فاز حسن شيخ محمود الأحد برئاسة الصومال للمرة الثانية في انتخابات طال انتظارها شهدها البلد المضطرب الواقع في منطقة القرن الأفريقي والذي يواجه تمرداً إسلامياً وخطر المجاعة.
وبعد انتخابات ماراتونية تنافس فيها 36 مرشحاً، بث التلفزيون الرسمي وقائعها مباشرة، نال الرئيس الصومالي السابق حسن شيخ محمود 165 صوتاً، أي أكثر من العدد المطلوب للفوز في مواجهة الرئيس المنتهية ولايته محمد عبدالله محمد.
وشهدت مقديشو إطلاق نار احتفالاً بفوز حسن شيخ محمود الذي يأمل كثر في أن يضع انتخابه حداً لأزمة سياسية مستمرة منذ أكثر من عام بعد انتهاء ولاية محمد عبدالله محمد الملقب فارماجو في فبراير (شباط) 2021 وعدم انتخاب خلف له.
وأعلن رئيس الغرفة السفلى في البرلمان، شيخ عدن محمد نور، المعروف باسم شيخ عدن مادوبي، "فوز حسن شيخ محمود في الانتخابات الرئاسية في جمهورية الصومال الاتحادية".
لهجة تصالحية
وسبق أن تولى حسن شيخ محمود الرئاسة من 2012 حتى 2017. وإثر إعلان النتائج، أدى شيخ محمود القسم الرئاسي، وألقى خطاباً اعتمد فيه لهجة تصالحية.
وأثنى الرئيس الجديد في خطابه على "وقوف الرئيس بجانبي"، مشدداً على "ضرورة المضي قدماً"، مشيداً بإنجاز الاستحقاق الذي طال انتظاره.
من جهته، قال فارماجو "أرحب هنا بأخي حسن شيخ محمود وأتمنى له التوفيق في مهمته"، مؤكداً "التضامن" معه.
وقد حذر شركاء الصومال الدوليون مراراً من أن تأخير الاقتراع الناجم عن الاقتتال السياسي يُمثل إلهاءً خطيراً عن القتال ضد المتمردين المرتبطين بالقاعدة الذين يقاتلون لإطاحة الحكومة منذ أكثر من عقد.
ومع إدلاء النواب بأصواتهم في ظل إجراءات أمنية مشددة داخل خيمة، في مجمع المطار المحصن في مقديشو، سُمع دوي انفجارات، في مؤشر إلى هشاشة الوضع الأمني في البلاد التي شهدت في الأشهر الأخيرة هجمات متزايدة لـ "حركة الشباب" الإسلامية.
لم تجر الصومال انتخابات تقوم على مبدأ صوت واحد لشخص واحد منذ 50 عاماً. وتتبع الانتخابات نموذجاً معقداً غير مباشر، يختار بموجبه المشرعون في الولايات ومندوبون عن العشائر نواب البرلمان الوطني الذين يختارون بدورهم الرئيس.
تحديات كثيرة
وقالت المديرة التنفيذية لمركز هيرال للأبحاث ومقره مقديشو سميرة غايد في تصريح لوكالة الصحافة قبل الانتخابات إن الأسماء التقليدية لها الأفضلية في التصويت.
وقالت "الأشخاص لن يختاروا وجوهاً جديدة، هم سيختارون بالتأكيد وجوهاً قديمة، أشخاصاً يعرفونهم، أشخاصاً يشعرون بأنهم أكثر ارتياحاً لهم".
وتعهد محمود، وهو أول رئيس صومالي يفوز بولاية رئاسية ثانية، تحويل الصومال إلى "بلد ينعم بالسلام ومتصالح مع العالم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكنه سيرث من سلفه تحديات كثيرة، لا سيما الجفاف الحاد الذي يجعل خمسة ملايين من أبناء البلاد عرضة لخطر المجاعة.
وحذرت وكالات الأمم المتحدة من كارثة إنسانية ما لم تُتخَذ إجراءات مبكرة، حيث تخشى تكرار مجاعة 2011 التي أودت بـ260 ألف شخص، نصفهم أطفال دون السادسة.
كذلك، ستتعين على الرئيس الجديد معالجة تداعيات أشهر من الفوضى السياسية جراء التناحر الداخلي، سواء داخل الحكومة أو بين الحكومة المركزية وسلطات الولايات.
وقال عمر محمود، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، "إنه حقاً عام ضائع بالنسبة للصومال". وتابع "هذه الانتخابات التي طال انتظارها أثارت الانقسام. المصالحة هي التحدي الأكثر آنية".
خسارة مساعدات
تُواجه الدولة التي تتراكم عليها الديون أيضاً خطر خسارة قدرتها على الوصول إلى حزمة مساعدات لمدة ثلاث سنوات بقيمة 400 مليون دولار (380 مليون يورو) من صندوق النقد الدولي، يُتوقع أن تنقضي مهلتها تلقائياً بحلول منتصف مايو (أيار) ما لم تتولَّ السلطة حكومة جديدة بحلول هذا الموعد.
وطلبت الحكومة تمديد المهلة ثلاثة أشهر حتى 17 أغسطس (آب)، بحسب صندوق النقد الذي لم يرد على الطلب بعد. يعيش أكثر من 70 في المئة من سكان الصومال على أقل من 1,90 دولار في اليوم.
ولطالما حذر المجتمع الدولي الحكومة الصومالية من أن الفوضى السياسية في البلد سمحت لحركة الشباب باستغلال الوضع وتنفيذ هجمات متكررة وواسعة النطاق.
وأسفر تفجيران انتحاريان في مارس (آذار) عن مقتل 48 شخصاً في وسط الصومال بينهم نائبان محليان.
في وقت سابق من هذا الشهر، أدى هجوم على قاعدة تابعة للاتحاد الأفريقي إلى مقتل 10 من قوات حفظ السلام البوروندية، وفق جيش بوروندي. وهذا أعنف هجوم على قوات الاتحاد الأفريقي في البلاد منذ 2015.
وسيطرت حركة الشباب على مقديشو حتى 2011 عندما طردتهم قوة الاتحاد الأفريقي، لكنهم ما زالوا يسيطرون على مناطق شاسعة في الأرياف.