زيارة نادرة لملكة إسبانيا إلى موريتانيا فما الهدف من وراءها؟

حظيت موريتانيا بأول زيارة لملكة إسبانيا دونيا ليتيسا إلى دولة مغاربية وأفريقية منذ تتويجها عام 2014، تلبية لدعوة من السيدة الأولى الموريتانية مريم فاضل، وبدأت الثلاثاء، وتستمر ثلاثة أيام. وعلى الرغم من أن الزيارة تحمل طابعاً إنسانياً واجتماعياً، إلا أن نواكشوط تأمل من ورائها في تعزيز العلاقات الثنائية.

البحث عن موطئ قدم

ربما كانت التغيرات الجيوستراتيجية في منطقة الساحل الأفريقي وتراجع النفوذ الفرنسي، بالتزامن مع ظهور أطماع روسية تمثلت في ظهور عناصر من شركة الأمن الخاصة "فاغنر" ذات الصلات الوثيقة بالكرملين، ما لفت انتباه إسبانيا التي يحدوها الأمل في استعادة مكانتها بأفريقيا التي خسرتها منذ عقود.

ويرى الباحث في الشأن الإسباني الربيع أدوم أن "تلك الزيارة ربما تؤسس لبداية علاقات جديدة مع موريتانيا، ومن خلالها تصل مدريد إلى دول الساحل، وذلك بتنفيذ المشاريع التنموية، وهي الذراع الإنسانية للعلاقات الخارجية الإسبانية".

واستحوذت قضايا مكافحة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا وتعزيز مكانة المرأة الموريتانية على جدول الزيارة المعلن، إذ تمثل نواكشوط صمام أمان يحول دون إغراق إسبانيا بالمهاجرين، بخاصة أن شواطئ موريتانيا المطلة على الأطلسي تُغري أبناء دول جنوب الصحراء بالانطلاق من أراضيها صوب جزر الكناري الإسبانية.

كما تحتل قضايا الإرهاب مكانة خاصة في سلم أولويات إسبانيا الخارجية، وتأمل مدريد في بناء شراكة فاعلة مع نواكشوط لتأمين أراضيها من الموت الآتي من الجنوب.

ويرى الصحافي الموريتاني المقيم في إسبانيا محمد الأمين خطاري أنه على الرغم من الطابع الاجتماعي للزيارة، إلا أنه لا يخفى الاهتمام الإسباني المتزايد بموريتانيا، تحديداً في ما يتعلق بقضايا الإرهاب والهجرة، وكذلك الشق الاقتصادي يبدو حاضراً في جدول الزيارة، بخاصة أن لدى الدولة الأوروبية شركات مهتمة باستغلال الغاز الذي ستبدأ موريتانيا إنتاجه مطلع العام المقبل.

قضايا المرأة في الصدارة

وتتصدر قضايا تمكين المرأة قائمة أولويات الملكة الإسبانية خلال مقامها في نواكشوط، إذ تابعت قصص نجاح لطالبات في كلية الطب، حكين مسار تحدّيهن من أجل التخصص في بيئة ظلت حتى وقت قريب حكراً على الذكور.

كما زارت مركزاً لضحايا العنف القائم على النوع، وتابعت عرضاً حول نشاطاته ومساهمته في تقديم الرعاية اللازمة والدعم في مختلف الجوانب للضحايا.

المشروع الممول من المملكة الإسبانية يهدف إلى مواجهة العنف على أساس النوع من خلال استراتيجية شاملة، تُعنى بالجوانب الصحية والنفسية والأمنية، والحق في الوصول إلى العدالة.

الفرصة الموريتانية

وعلى الرغم من الطابع غير الرسمي الذي ظهر من خلال الابتعاد عن اللقاءات الرسمية والتصريحات الصحافية، إلا أن السلطات الموريتانية تأمل في أن تؤسس هذه الزيارة لمرحلة جديدة من العلاقات مع أقرب جار أوروبي لأفريقيا، ربما تفضي إلى شراكة قوية تتكامل فيها مقومات البلدين لخلق تعاون تحتاجه المنطقة التي تهددها تحولات كبرى يشهدها العالم منذ فترة.