Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الوحدة اليمنية" منجز تاريخي أصبح إشكالا!"

اتسمت ذكرى المناسبة هذا العام بالهدوء بين أفرقاء العمل السياسي بعد أن جمعهم "المجلس الرئاسي""

لا سبيل أمام اليمنيين للخروج من أزمتهم إلا بالوحدة (أ ف ب)

تحل الذكرى الـ32 لعيد الوحدة اليمنية في ظل متغيرات سياسية كبرى على الصعيد الوطني متزامنة مع ارتفاع صوت المطالبة بـ"فك الارتباط" وإعادة تركيبة الدولة الواحدة إلى ما قبل 21 مايو (أيار) 1990 احتجاجاً على ما آلت إليه الأوضاع بعد دمج الجمهورية العربية اليمنية (الشمالية) وجمهورية اليمن الديمقراطية (الجنوبية) في مشروع "دولة الوحدة" الذي حمل اسم الجمهورية اليمنية.

وهو الصوت الذي تتبناه عدد من التيارات السياسية الجنوبية وعزز من حضور صداه الحرب الدائرة في البلاد منذ ثماني سنوات بين الشرعية اليمنية وميليشيات الحوثي القادمة من أقاصي الشمال اليمني التي يشكل عمقها الجغرافي التاريخي ومخزونها البشري لتنفيذ مشروعها المسلح المدعوم من إيران والمتمثل في إقامة دولة ولاية الفقيه المستنسخة من النظام الإيراني.

فكثير من أبناء المحافظات الجنوبية الذين التحقوا بقوى الحراك الجنوبي الذي اندلع في عام 2007 باحتجاجات سلمية وفعاليات مدنية على يد الضباط المسرحين شكلوا النواة الأولى للاحتجاج الشعبي ضد مشروع الوحدة يرون أن خيارات الشراكة في دولة واحدة باتت منعدمة جراء حالة الازدواج التي تعتري طبيعة تركيبة الدولة وإدارتها يعززها التهميش في الوظيفة والهوية التي يتهمون بها القوى الشمالية ذات التركيبة الاجتماعية القبلية، حتى جاء الاجتياح الحوثي للعاصمة صنعاء وباقي المحافظات الأخرى التي منها عدن (عاصمة الجنوب السابقة) لتصيب الوحدة، وفقاً لمراقبين، في مقتل. 

ودخل جنوب اليمن وشماله في وحدة اندماجية في 22 مايو عام 1990، بعد ماراثون طويل من المفاوضات بين الدولتين "تتويجاً لمبادئ ثورتي 26 سبتمبر (أيلول) 1962 ضد حكم الأئمة في الشمال، و14 أكتوبر (تشرين الأول) 1967 ضد الاحتلال البريطاني في الجنوب" خلصت إلى اتفاق بين رئيس الشطرين حينها، علي عبد الله صالح (شمال)، وعلي سالم البيض (جنوب) غير أن "الإنجاز الوطني" الذي ظل يحلم به اليمنيون تحول إلى كابوس بفعل خلافات حادة بين قيادات الائتلاف الحاكم، وتزايد الشكوى الجنوبية مما يصفونه "سياسات التهميش والإقصاء والإلغاء الممنهجة" التي تمارسها سلطات صنعاء، ودخول مسؤولي البلدين ممثلين بالحزبين الحاكمين "المؤتمر الشعبي العام" يسانده "حزب الإصلاح" ذو المرجعية الإخوانية، والحزب الاشتراكي اليمني، إلى إعلان الحرب الأهلية التي استمرت قرابة شهرين صيف عام 1994، وانتهت باجتياح القوات الشمالية لعدن وباقي المحافظات الجنوبية تحت شعار الشرعية والحفاظ على اللحمة الوطنية ومجاهدة المد الشيوعي بفتاوى دينية لا تزال تثير الجدل والسخط الجنوبي حتى اليوم.

هدوء "التأييد" و"المناوئة"

لا تزال الدعوات الانفصال قائمة، ولكن هذه المرة بصوت منخفض مقارنة بالفترة الماضية، بفضل التوافق الذي أحدثه أخيراً، تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في 7 أبريل (نيسان) الماضي وفق مرسوم للرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، برئاسة رشاد العليمي الشمالي وعضوية سبعة آخرين يشكلون طيف المكونات اليمنية بمن فيهم عيدروس قاسم الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تأسس 2017 ويتبنى علناً، خيارات فك الارتباط وبات صاحب الصوت الأعلى في هذا الجانب خصوصاً وهو من يحكم قبضته على العاصمة المؤقتة عدن إضافة إلى مناطق جنوبية أخرى. 

ففي حين جرت العادة أن تشهد هذه المناسبة تظاهرات جماهيرية مؤيدة باعتبارها "اليوم الوطني" في بروتوكول المناسبات الوطنية وأخرى مناهضة ترى فيها "يوماً مشؤوماً" حد وصف المناوئين، لم تشهد عدن هذا العام أي احتفالات أو تظاهرات سواء مؤيدة أو مناوئة وهو ما يفسر حالة التوافق الشكلي على الأقل التي أحدثتها تركيبة المجلس الرئاسي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفيما احتفل الانتقالي بالمناسبة على نحو هادئ ولم يحشد لتظاهرة "فك الارتباط"، كما ظل يفعل، جاء احتفاء الأطراف المؤيدة للوحدة بهدوء أشد حتى على مستوى البيانات والمواقف الرسمية، وهو أمر على خلاف المزاج الشعبي الذي بدا قطاع واسع منه ممسكاً بالوحدة، وعبر عن ذلك بشعارات و"هاشتاغات" حفلت بها مواقع التواصل الاجتماعي.

تساؤلات المرحلة

حالة التوافق التي تتخللها تساؤلات المرحلة عما بقي في الوحدة اليمنية ومدى إمكانية صمودها أمام رياح التشظي التي تتهدد النسيج اليمني في بعديه السياسي والاجتماعي فضلاً عن مشكلات انهيار الدولة وصراعات الهوية، جاءت كلمة رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي جامعة، هنأ فيها اليمنيين بالمناسبة التي أحدث إعلانها عام 1990 "تحولاً جوهرياً في كياننا السياسي، متوجاً سنوات من وحدة الأهداف والنضال المشترك ضد الحكم الإمامي، والاستعمار الأجنبي"، وفق قوله، لتفسر حالة الارتباك العام أمام التحديات الماثلة التي يقع "مشروع الوحدة" على رأسها.

وترجع حالة الارتباك إلى المتغيرات السياسية التي ترافقت مع ذكرى المناسبة هذا العام، بانتقال السلطة إلى مجلس رئاسي توافقي، عاد أخيراً، ليباشر مهامه الجديدة من الداخل اليمني في عدن التي يحكم المجلس الانتقالي سيطرته الأمنية عليها، ومنها ألقى رئيس المجلس الرئاسي خطابه المتلفز بالمناسبة.

وبدا العليمي بلغة حذرة حاولت إيجاد ترجمة مشتركة وملبية لجميع ممثلي مجلسه الذي يتنافر في توجهاته، ويجمعه عداء الحوثي، ولهذا ركز في خطابه على واحدية الهدف ضد المشروع الإيراني ممثلاً في ميليشيات الحوثي، كما كان واضحاً تجنبه كلمة "الوحدة" حتى لا يثير حنق الانتقالي وأنصاره الذين يرون ذكرها استفزازاً لهم، واستعاض عنها بكلمة "التوحد"، حتى وإن دار حول الكلمة فإنه يعود في كل فقرة للتطرق لمعاني التوحد وقيمته، ومتجنباً للمصطلح الصريح.

وحذر من أنه "من دون الاتحاد سيكون علينا جميعاً انتظار مصير بلدنا، الذي تحدده التدخلات الأجنبية التوسعية للنظام الإيراني"، مضيفاً: "التغلب على هذا الواقع المرير يتطلب الوفاق والتلاحم والاصطفاف"، ولهذا جاء "مجلس القيادة الرئاسي ليجسد رسالة سلام وعزم على تحقيق إرادة شعبنا".

عدن... خطوة للتوحد

وفي مسعى لما يمكن وصفه محاولة الترضية جراء تهم التهميش التي يرددها أبناء عدن، تطرق العليمي إلى المدينة "التي نوليها اهتماماً خاصاً"، وهي ذات الخطابات التي تكررت مع كل بيان رئاسي حيث يحاول المجلس إرسال رسائل طمأنة لانتشال المدينة من وضعها الصعب الذي ضاعفه تردي الخدمات وانهيار العملة والتوتر الأمني وتهيئة عدن لمرحلة جديدة تتحسن فيها الخدمات

ويستقر الوضع الأمني، وتكون المحافظة نموذجاً يخفف الاحتقان الحاصل في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها بشكل عام.

ورغم هذه التحديات، فإن خطاب العليمي من عدن ومن خلفه علم اليمن الموحد وشعاره الجمهوري يمثل خطوة متقدمة عدها مراقبون تتويجاً لمرحلة جديدة في مسار البلد الواحد امتداداً لأكثر من 30 عاماً من الوحدة التي أعلنت فيها ورفع علم الدولة من ساحتها، إذ ظلت المدينة التي تتوسد سلسلة جبلية شاهقة وتنام على سواحل لمّاعة تطل على بحر العرب، حكراً على المجلس الانتقالي وأنشطته التي تتوشح بعلم الدولة الجنوبية السابقة على الرغم من قرار الرئاسي باعتبارها العاصمة المؤقتة للبلاد بدلاً من صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، مع اتهامات بمنع الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي والحكومة من العودة إليها.

مباركات إقليمية ودولية

خطاب العليمي تزامن مع مواقف إقليمية ودولية مهنئة بالذكرى وداعمة لوحدة الصف اليمني في وجه التحديات.

وتلقى رئيس المجلس الرئاسي برقيات تهان من العاهل السعودي وولي عهده، وسلطان عمان، والرئيس المصري، إضافة إلى الأمين عام للأمم المتحدة، وفقاً لوكالة الأنباء الرسمية سبأ.

في المقابل، جاء موقف المجلس الانتقالي الجنوبي أكثر ارتباكاً بين ضغط الجماهير التي قطع لها وعوداً بتبني خيار "فك الارتباط واستعادة الدولة"، كما كانت تردد شعاراته خلال السنوات الماضية، والتزامات تعيين رئيس المجلس عيدروس الزبيدي عضواً في مجلس الرئاسة، بدعم ومباركة السعودية والإمارات، اللتين تراهنان على نجاح المجلس وانتشال الملف اليمني من حالة الموات والإخفاق الذريع.

ووفقاً لمراقبين، جاءت احتفالات الانتقالي الجنوبي كإسقاط واجب أمام قواعده الشعبية وأنصاره، ربما نتيجة قرار من قيادة المجلس المشارك في مجلس الرئاسة والحكومة، تزامناً مع خفوت ملحوظ لنبرة فك الارتباط لدى الشارع الجنوبي الباحث عن الخدمات الأساسية بغض النظر عن الكيان السياسي الحاكم.

واكتفى الانتقالي بحفل فني وسط حضور جماهيري محدود في عدن، شهد حضور قادة في هيئة رئاسة المجلس وممثلين عن دوائره في مديريات عدن، تخلله كلمات تضمنت تأكيد التمسك بما وصفوه "الأهداف الرئيسة لإعادة دولة الجنوب".

وشهدت مدينة عتق مركز محافظة شبوة (جنوب شرقي اليمن) والحوطة في لحج (جنوب)، والمكلا حضرموت (شرق)، وأرخبيل سقطرى، تظاهرات لحشود رفعت الإعلام الجنوبية، وهتفت بشعارات تطالب بالانفصال، وإخراج القوات الشمالية مما بقي من محافظات جنوب البلاد

فيما حياً المجلس الانتقالي في بيان لهيئة رئاسته "الحشود التي قال إنها خرجت لتعبر عن الإرادة الصلبة لشعب الجنوب وتمسكه بحقه في استعادة دولته وتقرير المصير".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير