أعلنت وزارة الداخلية البريطانية أن الرحلة الأولى إلى رواندا التي ستنقل طالبي لجوء لم يسمح لهم بدخول المملكة المتحدة، من المقرر أن تغادر منتصف يونيو (حزيران).
وبدأ المسؤولون عن هذا الملف إرسال إخطارات نهائية إلى أول مجموعة من الأشخاص الذين سيتم ترحيلهم إلى الدولة الواقعة في شرق أفريقيا، وذلك بموجب مخطط ترحيل جديد مثير للجدل، وصفه ناشطون بأنه "غير عقلاني" و"غير قانوني".
وعلم أن وزارة الداخلية أبلغت في وقت سابق من مايو (أيار) الماضي، عشرات الأشخاص، بأنه يجرى النظر في موضوع ترحيلهم، وتقوم في الوقت الراهن بتوزيع إخطارات الترحيل عليهم. وأكدت الوزارة أن المسؤولين يعملون على ضمان حصول الأفراد على "المساعدة المناسبة" قبيل مغادرتهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقد جرى تحديد موعد الرحلة الأولى في الرابع عشر من يونيو، على الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا سيكون جميع الأفراد الذين تلقوا الإخطارات، على متن الطائرة. وتعد إشعارات الترحيل آخر عقبة إدارية في مسار عمليات الإبعاد، علماً بأنه يمكن للأشخاص الذين يتلقونها الطعن فيها أمام المحكمة.
وأوضح "المجلس المشترك لرعاية المهاجرين" Joint Council for the Welfare of Immigrants (مؤسسة خيرية تُعنى بعدالة قوانين الهجرة والجنسية واللاجئين)، أن هناك أكثر من 12 لاجئاً سورياً من بين الأفراد الذين جرى إبلاغهم بأنه سيتم ترحيلهم في الرابع عشر من يونيو.
وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل قالت إنه "فيما ندرك تماماً أننا سنرى محاولات إحباط لعملية الترحيل وتأخيرها، لن أسمح لأي شيء بأن يحيدني عن هذا المسار، وسأظل ملتزمة التزاماً كاملاً للوفاء بما يتوخاه منا الرأي العام البريطاني".
في غضون ذلك، تهدد منظمات عدة بمقاضاة وزارة الداخلية في شأن سياسة الإبعاد. وتقول صونيا سيتس، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة "التحرر من التعذيب" Freedom from Torture (تقدم الرعاية العلاجية للناجين من التعذيب الذين يسعون إلى الحصول على الحماية في المملكة المتحدة) الخيرية، التي تتخذ إجراءات قانونية ضد سياسة الحكومة أمام المحكمة "في وقت ما زالت فيه مسائل قانونية جدية تنتظر التدقيق القضائي، يبدو هذا الإعلان تباهياً من جانب رئيس الوزراء اليائس، هدفه صرف انتباه الرأي العام عن الشكوك الدائرة حول مدى أهليته لمواصلة قيادة الدفة في بلادنا".
وأضافت "نرحب بالدعم الشعبي القوي لخططنا الرامية إلى تحدي المخطط الاستعماري الجديد الذي يأخذ عنوان (الأموال في مقابل البشر)، والتأكد من أن تبقى المملكة المتحدة ملاذاً آمناً للأفراد الفارين من التعذيب والاضطهاد".
وتقول بيلا سانكي، مديرة منظمة "ديتنشن أكشن" Detention Action (منظمة غير حكومية تقدم مشورة للمهاجرين الذين هم قيد الاحتجاز)، وهي أيضاً إحدى المؤسسات التي تلوّح باتخاذ إجراءات قانونية ضد مخطط الحكومة "يا لها من طريقة للاحتفال باليوبيل البلاتيني في عطلة نهاية الأسبوع، من خلال إبلاغ الناجين من التعذيب والعبودية الذين قطعوا آلاف الأميال للوصول إلى بر الأمان، بأنه سيجرى ترحيلهم ليكونوا فريسة دولة ديكتاتورية وقمعية".
والجدير بالذكر أن وزيرة الداخلية باتيل كانت قد أعلنت في أبريل (نيسان) الماضي، عما وصفته بأنه مخطط "رائد ومبتكر على المستوى العالمي" مع حكومة رواندا، جرى الاتفاق عليه مع بريطانيا التي تتحمله بتكلفة مسبقة تبلغ 120 مليون جنيه إسترليني (نحو 151 مليون دولار أميركي).
وسيتم بموجب هذه الصفقة، ترحيل طالبي لجوء إلى رواندا ليتم النظر في وضعهم. وإذا ما وفقوا، فسيكونون مؤهلين لتسوية وضعهم هناك، فيما سيتم منح غير المؤهلين منهم، فرصة التقدم للحصول على تأشيرة إقامة بموجب طرق الهجرة الأخرى، إذا كانوا يرغبون في المكوث في رواندا، علماً بأنهم يبقون عرضة للترحيل.
الوزيرة باتيل قالت من جانبها إن "شراكتنا الرائدة على المستوى العالمي مع رواندا تشكل جزءاً أساسياً من استراتيجيتنا لإصلاح نظام اللجوء في المملكة المتحدة الذي يتعرض لعراقيل، وكسر نموذج أعمال مهربي البشر الأشرار".
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، كان قد أشار في وقت سابق إلى أن عشرات الآلاف من الأشخاص يمكن أن يتم نقلهم جواً إلى رواندا بموجب المخطط، لكن نائب رئيس الوزراء دومينيك راب، أوضح أن عدد هؤلاء "من المرجح أن يكون بالمئات".
وتنص توجيهات وزارة الداخلية البريطانية على وجوب تطبيق المسار الجديد على طالبي اللجوء الذين يكونون "غير مستوفين لشروط" البت في أمرهم داخل المملكة المتحدة، وأولئك الذين وصلوا باستخدام قوارب صغيرة أو عبر ما تسميها الحكومة طرقاً "خطرة" أو "غير قانونية" بعد مطلع يناير (كانون الثاني).
ويشمل ذلك الأشخاص الذين يصلون على متن قوارب صغيرة، وكانت لديهم صلة بدولة آمنة أخرى غير المملكة المتحدة أو وطنهم الأم.
أما تعريف الصلة (بدولة أخرى) فيشمل الأفراد الذين جرى الاعتراف بهم على أنهم لاجئون في دولة ما، أو كانوا قد سافروا عبرها، أو تقدموا بطلب لجوء إليها، استناداً إلى الأمثلة الواردة في إرشادات وزارة الداخلية. أو أنه كان متاحاً لهم تقديم طلب إلى ذلك البلد "على أساس ميزان الاحتمالات" (اقتناع المحكمة بحدوث ذلك بناءً على أدلة واحتمالات قوية)، أو "قاموا بتمضية أسبوعين في بروكسل من خلال الإقامة مع أصدقاء لهم"، وهؤلاء تنطبق عليهم المعايير الموضوعة.
تجدر الإشارة إلى أن "المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة" UN Refugee Agency (UNHCR) كانت قد أعربت عن معارضتها سياسة الترحيل البريطانية، معتبرةً أنها "تتهرب من الالتزامات الدولية، وتتنافى مع نص (اتفاقية اللاجئين) Refugee Convention وروحيته".
ولفت مسؤولو المفوضية إلى أنه لا يوجد التزام قانوني دولي يفرض على اللاجئين طلب اللجوء في "أول دولة آمنة يصلون إليها"، وهي حجة رئيسة من الحجج التي بنيت عليها سياسات الحكومة البريطانية في هذا المجال.
يشار أخيراً إلى أن في التوجيهات الصادرة -التي جرى تعميمها في ما يتعلق بالتهديد باتخاذ جمعيات خيرية مؤيدة للاجئين إجراءات قانونية ضد الحكومة- أكدت وزارة الداخلية أيضاً أن رواندا "هي دولة آمنة لنقل المهاجرين إليها"، على الرغم من أن التقييم الذي تم إجراؤه قبل الاتفاق أورد "تسجيل بعض المخاوف في شأن حقوق الإنسان في رواندا" بالنسبة إلى المعارضة السياسية للنظام الراهن، والمنشقين عنه، وحرية التعبير في البلاد".
نشرت انبدندنت هذا المقال في 1 مايو 2022
© The Independent