تمكن أربعة صيادون على سواحل جبلة بريف اللاذقية غرب سوريا من اصطياد سمكة عملاقة من الأنواع النادرة يُطلق عليها اسم "المولا مولا" المعروفة بـ "شمس المحيط" وأحياناً "سمكة القمر"، في إشارة إلى شكلها المستدير، وذلك أثناء مرورها قبالة السواحل السورية، وعُرضت للبيع بمزاد علني بعد نقلها برافعة ضخمة، إذ يصل وزنها إلى حوالي طن واحد.
وأثار اصطياد تلك السمكة من الفصيلة النادرة زوبعة من الاستياء بين الناشطين من دعاة حماية الحياة البحرية، بخاصة أنها من الأسماك التي لا يُستفاد منها غذائياً وغير مجدية اقتصادياً، وتحتوي على نسبة قليلة من اللحم السام، إذ جاء في بيانات الهيئة العامة للثروة السمكية أن جلدها تصل سماكته إلى 15 سنتيمتراً "والسموم الموجودة فيها من أنواع التترادوتوكسين، كما أنها تشبه سمكة البالون التي يمنع تداولها".
وشرح أستاذ علوم البحار في المعهد العالي للبحوث البحرية بـ"جامعة تشرين" الدكتور أمير إبراهيم أهمية السمكة العملاقة وحياتها، لا سيما وأنها من الأسماك المحلية والنادرة وغير المهاجرة، كما أنها غير مستهدفة من قبل الصيادين، مشيراً إلى أنه "سبق وعُثر عليها خلال شهر أبريل/نيسان من عام 2005 في المياه المقابلة لمنطقة الكورنيش الجنوبي لمدينة اللاذقية، ثم في يوليو/تموز 2006. ويمتلك معرض التنوع الحيوي في المعهد العالي للبحوث البحرية بجامعة تشرين نموذجاً محنطاً لها منذ عام 2005 ما زال يُعرض حتى اليوم". وأضاف أستاذ علوم البحار أن "تلك السمكة تنتشر في كل البحار الدافئة ومنها البحر الأبيض المتوسط، وتشكل أسراباً عندما تكون فتية وتتحول لتعيش منفردة عند البلوغ". وتابع، "تقضي معظم وقتها مستلقية بالقرب من سطح الماء حيث يعيش في جلدها ما يزيد على 40 نوعاً من الطفيليات تتغذى عليها الطيور البحرية لتخلص السمك منها".
الـ"مولا مولا" والتوازن البيئي
في غضون ذلك، تعددت الآراء حول هذا الصيد الذي عدّه بعضهم ثميناً، واستقبل نبأ اصطياد السمكة العملاقة بالتهليل لقدرة الصيادين وتمكنهم من انتشالها وهي بهذا الحجم، بينما استهجن معظم الناس هذا التصرف ورأوه تدميراً للثروة السمكية والحياة البحرية، لا سيما أن المعلومات الواردة من جمعية الصيادين باللاذقية أكدت بيع السمكة بثمن بخس لا يتجاوز الـ 100 ألف ليرة سورية، أي قرابة 25 دولاراً.
ويعزو المتخصصون الأمر إلى كون هذا النوع من اللحوم يحتاج إلى عناية فائقة في الطهي لما فيه من السميّة.
في المقابل، عاين المدير العام للهيئة العامة للثروة السمكية عبداللطيف علي وفريق من المتخصصين سمكة شمس المحيط لأخذ قياساتها وتقدير وزنها وتوثيقها في السجلات العلمية.
ونوّه بيان للهيئة نشر على صفحتها الرسمية إلى ضرورة عدم صيد هذا النوع من الأسماك لضمان التوازن البيئي، كونها تتغذى على قناديل البحر والرخويات والأسماك، والالتزام بالقرارات الخاصة بالصيد ومنها عدم صيد الأسماك دون الحجم المسموح، وإلا ستكون تحت طائلة المصادرة مع المساءلة القانونية بحق أصحابها ومن يتداولها، مع التأكيد على عدم صيد سمكة الـ "مولا مولا" كونها سامة.
أخطار في مواجهة "شمس المحيط"
وإذا كان اصطياد السمكة النادرة بمثابة خسارة لا تعوض بالنسبة إلى البيئة البحرية، فإن أستاذ علم البحار الدكتور أمير إبراهيم يوضح أسباب استسلامها لشباك الصيادين، ويعتقد تأثرها بالملوثات السائلة الطافية من المواد النفطية والنفايات الصلبة العائمة في البحر، خصوصاً الأكياس البلاستيكية التي تخطئ بها السمكة كونها تشبه غذائها المفضل من قناديل البحر، فتعلق بجهازها الهضمي وتسبب موتها.
ويضيف إبراهيم أن "تلك العوامل إضافة إلى ارتفاع درجة حرارة المياه الناتج من تغيرات المناخ وضعف مقدرة السمكة على الهجرة والهرب إلى أماكن أكثر ملائمة، وضعتها في قائمة الأنواع الحساسة المعرضة للانقراض، بحسب تصنيف الاتحاد الدولي لصون الطبيعة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويأتي ذلك على الرغم من القدرة التكاثرية العالية، إذ يمكن لسمكة من هذا النوع بطول 1.5 متر أن تعطي 300 مليون بيضة في السنة الواحدة، ووفق حديث الدكتور إبراهيم فإن السمكة تنتمي إلى مجموعة الأسماك السامة التي غالباً ما يحتوي لحمها سموماً مركزة ذات تأثير على الجهاز العصبي للمستهلك، لكنها تعد وجبة شهية في بعض دول جنوب وشرق آسيا بعد إزالة سمومها.
وزاد، "نسبة اللحم القابل للاستهلاك فيها قليلة بسبب انضغاط الجسم وزيادة سماكة الجلد الذي يمكّن الصيادين من السيطرة عليها بسهولة لضعف قدرتها على المناورة، وهي بالتالي لا تشكل أي تهديد مباشر للصيادين".