سببت خسارة "فتح" المدوية وغير المسبوقة في حجمها لانتخابات مجلس الطلبة بجامعة بيرزيت، موجة من الغضب والإحباط في صفوف كوادر الحركة، مما دفع عدداً من قياداتها إلى الاستقالة، في ظل دعوات إلى استخلاص جدي للدروس.
وبفارق عشرة مقاعد خسرت كتلة "الشبيبة" التابعة لحركة "فتح" لصالح كتلة "الوفاء"، وهي الجناح الطلابي لـ"حماس"، في واحدة من أكبر الجامعات الفلسطينية، وتوصف بأنها "باروميتر" للرأي العام الفلسطيني.
استقالات
وإثر الهزيمة، قدم أمين سر "فتح" في رام الله والبيرة، موفق سحويل، وعدد من قيادات الحركة في المحافظة استقالاتهم. وأعلن سحويل تحمله "المسؤولية الكاملة عن الخسارة"، وطالب بتشكيل لجنة تحقيق في ما حصل.
وقال سحويل إن "فتح" امتلأت بـ"الدخلاء والمرتزقة"، مشيراً إلى أن "كوادر في الحركة، وضباطاً كباراً في المؤسسة الأمنية ومسؤولين رفيعي المستوى في السلطة الفلسطينية أبناءهم وبناتهم يعملون كوادر في الكتلة الإسلامية".
مساءلة داخلية
ودعا أمين سر اللجنة المركزية لـ "فتح"، جبريل الرجوب، إلى مساءلة داخلية ومحاسبة ذاتية بسبب خسارة الانتخابات، مضيفاً أن ذلك سبب "الغضب والإحباط في صفوف أبناء الحركة".
وفي إشارة إلى أن علاقة "فتح" بالسلطة الفلسطينية كانت السبب وراء الهزيمة، قال الرجوب إن "الحركة التي تقود المشروع الوطني الفلسطيني لا يجب أن تدفع ثمن أخطاء السلطة"، داعياً إلى أن تكون "فتح على يسار السلطة".
وأشار الرجوب إلى ضرورة استخلاص العبر من نتائج الانتخابات، لكنه شدد على أن ذلك "لن يكون على حساب الخيار الديمقراطي باعتباره نهجاً استراتيجياً جينياً لقيادة حركة فتح".
تدمير الحالة الفلسطينية
بدوره، أرجع ناصر القدوة، القيادي السابق في "فتح"، الذي فصلته قيادة الحركة منها بسبب تشكيله قائمة مستقلة للانتخابات التشريعية، الهزيمة إلى "تدمير المجموعة المتحكمة في النظام السياسي للحالة الفلسطينية ككل".
وقال القدوة، "إن الأصوات التي حصلت عليها حماس لم تأت تأييداً للحركة، لكنها جاءت عقاباً للمجموعة المتحكمة بحركة فتح وإجراءاتها التي تم رفضها من شعبنا".
واتهم القدوة "المجموعة المتحكمة وأدواتها بإفساد الحياة الطلابية، وإدخال تقاليد بعيدة من العمل النقابي الصحيح وعن الروح النضالية للحركة الطلابية، خصوصاً الفتحاوية منها".
وأوضح القدوة، الذي يترأس "الملتقى الوطني الديمقراطي"، أن "تلك المجموعة لا تهتم بما حدث، وبأنها ضد الديمقراطية والانتخابات أصلاً"، مستبعداً "إجراء إصلاحات، بل المزيد من الإمعان في السياسات والمواقف نفسها".
ودعا القدوة إلى "النضال من أجل استعادة حركتنا العظيمة من خاطفيها، واستعادة دورها الطليعي النضالي القائد للحركة الوطنية"، مضيفاً أن ذلك "سينعكس على كل المجالات بما في ذلك بالطبع على الحركة الطلابية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
رفض وجود السلطة
في السياق ذاته، أرجع الباحث السياسي، معز كراجة، هزيمة حركة "فتح" في انتخابات جامعة بيرزيت إلى "تنامي شريحة عريضة في الجيل الجديد للفلسطينيين ترفض وجود السلطة الفلسطينية، وتعتبرها نقيضاً لمشروع التحرر الوطني"، مضيفاً أن تلك "الشريحة غير المؤدلجة تسعى إلى التخلص من السلطة، وليس إلى إصلاحها فقط".
واستبعد كراجة إمكانية استعادة حركة "فتح" لجماهيرتها بين الفلسطينيين "بسبب سيطرة الفئة المتنفذة في السلطة على الحركة والتصاقها بها"، مضيفاً أن الحركة "ستبقى على حالها من التشرذم والانقسام والتراجع في الشارع الفلسطيني".
وأشار كراجة إلى أن الاستقالات داخل الحركة "لن تؤدي إلى أي نتيجة، وأن قيادة فتح لن تستخلص العبر من أخطائها، لأنها خسرت الانتخابات مرات عدة ولم تفعل شيئاً".
وأضاف كراجة، أن هناك "تعارضاً بين نهج السلطة الفلسطينية وبين حركة فتح عليها معالجته إذا أرادت إصلاح نفسها، وفقاً لنبض الشارع الفلسطيني وتوجهاته الوطنية".