتين المذكورتين أو حين تنسى المرأة تناول حبوب منع الحمل".
وأشارت ميرفي إلى أن ثمة حاجة إلى تسهيل وصول الأمهات إلى الخدمات المتاحة في هذا المجال، مشيرة إلى أن الحمل غير المخطط له في السنة التي تلي ولادة طفل ليس أمراً غير مألوف، خصوصاً بين المرضعات. وزادت "مع ذلك، من الممكن أيضاً أن يتخذ الأزواج على المدى الطويل قرارات مختلفة حول حجم الأسرة وعدد الأطفال الذين يمكنهم تحمل نفقاتهم ويشعرون بأنهم قادرون على العناية بها بشكل صحيح".
وانتهت كلير ميرفي إلى القول إن "سياسة إنجاب طفلين فقط صُمِّمت للتأثير في عملية صنع قرار الإنجاب، ونحن بالتأكيد على دراية بالحالات التي شكّلت فيها هذه السياسة عاملاً مؤثراً في اتخاذ المرأة قرار إنهاء الحمل الثالث غير المخطط له".
© The Independent